18/4/2005

فى مشهد حزين ودعت محافظة الشرقية قبل الامس ثمانية من أبنائها الـ 27 الذين غرقوا اثناء محاولتهم العبور الى أرض الأحلام ” إيطاليا ” فغامروا بحياتهم للحصول على فرصة عمل لائقة وحياة كريمة ويرى مركز الأرض أن حادثة الطيور المهاجرة بقرى محافظة الشرقية لا تختلف كثيراً عن حوادث أخرى للانتحار والعنف فى مصر ولم يكن تفجير حسن بشندى فى نفسه بمنطقة الحسين بالازهر والذي أسفر عن قتل ثلاثة أجانب وعدد أخر من المصابين الأسبوع الماضى ذلك الشاب الذى لم يتجاوز عمره عشرون عام الذى يعطف على أمه ذو القلب الأخضر والمتفوق فى دراسته وبحسب اعلان وزارة الداخلية لم يكن أحد أعضاء التنظيمات الارهابية أو السياسية المعروفة وأنه كان ضحية الانترنت انها نفس القضية الانتحار والفقد ولكن من نوع أخر !!! قصص متكررة لضحايا شباب فقدوا الثقة فى أوطانهم وتمردوا على واقع يستحيل فيه بناء مستقبلهم أو النهوض بمجتمعاتهم “فقرروا الانتحار كلاً بطريقته ” وذلك بعد أن حرمت الحكومة الناس من فرص الحياة الكريمة بسبب سياستها المؤدية للافقار والتهميش وتشريد العمال وغلق المصانع وطرد الفلاحين من الارض وتدنى أوضاع الخدمات العامة فى السكن اللائق أوالرعاية التعليمية والصحية أوالمشاركة فى الحياة العامة أو اهانة المواطنين بأقسام الشرطة أو اعتقال الالاف منهم لمدد تزيد عن عشر سنوات ، هكذا تغلق الابواب ويصاب الناس بالاحباط وينفجرون أو ينتحرون لا فرق ما دام الوطن لا يستوعب أحلامهم وطموحاتهم.

وفى زيارة لمركز الارض لقرية طحلة بسردين مركز الزقازيق خيم الأسى على الأهالى وأسر الضحايا المفقودين وهم محمد حسين عبد الغنى ( 32 عام ) وأيمن عيسى سليمان ( 30 عام ) ومحمد محمد محمود عبد العزيز ( 29 عام ) وأحمد عبد الفتاح ( 36 عام ) ومحمد عبد الباسط عبد العظيم ( 25 عام ) وفى مقابلة مع المركز تناثرت القصص والحكايات عن مغامرات الغرقى وأحلامهم وكيف باعت الأسرة والأهل الأرض والبيوت واستدانوا لتوفير مبلغ الـ 15 ألف جنيه كثمن لموت شباب القرية والتى دفعت مقدما لسماسرة الموتً لتحقيق حلم الوصول الى عالم أخر بديل وحياه لائقة أخرى توفر فرصة العمل والأجر العادل ومركز الأرض يؤكد وطبقاً لتقارير صحفية أن شواطىء الجماهيرية الليبية اصبحت ملجأ للمئات من الشباب المصرى بأعتبارها الملاذ الأخير للهجرة من الوطن الذى ضاق بأبنائه وتشير تقارير اخرى أنه بينما حوالى ربع مليون مهاجر مصرى الى ايطاليا الا ان حوالى 100 الف مصرى منهم محتجز فى سجونها وطبقاً لتقارير باحثى مركز الارض من قرية كفر أبو كامل مركز الزقازيق حيث تحكى أسرة الشاب الحالم رضا محمد عبد الوهاب ( 26 سنة ) انه بعد أن ترك زوجته وطفله سافر عمه حسن عبد العظيم الى ميناء مصراته بليبيا لاستلام جثته – كيف ودعهم الوداع الأخير قبل ركوبه مركب الموت بخمس ساعات ومن قرية نشوى بمركز الزقازيق تحكى أسرة الشاب الفقيد محمد جمعه بسيونى كيف استدانوا مبلغ عشرين الف جنية لتحقيق حلم ابنهم الغالى بالسفر الى ايطاليا ” العالم الأخر الأفضل للعمل اللائق والحياة الأمنة “. كما كان يذكر دائماً لأهله .

