8/3/2007

فى إطار أنشطة مرصد حالة الديمقراطية ، تابع المرصد إنتخابات الطائفة الإنجيلية ، التي جرت في الأربعاء الموافق السابع من شهر مارس 2007 ، وتم فيها إنتخاب رئيساً للطائفة من بين إثنين مرشحين وهم القس صفوت البياضى رئيس الطائفة الحالى ومنافسة القس د. مكرم نجيب راعى الكنيسة الإنجلية بمصر الجديدة.

كما جرت المنافسة على منصب نائب رئيس الطائفة و نائبين بين أربعة مرشحين وهم القساوسة أندرية زكى ، وسليمان صادق ، وجورج شاكر ، وكمال فرج ، وقد جرت الانتخابات فى الساعة 4.30 من مساء الاربعاء 7/3/2007 فى مكتب رئيس الطائفة القس صفوت البياضى حيث اجتمع المجلس الملي المكون من سبعة عشر عضوا” ، لأختيار رئيس الطائفة ونائبه.

ومن الجدير بالذكر أنه لأول مرة يعلن المجلس الملي للطائفة الإنجيلية عن الإجراءات التنظيمية لإنتخابات وحدد فيها مواعيد لفتح باب الترشيح ، من 15 يناير الى 31 يناير 2007 ، وقد حدد مدة الأسبوع الأول من فبراير للتنازلات ، بعدها أجتمع المجلس يوم 16/2/2007 لفحص الطلبات وبرامج العمل التى قدمها المرشحين ، ثم حدد ميعاد الإنتخابات يوم 7/3/2007 ، جاءت شروط الترشيح كالتالي وقد حددت شروط الترشيح لمنصب الرئيس ونائبه كالآتي:

1. أن يكون المرشح مصريا.
2. أنجيلي المذهب مشهود له بالكفأة مع تقديمه برنامج للنهوض بالطائفة وتطوير الأساليب الإدارية للعمل داخل الكنيسة.
3. لم تصدر ضده أحكام جنائية ، أى ليس لديه سوابق.
4. أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية.

وكان من المفترض أن يجرى التصويت بين 18 عضو للمجلس الملي الذى توفى منهم شخص ، وعلى هذا سيجرى التصويت بين 17 عضو ، وكان من المعتاد فى السابق أن يجتمع المجلس فى إجتماعه العادى فى مارس ويتم الترشيح ، ثم تجرى الإنتخابات مباشرةً ، ولكن الإعلان عن الإنتخابات وتحديد إجراءات تنظيمية لها هو ما شجع المرصد على متابعة تلك الانتخابات نظرا” لما لها من أهمية ، فربما تكون الطائفة الإنجيلية من المؤسسات الدينية القليلة بل وربما تكون الوحيدة التى تجرى فيها الإنتخابات.

وقبل التعليق على أحداث الإنتخابات ، سيستعرض المرصد أولا” نبذة تاريخية ومعرفيه عن الطائفة الانجيلية وشكلها التنظيمي وكيفية إدارة الإنتخابات بها :

1. إصطلاح كنيسة إنجيلية عادة يطلق على كل كنيسة ليست قبطية أرثوذكسية أو كاثولكية في مصر ، ويرجع بداية تاريخ العمل الإنجيلى فى صورته الحالية فى مصر الى عام 1633 عندما جاء بيترهيلينج إلى مصر ، ومكث أكثر من عام ، وتكونت أول كنيسة من سبعة أعضاء عام 1860 ، وجاء أول أعتراف بالكنيسة الإنجيلية في مصر كطائفة في الفرمان الذي أصدره السلطان عبد الحميد في نوفمبر 1850 ، وقد أعترف الفرمان بالانجيلية كطائفة ، وصدر قانون خاص بهم في أول مارس 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي.

