2/11/2006

في إطار أنشطة “مرصد حالة الديمقراطية في الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية”، تابع المرصد المراحل الأولية التي شملت فتح باب الترشيح والطعون لانتخابات النقابات العمالية {2006 – 2011}، ولانتخابات اتحادات الطلاب للجامعات المصرية {2006 – 2007}، والتي سوف يصدر عنهما المرصد تقارير أكثر تفصيلاً.

وقد شهدت تلك الانتخابات تدخلات إدارية وأمنية فجه من قبل أجهزة السلطة التنفيذية،بغية استمرار سيطرة عناصر تابعه للحزب الحاكم علي النقابات العمالية واتحادات الطلاب، وقد اسقطت تلك التدخلات الفجة ورقة التوت الأخيرة عن أي أوهام تروج عن رغبة الدولة في تحقيق إصلاح سياسي وديمقراطي،هذا إذا أضفنا تلك الممارسات، إلي القوانين سيئة السمعة التي مررتها الأغلبية البرلمانية التابعة للحزب الحاكم والتي تمس استقلال القضاء وحرية الصحافة، مع إحالة العديد من الصحافيين إلي المحكمة، والتدخلات الإدارية والأمنية في الانتخابات البرلمانية(2005)، واعتقال وهتك أعراض النشطاء المنتمين لحركات التغيير والمطالبين بالإصلاح السياسي، والمتضامنين مع القضاة في حركتهم الأخيرة المطالبة بإصلاح القضاء بإصدار قانون عادل يحقق استقلال السلطة القضائية فقد شاهد عام 2006 تراجعاً واضحاً فى ملف الإصلاح السياسي والديمقراطى، وفى ملف حقوق الإنسان فى مصر، اختتمت بتلك التدخلات التى مارستها أجهزة السلطة التنفيذية التابعة للحزب الحاكم ضد النقابات العمالية، والطلابية المستقلة والمعارضة لسياسة الحزب الحاكم، فى إدارة شئون التنظيمات النقابية للعمال واتحادات الطلاب بالجامعة، وهو ما يعد دليل واضح على نسف دعاوى الإصلاح السياسي والديمقراطي ،ويؤكد على إصرار الأجهزة التنفيذية التابعة للحزب الحاكم علي الاحتفاظ بجميع اوراق اللعبة السياسية فى يدها.

والمرصد يبدى ملاحظاته التالية على الانتهاكات والتدخلات التى مارستها أجهزة الدولة ضد راغبى الترشيح فى انتخابات النقابات العمالية واتحادات الطلاب:

أولاً : أن السلطة التنفيذية التابعة للحزب الحاكم تصر علي بسط سيطرتها علي المظلة النقابية، التي من المفترض أن تدافع وتحمي مصالح قطاعات حيوية في المجتمع المصري إذا ما سمح لها بحرية التشكيل والتكوين وإجراء انتخابات نزيهة وحرة وفقاً للمعايير الدولية تمكن تلك القطاعات من اختيار ممثلين يدافعون عن مصالحهم فى تنظيمات وروابط مستقلة وحرة، فالدولة لن تسمح أو تتسامح مع وجود أصوات معارضة لسياستها داخل التشكيلات النقابية الممثلة لقطاعات جماهيرية واسعة كالطلاب والعمال، فهي قد تسمح بوجود صحافة مستقلة نسبياً، وإجراء انتخابات رئاسية تعددية مقيدة، أو انتخابات برلمانية تحصل فيها المعارضة علي مائة مقعد، ولكنها لا تسمح بوجود تشكيلات نقابية تدافع عن مصالح تلك القطاعات الجماهيرية وتقدم رؤية بديلة لإدارة المؤسسات الطلابية والعمالية، مخالفة لرؤيتها فى وضع سياسات تعليمية للطلاب أو اقتصادية واجتماعية للعمال، وهو ما ظهر واضحاً وجلياً فى التدخلات التى مارستها أجهزة الدولة ضد راغبى الترشيح لانتخابات النقابات العمالية واتحادات الطلاب.

ثانياً : تفتح انتخابات النقابات العمالية والطلابية الباب أمام الحديث عن إهدار الحريات العامة فى المجتمع المصرى ، ومن أبرزها حرية الرأى والتعبير، وحرية تشكيل النقابات والجمعيات السلمية، والقيود المفروضة على الحق فى المشاركة السياسية، والحق فى التجمع السلمى.