وبقرية بيشة عامر مركز منيا القمح أصاب اسرة الفقيد حسين رمضان يونس 31 سنة الذهول بعد سماعهم الخبر حيث رفضوا الحديث عن مأساتهم وفقدانهم زهرة شباب القرية بعد أن استلموا جثته وتم دفنها بمقابر القرية 0 ومركز الأرض اذ ينعى أسر الضحايا الـ 27 الذين سافروا ضمن قارب واحد من مصراته بليبيا وكانوا متوجهون الى ايطاليا ومات منهم تسعة اشخاص .وجارى البحث عن 18 آخرين ومازالت القرى الثلاث بمحافظات الشرقية تسبح فى حكايات محزنة عن مغامرات المفقودين الذين تسلموا جثثهم أو الذين مازال البحث عنهم جاريا بمياه البحر المتوسط .

ومن جانب أخر وطبقاً لتقارير باحثى مركز الارض من قرية ابراش وهى قرية أخرى من محافظة الشرقية بمركز منيا القمح يحكى الاهالى عن هجرة 11 شاب من القرية الى ايطاليا عن طريق الجماهيرية الليبية بحثا عن لقمة العيش بعيداً عن الوطن الذى لفظهم بعد أن استدانوا لدفع قيمة السفر لسماسرة الموت مبلغ 12 الف جنية لكل فرد يدفع 6 الاف جنيها مقدماً فى مصر و6 الاف جنيها أخرى فى ليبيا ومنها الى ارض الاحلام ” اوروبا” حيث العمل والربح وبعد مرور الأيام فقد أهالى قرية ابراش ابنائهم وهم الان فى انتظار سماع أخبارا عنهم .وشباب ابراش المفقودين هم :أحمد عادل السيد بيومى (28 سنة) حاصل على ليسانس آداب متزوج ولدية طفل يبلغ من العمر 5 سنوات ،هيثم خليل توفيق متزوج وله ابن 4 سنوات وهو أكبر شقيقاته الخمس ،محمد عادل الخولى متزوج وله طفلة صغيرة ،اسلام عبد الحميد فريد ( اعزب )، عادل ابراهيم عبد الجواد مدرس بمدرسة مشتول الصناعية وله ثلاثة اطفال ، علاء رفعت محمود ( اعزب )،أحمد خضرى عبد الصادق ( اعزب ) ،أحمد السعيد الحسينى ( اعزب )،وليد سيد أحمد ( اعزب ) ، أبو العلا يحي أبو العلا ( اعزب )،وأحمد عبد السلام(اعزب) 0

ويذكر (فريد عبد الحميد شقيق اسلام ) انه تقدم ببلاغ برقم 1433 لسنة 2003 ادارى مشتول السوق وتم التحقيق فيه ضد حسن حسنى سيد وشهرته مقلب هارب لانه قام بتسفير هؤلاء الشباب بشكل غير مشروع وصدر ضده حكم فى الجنحة رقم 5673 لسنة 2003 بالحبس عاما مع الشغل وغرامة 1000 جنيه .

ومن الشرقية الى الدقهلية وفى مقابلة مع باحثى المركز يوم السبت الموافق 15/4/2005 بقرية ميت ناجى حكى الأهالى مأساة شبابهم الذين حاولوا الهجرة الى ايطاليا بعد ان إستدانوا لتوفير قيمة مستلزمات السفر ومنهم من باع قطعة أرض كان يملكها ومنهم من رهن منزله الصغير الذى تقيم فيه الاسرة ومنهم من باع شبكة خطيبته ولكنهم كانوا شباب سيئوا الحظ (كما ذكرت احدى الامهات ) فانتقلوا من نار الى نار وتسأل الأهالى – ما مسئولية وزارة الداخلية والعمل والهجرة والخارجية عن مصير وحياة 41 من شباب هذه القرية فقدوا خارج الوطن ؟ حيث أكدت والدة أحمد وياسر محمود عبد الله ( ياسر 28 سنة وأحمد 25 سنة ) وأنهم ذهبوا للعمل بعد أن ضاقت بهم الحياة هنا بعد تخرجهم وجلوسهم عاطلين بدون عمل لمدة ست سنوات وأكدت الأم أن أولادها أحياء حيث أنها تسمع صوتهم بالتليفون كل فترة مؤكدين لها إنهم فى سجون مالطة وقالت ذهبت الى وزارة الخارجية ولكنهم كانوا يقولون لا نعلم شيئاً عن اولادك إنهم أموات وتقول فى النهاية الى من نذهب ونتكلم ؟ ” وقالت الام فى حرقة نريد أن نعرف الحقيقة حتى ترتاح قلوبنا “.

أما والد أحمد عطية الشحات فأكد أن ولده يحمل شهادة بكالوريوس علوم وعنده 28 سنة ومتزوج وله ولد يسأل كل يوم عن والده ولا نعرف ماذا نقول له أو لمن نتوجه ؟ ويؤكد عم أحمد أيضاً أن احمد إتصل به وقال أنه فى سجون إيطاليا أو مالطة لا يعرف… واما أهل تامر محى محمد يقولون إنه حاصل على معهد فنى صناعى وعمره 26 سنة مؤكدين إنه يتصل بهم كل فترة ولكن لا يعرفون من أين يتصل وأغلب الظن حسب ما يقولوا انه محبوس فى أحد السجون وقالت امه ياحبيبى مين يفك سجنك .

أما أهل عبد الحميد أمين أحمد متزوج وله ولد وبنت وعنده 30 سنة وتؤكد والدته أنه إتصل بها وقال لها إنه فى سجن بعيد فى ايطاليا او فى جزيرة وعليه حراس فى كل مكان فبمن نستغيث ليخرجوا ابنائنا من محبسهم ؟ أما أهل ياسر عويس محمد (30 سنة متزوج ولديه ولد وبنت ) ومحمود سليمان على (28 سنة ولديه طفل عنده ثلاث سنوات ) قالوا إنهم يتصلون بهم ولكن لا يعرفون من أين يتحدثون . أما أحمد السعيد محب (20 سنة ومعه دبلوم صنايع ) يؤكد اهله أنه أتصل بهم يوم 27/2/2005، 7/3/2005 من مالطة وقال لهم ان شباب القرية كلهم بخير ولكن لا يستطيع ان يذكر لهم من اين يتكلم لأن هناك حرس شديد عليه ويمكنهم ان يقتلوه وتقابل باحثى المركز مع غالبية اهل المفقودين وهم ” رضا اسماعيل عبد الله ومحمود جلال حامد وماهر على الشناوى ومحمد فتحى شعبان وأحمد محمد عباس ونبيل أحمد عباس وأشرف محمد عباس وأحمد سعد محى عبد الكريم وقد أكد اهاليهم جميعاً انهم بخير بناء على اتصالات أبنائهم بهم والموجودين فى سجون مالطة .او ايطاليا او جزيرة اخرى بعيدة لا يعرفونها ولكنهم سيعودون فى يوماً ما .

وفى مقابلة للمركز مع أحد الناجين الأربعة بالقرية (رضا محمد يوسف ) وكان رافضاً تذكيره بالمأساه التى عاشها . قال خرجنا من بلدنا يوم 3/12/2003 قاصدين السفر الى ليبيا ومنها الى إيطاليا كما اتفقنا مع المدعو (وصفى أحمد محى ) الذى رتب كل شىء وفى ليبيا تم تجميعنا كلنا فى غرفة واحدة وكنا 50 شخصاً لمدة 45 يوماً حتى موعد السفر وفوجئنا بشحننا على زورقين صغيرين وحاول بعضنا الاعتراض لان الاتفاق اننا سنسافر فى مركب كبير وفوجئنا بمن يشهر سكين فى جانبه وتهديده بالركوب والا سيقتلوه ويلقوا به فى البحر وركبنا وقالوا لنا أن السفر لمدة 18 ساعة فقط وبعد يوم فى البحر فوجئنا بامواج عالية تأخذ الذورق عاليا مسافة 30 أو 40 متراً ثم تهوى به فجأة فى قلب الماء فكنا كما القشة تقزفنا الأمواج يمينا ويساراً وهكذا صار الحال مدة 5 أيام وفى اليوم السادس ألقى أحد الركاب بنفسه فى المياه وفى اليوم الثامن حدث عطل بموتور الزورق وأصبح مصيرنا فى يد الأمواج التى تأخذنا يمينا ويساراً .