2. يوجد 16 مذهب للطائفة الإنجيلية ، وأهم هذه المذاهب المشيخية والتى لها 450 كنيسة وأعضاء كل كنيسة فى المتوسط حوالى 300 عضو، أى أن أعضاء هذا المذهب حوالى 135000 من 160000 هم أجمالي أعضاء الطائفة ، والكنيسة المشيحية لها نظام محكم نقلته عن الكنيسة المشيخية الألمانية ، وكل كنيسة مشيحية من ال 450 يرأسها قسيس يتم إنتخابه بالأضافة إلى أربعة مشايخ مساعدين له ، ويتم تقسيم الكنائس المشيخية الى 8 مجامع وهم مجمع القاهرة ، الدلتا ، الاقاليم الوسطى ، المنيا ، ملوى ، والاقاليم العليا ، وفى كل مجمع يختار رئيس ونائب له كل سنة ، والكنيسة المشيخية هى الكنيسة الوحيدة فى الطائفة التى يجرى فيها الإنتخابات ، على عكس المذاهب اللأخرى فى الطائفة الانجيلية ، فمثلا مذهب الإيمان رئيس مجمعه يستمر مدى الحياة ، وكذلك مذهب النعمة الرسولية ، المجلس الملي الذى ينتخب رئيسه ونائبه فى 7/3/2007 من المفترض أن عدد أعضائه 18 توفى منهم شخص.

3. تمثل الكنيسة المشيخية بـــ 12عضو وعضوه للكنيسة الهولندية والباقي للمذاهب الأخرى مثل النعمة الرسولية والإيمان ، والمرشحين على منصب الرئاسة والنائب من الكنيسة المشيخية.

4. المنافسة على منصب الرئاسة بين القس صفوت البياضى ، وقد حاول مراقب المرصد الأتصال به ولكنه رفض الحديث عن الإنتخابات ، والقس مكرم نجيب راعى الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة ، الذي لم يتمكن المرصد من الإتصال به ، وقد أدخل القس صفوت البياضى تعديلات على اللائحة ، وصفها أنصاره والراغبين فى الإصلاح والتحديث داخل الكنيسة الإنجيلية بالإيجابية ، حيث حدد مدة الرئيس بفترتين كل مدة بـ 8 سنوات ، كما سمحت اللائحة بوجود المرأة فى المجلس الملي ، وستحضر السيدة فوزيه فهيم عياد المجلس الملي الذي سينتخب الرئيس ونائبه ، ويفتخر أنصار القس صفوت بدخول المرأة لأول مرة فى تاريخ المجلس الملي ، وتحديد فترة الرئيس بمدتين بعد أن كانت مفتوحة ، وأعلن البياضي انه سيأتي اليوم الذي يكون لدى الطائفة رئيس سابق ، وقد طالب القس صفوت تحديد سن للمرشحين ، لكن المجلس رفض وأعتبر أن فى ذلك عدم تقدير للقساوسة الكبار ، ود. صفوت وأنصاره فى رؤيتهم أن تلك التعديلات ، تفتح الباب أن يكون الرئيس ونائبه قسيسا أو علمانيا ، رجلا أو إمرأة كما أستعرض أنصاره الإنجازات التى تمت فى عهده وهى عبارة عن الحصول على تصاريح لبناء وترميم كنائس فى فترة رئاسته والتي لم تحدث فى أى فترة أخرى ، وتفعيل دور مجالس رؤساء المذاهب الإنجيلية ، كما يحلم القس صفوت وأنصاره بإحداث ثورة كنيسة ضد الافكار التقليدية واقامة كنيسة الامم بمعنى كنيسة واحدة لكل المذاهب.

5. على الجانب الآخر كان القس مكرم نجيب راعى كنيسة مصر الجديدة قد أجرى إتصالات مكثفة ، مع المعارضين ورجال الكنائس التي أنشقت على القس صفوت البياضي ، في إطار حشد اكبر عدد من الأصوات فى مواجهته ، وأنتقد القس مكرم سيطرة البياضي على الكنيسة الإنجيلية ، وأنتقد هيمنة الكنيسة المشيخية على الرغم من انتمائه لها على المجلس الملي ، عبر تمثيلها بأكبر عدد من المقاعد ، كما أتهم القس البياضى بالإنفراد بالقرار داخل الكنيسة الإنجيلية ، مما دفع بعض الكنائس إلى الأنفصال عنها ، ومن أبرزها كنيسة القداسة ، وكنيستى النعمة و الخمسينيه ، وأشارت بعض الدوائر إلى أن البياضى قد يواجه عقبات شديدة من بعض الرافضين للأفكار الإصلاحية داخل الكنيسة ، وقد هدد البعض بالتظاهرأمام المجلس الملي لمطالبته بترك منصبه الحالي قبل الإنتخابات بأيام ، وللمطالبه بعزل القس جرجس مسعود نائب رئيس الطائفة نظراً لكبر سنه ، وعدم رضاء كثير من القساوسة في الطائفة عن أسلوب ادارتة في العمل.

6. كما وردت تصريحات صحفية للقس كمال فرج ، المرشح لمنصب نائب رئيس الطائفة ، أنتقد فيها قلة عدد أعضاء المجلس الملي الإنجيلى الذين يحق لهم إنتخاب رئيس الطائفة ونائبه ، مما يسهل من عملية التأثير عليهم من قبل المرشحين ، مشيرا” لتمتع معظم المرشحين المتنافسين معه على منصب النائب بعلاقة قرابة أو مصالح شخصية مع أعضاء المجلس الملي ، لافتا” لعلاقة المصاهرة بين المرشح أندريه زكى بعضو المجلس عادل توما ، وأيضا المرشح جورج شاكر شقيق عضو المجلس الياس شاكر ، وأتهم معظم المرشحين لمنصب الرئيس والنائب بتبادل إحتكار المناصب الكنسية ، لافتا” لحيازة كل هذة الأسماء للأكثر من موقع ومنصب إما في الكنيسة أو في مؤسسات تعليمية أو اجتماعية تابعة لها ، مما قزم من منصب رئيس الطائفة ، و أنتقد عدم قيامه بالملاحقة القانونية لعدد كبير من المنحرفيين داخل الكنيسة ، وتحديدا” القساوسة المشلوحين.

7. هذا وقد أعلنت نتيجة الإنتخابات في تمام الخامسة من مساء الأربعاء الموافق 7/3/2007 ، وأحتفظ القس صفوت البياضي بمنصب رئيس الطائفة الأنجيلية وحصل على 10 أصوات في مقابل 7 أصوات حصل عليها منافسه القس د.مكرم نجيب ، بينما فاز بمنصب النائب القس أندرية زكي وحصل على 11 صوت في مقابل 5 أصوات للقس سليمان صادق ، وصوت واحد للقس جورج شاكر ، بينما لم يحصل القس كمال فرج على أصوات ، وربما تكون تصريحاته الصحفية الساخنة والتي نوه عنها المرصد في تقريره التي هاجم فيها منافسيه والطريقة التي يدار بها المجلس الملي ، هو ما أستفز مشاعر القساوسة من أعضاء المجلس تجاهه.

ومرصد حالة الديمقراطية إذ يشيد بالتجربة الإيجابية لإنتخابات الكنيسة الأنجيلية ، التي يجرى فيها إنتخابات في جميع مستوياتها التنظيمية وخاصة في الطائفة المشيخية ، فقد تنافس على منصب الرئيس والنائب اكثر من مرشح وفق قواعد علنية ، وأعلن فوز رئيس الطائفة الذي أدخل تعديلات إيجابية على اللائحة الهدف منها تعميق التجربة الديمقراطية في الكنيسة الأنجيلية ، فعندما تتمتع المرأة بمقعد في المجلس الملي المنوط به إدارة شئون الطائفة في مجتمع يثار فيه جدل حول حق المرأة في تولي مناصب بحجة وجود موانع دينية ، وتحدد فيه مدة الرئيس بفترتين في الوقت الذي تؤبد فيه المناصب في جميع مؤسسات الدولة السياسية والحزبية والنقابية ، فإنها تجربة تستحق الإشادة أيا” كان التحفظات على بعض شروط الترشيح المبهمة ، مثل ضرورة تقدم المرشح ببرنامج للنهوض بالطائفة ، وهى عبارة فضفاضة تسمح برفض قبول أوراق أى مرشح من قبل المجلس الملي ، كما أن قصر الإقتراع على أعضاء المجلس الملي فقط يعد عائق للترشح والإنتخاب.

ومرصد حالة الديمقراطية يتمنى على المؤسسات الدينية الرسمية في مصر أن تحذو حذو الطائفة الأنجيلية ، بإعتماد آليات ديمقراطية لتداول المناصب فيها بما يسمح بتجديد الدماء في تلك المؤسسات الدينية التي أصاب بعضها الجمود ، وأصبحت بفتاويها وآرائها تمثل عائقا” أمام الإصلاح السياسي والديمقراطي في مصر.

مرصد حالة الديمقراطية