1/11/ 2009
“نحن فى حاجة إلى الصحافة لدعم دور الدولة وتفعيل دور الأجهزة الرقابية – الصحافة الحرة الجميلة وليست التى تنتهج مبدأ الإثارة لإظهار العيوب المجتمعية سواء فى الحكومة أو فى المواطن – ولازم يعرف المواطن أن سبب بلوته هو مواطن زيه وليست الحكومة.
الفلاحين الذين قاموا برى محاصيل الخضر والفاكهة بمياه الصرف الصحى والصناعى مسئولين عن تسمم مصر كلها، ولابد للصحافة أن تحارب هؤلاء الذين يسعون فى الأرض فسادا، لأنهم يضرون بصحة الشعب المصرى، وتصويرهم كمجرمين أجرموا فى حق الشعب كله، وليسوا ضحايا للنظام أو الحكومة المصرية. كما أننا فى الوزارة نعمل حاليا لوضع تشريع قانونى رادع لكى نعاقب به الفلاحين”.
هكذا بدأ وزير الرى والموارد المائية محمد نصر الدين علام حديثه لإحدى الصحف القاهرية اليومية بطريقة عفوية لا إنسانية، ليس فيها أى مراعاة لأبسط قواعد الأدب الصحفى أثناء الحوار عبر وسيلة إعلامية، ولا أدنى درجات المسئولية كونه وزيرا لكل فئات الشعب المصري.
حمل الوزير الفلاحين مسئولية تسمم الشعب المصرى كله، بل ووصفهم بأبشع وصف يمكن أن يوصف به إنسان على ظهر الكرة الأرضية، حين وصفهم بالإجرام بلا ذنب ارتكبوه، أو جرم فعلوه، فالذى قتل وسمم الشعب المصرى هو الحكومة المصرية – بتقاعسها عن القيام بدورها وتسترها على كل أشكال الفساد الذى أتى على الأخضر واليابس – والتى يتشرف معالى الوزير بالإنتماء لها، وبفضل عبقرية سياساتها حققت أعلى معدلات إصابة للسرطان فى منطقتنا العربية لمواطنيها، كون مصر مهددة بالدخول للمستوى الخامس والأخير ” المنطقة الحمراء” عام 2020 وفق تقسيم منظمة الصحة العالمية حيث سيكون معدل الإصابة 426 مواطن لكل مائة ألف نسمة.
بل واستمر الوزير فى هجومه الشرس على الفلاحين إلى حد أنه يعد قانونا يسجنهم به دون النظر فى الأسباب التى دفعتهم إلى ذلك.
ويتساءل مركز الأرض: هل نسى معالى وزير الرى أو تناسى أنه بالأساس من الشعب المصرى مواطن مصرى، فكيف يتهم ويصب جام غضبه على المواطن المصرى، حين أكد على أن “المواطن سبب بلوته هو مواطن زيه وليست الحكومة” وكأنه يحرض المواطنين المصريين على بعضهم البعض، وبكل بساطة يريد أن ينأى بأعضاء الحكومة المصرية عن تحمل المسئولية كاملة عن هذه الجريمة النكراء، التى ترتكب أولا فى حق الفلاحين أنفسهم كونهم يعملون فى بيئة غير صالحة وغير آمنة، تهدد حياتهم ومستقلبهم وتعرضهم للإصابة بالعديد من الأمراض الخطرة، وثانيا حرمانهم من أدنى حقوق أى مواطن فى العالم على حكومته، ألا وهى توفير خدمات البنية الأسياسية من مياه نظيفة وصرف صحى ورعاية صحية كى يحيا المواطن في أمان.
أيضا تجرأ الوزير المصرى على الفلاحين الذين هم أفقر فئة بالمجتمع المصرى، ويعيشون أدنى مستوى معيشى ربما فى العالم كله، رغم أن هذه الشريحة من المجتمع تنتج له ولعموم الشعب المصرى الغذاء الذى يحيا به، وتسهم فى تنمية الاقتصاد الوطنى بشكل مباشر من خلال المواد الخام الأولية التى توفرها الزراعة تمهيدا لدخولها فى عمليات التصنيع المختلفة.
ويشدد مركز الأرض على أن المشكلة بالأساس تسببت فيها جهات حكومية، ومن يقتل ويصيب الناس بالأمراض هم الحكومة بسلوكياتها المعيبة، التى تفتقر لأبسط قواعد الشفافية والمساءلة والنزاهة.
إضافة إلى تعدد المخالفات التى ترتكبها الحكومة فى إطار إتفاقية مكافحة الفساد، التى وقعت عليها الحكومة المصرية منذ عام 2003، ودخلت حيز التنفيذ سنة 2005، وبموجب هذه الإتفاقية ومن خلال بنودها الواحد والسبعين يمكن رصد مخالفات بالجملة تضع مصر فى موقف لا تحسد عليه.
ومركز الأرض إذ يؤكد على أن الوزير قد تناسى فضل الفلاح المصرى منذ فجر التاريخ وحتى الآن، وشوه ماضيه وحاضره، وأساء له أسوأ إساءة، ويعد تشريعا ليسجنه، يلفت الإنتباه إلى الواقع الأليم الذى يعيش فيه هؤلاء الغلابة من الفلاحين فى بيئة معيشية متردية، لا يمكن ولا يستطيع بأى حال من الأحوال، أن يتحملها معالى الوزير لبضع ساعات، ورغم ذلك يتحمل الفلاح ويصبر، وعنده أمل فى غدا أفضل.
ولعل هذا الأمل هو بمثابة القوة الدافعة للفلاح المصرى، تحثه دائما، وتدفعه لبذل أقصى ما عنده، رغم حزمة الظروف القاسية التى يعيش ويعمل فيها، تاركا وراءه كل هذه المهاترات غير المسئولة لأصحاب الياقات الحمراء والخضراء، الذين تعودوا على أن يأكلوا بملعقة من ذهب ويسكنون القصور ويركبون السيارات الفارهة.
وأخيرا يتوجه مركز الأرض بالتحية والتقدير لأجدادنا وآبائنا وأبنائنا من الفلاحين العظماء – الذين سطروا أروع ملاحم تاريخ مصر الحديث على جميع الأصعدة – أصحاب العزة والكرامة والكبرياء، فأنتم فخر مصر وشرفها، ولكن مصر غير التى فيها هذا الوزير.
فربما مصر الأخرى تكون على مرمى بصر منا جميعا، فلابد لقوى الطغيان والاستبداد أن تنجلى، وتشرق شمس مصر ، التى تفتخر دائما، وتسعد وتحافظ أبدا على مواطنيها، وتصون وتضمن صحتهم وسعادتهم، وتحقق لهم كل مقومات حقوق الإنسان، فى بيئة صالحة يسود فيها العدل، وتحترم فيها سواعد أبنائها السمر الفلاحين.
لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org