ثم بدأنا نفقد عقلنا من شدة الجوع والعطش والامواج العالية والأهوال الاخرى فبدأ بعض الأشخاص يرمون أنفسهم فى البحر تخلصا من هذا الجحيم . وفى اليوم الحادى عشر وجدنا سفينة بعيدة جداً فأشعلنا النار فى قميص أحدنا كى يرونا ولكن الرياح أتت بالنيران على جراكن البنزين الموجودة معنا فانفجر الزورق وقفز كل من فيه فى عرض البحر وعندما عدت لوعى وجدت نفسى مع أربعة من زملائى على متن سفينه قالوا انها روسية قامت بإنقاذنا ووجدنا أنفسنا فى مستشفى مالطة وقابلنا القنصل المصرى وعدنا لمصر وبدأت رحلة عذاب أخرى فى مصر ومن قسم الى ترحيلات الى حجوزات أخرى الى قسم أخر مع كم غير عادى من الاهانات لمدة 8 أيام أخرى وفى الحقيقة انا لا اعرف أى شىء عن الذورق الأخر الذى كان يحمل 25 فرد من القرية … وقد نجا من الموت كلاً من رضا مدكور – ووائل محمود الجوهرى وأحمد مصطفى ويذكر احد هؤلاء الناجين انه قد نما الى علمه وجود قرية بمحافظة الفيوم يطلق على حواريها ومقاهيها اسماء ايطالية يتمركز فيها سماسرة الهجرة .

ويرى المركز أن حكايات القرية والفقر والحلم بعودة المفقودين والحديث معهم ورؤيتهم فى المنام والامهات الحزانى والاولاد والزوجات والاخوات هى حكايات عن الغريب والمفقود وحلم الامل بالعودة القريبة هو حديث لا يستطيع الباحث أن يميز فيه بين الحقيقة والخيال بين الحلم والواقع .

وعلى الرغم من تحذيرات المركز فى تقريره الصادر فى 1/3/2004 بعنوان “ابناء قرية ميت ناجى يبحثون عن طوق النجاه ” وتقدمه بشكاوى الامهات والاهالى لوزارة الخارجية لمعرفة مصير هؤلاء الشباب رأفة بقلوب الامهات والزوجات والاولاد الذين اصبحوا على وشك الجنون لدرجة ان الباحث يشعر فى احيان كثيرة انهم يحكون عن شخص ليس مفقود ولكنه فى مكان قريب جداً من البلده أو فى قرية مجاورة وتحس أن كل الحكاية ودون مبالغة هى حكاية خيالية وتعتقد بعض الاحيان أن الغائب حاضر وان المفقودين سيعودون قبل رحيل بعثة مركز الارض من القرية وعلى جانب أخر فان وزارة الخارجية والداخلية والعمل حتى الان لم تتحرك على مستوى المأساة الا اذا كان دفع الشباب المصرى الى الموت والضياع هربا من الوطن بطرق غير شرعية وبواسطة سماسرة دوليين لا يعنى هؤلاء المسئولين والشئ المؤسف أن بعض الوزارات تلقى بالعبئ والمسئولية بعيدة عنها ففى تصريح مستفز لوزير القوى العاملة فى مؤتمر امام مجلس محلى الاسكندرية عقد يوم 15/4/2005 عن ” توفير فرص العمل ” ذكر سيادته حول دور الوزارة فى موضوع الهجرة غير الشرعية بانها مسئولية الجهات الأمنية ووزارة الداخلية ونسى سيادته بأن هؤلاء الشباب المصريين المهاجرين والهاربين الى خارج البلاد بطرق غير شرعية حتى لو دفعوا حياتهم ثمنا كان بسبب العمل الذى هو وزيره ! والا لماذا يهرب سيادة الوزير الشباب بشكل غير شرعى الى خارج البلاد وهم يعلمون ان المغامرة يمكن ان تحرمهم من حق الحياه ؟

ويتساءل مركز الأرض لحقوق الإنسان من المسئول إذاً عن تلك الكوارث ومن دفع بهؤلاء الشباب للمغامرة حتى لو ضحوا بحياتهم فى سبيل الحصول على فرصة عمل ؟!
ويطالب مركز الارض من جديد السادة أعضاء مجلسى الشعب والشورى باعادة فتح هذا الملف لاتخاذ خطوات عملية نحو وقف تدفق المفقودين والهاربين إلى الضياع والموت عبر السماسرة الدوليين 0
وكما يطالب المركز بأن توضع مشكلة البطالة ومشكلات الشباب المصريين على رأس أولويات الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدنى حتى نستطيع حماية شبابنا من الموت والانتحار .

ومن جانبه فان مركز الارض يتقدم بشكاوى اسر المفقودين والضحايا الى وزير الداخلية والخارجية والعمل والتأمينات الاجتماعية للبحث عن المفقودين وتعويض أسر الضحايا كفالة لحقوقهم فى المواطنة وحرية التنقل والمساواة والامن الاجتماعى .

—————————————————
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org