وغياب تلك الحريات ساهم في تمكين أجهزة الدولة من ممارسة جميع أنواع التدخلات والانتهاكات ضد راغبى الترشيح، فى الانتخابات الطلابية والعمالية، من وضع إجراءات بيروقراطية مخالفة للقوانين تعيق تقدم أعداد كبيرة من المرشحين، مثل طلب شهادات بممارسة الأنشطة الطلابية لراغبى الترشيح لانتخابات اتحادات الطلاب أو شهادة من النقابات العامة بعضوية التنظيم النقابى، لراغبى الترشيح للنقابات العمالية، علي الرغم من مطالبات منظمات المجتمع المدني والرأي العام بإلغاء تلك القيود وصدور أحكام قضائية عدة تسقطها لمخالفتها للقوانين وللدستور، وفرض طوق أمنى والاعتداء على المرشحين لمنعهم من استخراج أوراق الترشيح أمام مقرات تقديم أوراق الترشيح، في النقابات العامة والجامعات المصرية، وشطب العديد من المرشحين المنتمين لتيارات سياسية ونقابية مستقلة ومعارضة، وممارسة العنف ضد من مارسوا حقهم فى التجمع السلمى والتظاهر اعتراضاً على القيود التى فرضتها تلك الأجهزة على المرشحين.

ثالثاً: أكدت جميع المظاهر المصاحبة لمراحل الأولي لإنتخابات النقابات العمالية والاتحادات الطلابية إلى الحاجة الملحة لمراجعة التشريعات المنظمة لعمل المجتمع المدنى فى مصر والتى تحكم عمله قوانين معيقة ومكبلة لحق تكوين وتشكيل تلك المنظمات، وتفرض جهات إدارة تابعة للسلطة التنفيذية تتدخل فى عمل منظمات المجتمع المدنى من(نقابات، أحزاب، تشكيلات، روابط،مؤسسات عمل أهلى)، والتى من المفترض أنها منظمات حرة ومستقلة يجب ألا تخضع للتدخل أو الوصاية من أى جهة حكومية،ويمثل القانون 35 لسنة 1976 المنظم لعمل النقابات العمالية، ولائحة 1979 المنظمة للعمل الطلابى داخل الجامعات أمثلة للتشريعات واللوائح التى أعطت لوزارة القوى العاملة ووزارة التعليم العالى سلطة التدخل فى إدارة شئون المنظمات الثقافية للعمال واتحادات الطلاب.

كما أن تلك التشريعات أهدرت مبادىء حرية الحق فى تشكيل العمال والطلاب لتنظيمات مستقلة خارج التنظيمات الرسمية التى يفرض عليها الحزب الحاكم سيطرته في مخالفة للمادة 56 من الدستور التي أكدت علي حرية تكوين وتنظيم وتشكيل النقابات، كما حرمتهم من الحق فى تعدد المراكز النقابية العمالية والطلابية، وهو ما يتنافى مع المواثيق والصكوك الدولية التى وقعت وصدقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة.

رابعاً: تشير نتائج المراحل الأولي من الانتخابات الطلابية والعمالية إلى تعاظم دور الأجهزة الأمنية وتغول سلطاتها على سلطات باقى أجهزة الدولة،وإصرارها على الإمساك بجميع الخيوط فى يدها فهى من تمنح وتعطى وتمنع ولا صوت يعلو على صوتها فى إدارة شئون تلك البلاد، وقد مارست دور فى شطب مرشحين بإعطاء تعليمات لقيادات الاتحاد العام للعمال والمسئولين عن الأنشطة بإدارة رعاية الشباب بالجامعات المصرية، فى منع إصدار شهادات الترشيح للطلاب المستقلين والمعارضين، بالإضافة إلى شطب كل ما يشتبه فى انتمائه إلى تيارات سياسية ونقابية مستقلة.

ومرصد حالة الديمقراطية إذ يعرب عن قلقه البالغ واستنكاره للانتهاكات التى مارستها الأجهزة الإدارية والأمنية للدولة ضد راغبى الترشيح فى انتخابات النقابات العمالية، والإتحادات الطلابية،يعتبر تلك الانتخابات باطلة حيث شابها التدخل من قبل الجهات الإدارية والأمنية، فى إنحياز واضح للمرشحين التابعين للحزب الحاكم، بعد شطب وإبعاد المرشحين المستقلين والمعارضين، كما يطالب المرصد بمراجعة التشريعات المنظمة للنقابات العمالية القانون 35 لسنة 1976 وإسقاط اللائحة 79 الجائرة المنظمة للعمل الطلابى، لمنع تدخل جهات إدارية تابعة للسلطة التنفيذية فى عمل النقابات العمالية وإتحادات الطلاب، ويطالب برفع يد أجهزة الأمن عن التدخل فى عمل منظمات المجتمع المدنى.

مرصد حالة الديمقراطية
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية