15/10/2006

في إطار أنشطة مرصد حالة الديمقراطية فى الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ، يتابع المرصد إنتخابات الدورة النقابية العمالية {2006 – 2011}،والتي تجري علي ثلاث مستويات من أسفل لأعلي. تبدأ باللجنة النقابية بالمنشأة ، فالنقابة العامة ، ثم الاتحاد العام لنقابات العمال ولكل مستوي تشكيلاته، و التى تعتبر الجمعية العمومية السلطة العليا فيها.

وقد حددت السيدة عائشة عبد الهادي “وزيرة القوي العاملة” تاريخ 12 نوفمبر 2006،لإجراء الانتخابات في المستوي الأول للجان النقابية بالمنشأة ، وستجري الانتخابات في يوم واحد ، وتعد دعوة السيدة وزيرة القوي العاملة لموعد الانتخابات بمفردها،تدخل فج وواضح من قبل الجهة الإدارية الممثلة في الوزارة في سلطة النقابات العمالية .

والتي من المفترض فيها أنها تنظيمات مستقلة وحرة، لا تخضع لوصاية وتدخل أجهزة حكومية، وهو ما ردده كثيراً رئيس اتحاد عمال مصر السابق السيد راشد ، أثناء دعايته لمرشح الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة لعام 2005.

وسيبدأ المرصد أعمال المراقبة الميدانية لإنتخابات النقابات العمالية في مراحلها الثلاثة في أكثر من موقع نقابي في محافظات القاهرة،والقليوبية،السويس،الدقهلية، الأسكندرية ، الغربية ، الفيوم ، المنيا قنا، أسوان ، وخاصة في المناطق الصناعية في تلك المحافظات ، والمرصد قبل بدء أعمال المراقبة الميدانية يبدي ملاحظاته التالية:

  • أولا: تجري الانتخابات العمالية في {2006 – 2011} في مناخ سياسي ومجتمعي مختلف عن سابقتها، بعد حالة من الحراك السياسي انتابت فعاليات المجتمع المصري ، من أنتشار الحركات المطالبة بالتغيير،وبعد أول أنتخابات تعددية رئاسية ، وبعد أنتخابات برلمانية أثارت الجدل ، وزادت من الحراك السياسي ، لعب فيها الإشراف القضائي ومراقبة منظمات المجتمع المدني دور مهم ، وحصلت قوي المعارضة ومن بينها جماعة الأخوان المسلمين،علي أكثر من مئة مقعد ، مما أدى إلى زيادة الحديث عن الحراك السياسي والمجتمعي ، وهي معطيات ستؤثر بلا أدني شك في سير انتخابات النقابات العمالية التي تمس القطاع الأكبر من المواطنين في مصر وهم عمالها.

  • ثانيا: تأتى تلك الانتخابات بعد الدورة النقابية {1996 – 2001}التي شاهدت واحدة من أسوأ الأنتخابات ، حيث باعد التدخل الإداري والأمني الفج من قبل أجهزة الدولة، بين تلك الانتخابات

    وبين المعايير الدولية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، فقد تعرض العديد من قيادات العمالية البارزة للفصل والندب والنقل والتشريد ، ورفضت النقابات العامة إعطاء شهادات لأثبات عضوية طالبي الترشيح في التنظيم النقابي ، وهو شرط أسقطته أحكام القضاء الإداري التي اكتفت بأن يقدم طالب الترشيح ما يثبت سداده رسم الاشتراك في منظمته النقابية ، وقد أصدر القضاء الإداري أحكام عدة تؤكد بطلان الانتخابات في العديد من المنشآت النقابية للمستوي الأول لإستبعاد عدد من المرشحين ، كما صدرت أحكام ببطلان الأنتخابات في أكثر من نقابة عامة ، كما صدر حكم ببطلان الأنتخابات في غيبة الأشراف القضائي في أكثر من موقع نقابي ، في مخالفة لنص الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون 35 لسنة 1976 ، وتلك الأحكام القضائية تؤكد بطلان تشكيل الأنتخابات على المستويات النقابية الثلاث في الدورة النقابية {1996 – 2001} ، فما ُبني علي باطل فهو باطل .

    هذا وقد رفض التنظيم النقابي الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من محكمة القضاء الإداري ، وهو يعد سلوك أعتادت الحكومة ، والتنظيمات التي تسيطر عليها في اتباعه ، بإهدار حجيه الأحكام القضائية وعدم احترامها.

  • ثالثا: تشهد الدورة النقابية المزمع إجراء انتخاباتها فى الثانى عشر من نوفمبر 2006 ترديا شديدا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع عموما ، ولقوي العمل بوجه خاص ، فتعاني قوي العمل في مصر من انتشار البطالة دون أدنى حق أو حماية أجتماعية أو نقابية لهؤلاء العاطلين في مخالفة للمواثيق وقوانين العمل الدولية،وقد انخفض نصيب عمالة القطاع العام إلى إجمالى عدد المشتغلين فى مصر ، الأمر الذى أثر على قوة التنظيمات النقابية العمالية فى هذا القطاع .

    وهو ما سيؤثر بلا شك علي الأنتخابات المزمع إجراءها ، كما تعاني الطبقة العاملة في المناظق الصناعية الجديدة (العاشر من رمضان – 6 اكتوبر-برج العرب) وكذلك الأغلبية العُظمي من العاملين فى مصر وهم عمال القطاع الخاص من غياب المظلة النقابية ، التي تحمي هؤلاء العاملين وتدافع عن مصالحهم ، وهو ما يعني أن انتخابات النقابات العمالية ستجري في الهيئات ، والمصالح ، والشركات التابعه للقطاع الحكومي ، والعاملين بقطاع الأعمال التي تسيطر عليه الدولة أي أن الأنتخابات ستجري في ظل غياب القطاعات المؤثرة في الطبقة العاملة المصرية ، وهم عمال القطاع الخاص ، والمناطق الصناعية الجديدة ، وفي غياب قوي العمل من العاطلين .

    فالأنتخابات تجري بين 3.7 مليون عامل هم الاعضاء في التنظيم النقابي الرسمي من جملة 14 مليون عامل فى مصر ، والمدهش أن معظم تلك العضويات دفترية وخاصة عند عمال النقل البري ، حيث يُجبر سائقي السرفيس ، وسيارات الأجرة علي الانضمام للتنظيم النقابي.

    ” رابعا” : لا أنتخابات بلا ديمقراطية ، ولا ديمقراطية بلا حريات عامة ، وجميع الأنتخابات تجرى فى مصر فى مناخ و أطر غير ديمقراطية لا تسمح بتحقيق العدالة بين المرشحين ، وتتعمد أجهزة الدولة الانحياز لمرشحى الحزب الحاكم فى مراحل الأتنخابات المختلفة من فتح باب الترشيح حتى أعلان النتائج وإهدار حجية الأحكام القضائية ،كما أن البنية التشريعية والقانونية فى مصر تسمح لجهات الأدارة المختلفة التدخل فى عمل منظمات المجتمع المدنى من (أحزاب ، نقابات …..ألخ) :

    ” وأنتخابات النقابات العمالية تجري فى ظل تشريعات تهدر الحرية النقابية ، وتجرم التعددية ، وعلى الرغم من أن المواثيق الدولية التى صدقت ووقعت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة، أكدت على حق العمال فى الأنتماء الى الجمعيات والنقابات، وأكدت على أنه لا يجوز أخضاع حق تكوين النقابات والأنضمام اليها لأية قيود، وأوصت الأتفاقات الدولية الدول الموقعة عليها بعدم التدخل ، فى شئون النقابات ،وجعلت مسألة تكوين الاتحادات والأنضمام إليها ، وتنظيمها شأناً” داخلياً” لمنظمات العمال وأعضاءها .

    وقد أكدت المواثيق والصكوك الدولية على تلك الحقوق ،وهى، الأعلان العالمى لحقوق الأنسان ، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والأجتماعية ، وأتفاقية الحرية النقابية والتنظيم النقابى، أتفاقية 87 الصادرة من منظمة العمل الدولية.

    وقد أكد الدستور المصرى فى المادة 56 على حرية تكوين و تنظيم وتشكيل النقابات.

    وقد جاء القانون 35 لسنة76 وتعديلاته ليهدر مبادئ الحرية النقابية ، ويجرم التعددية النقابية، حيث نصت المواد 17،16،11 على هرمية التنظيم النقابى ووحدته ، وحَظرت تكوين أكثر من لجنة فى المنشأة الواحدة ، وحظرت تكوين اكثر من نقابة عامة ، وعَظمٌت من دور الأتحاد العام لنقابات عمال مصر ، وجعلته قائدا” للحركة النقابية .

    كما شمل القانون بعض النصوص التى تسمح للجهة الأدارية الممثلة فى وزارة القوى العاملة ووزيرها ، بالتدخل فى نشاط وأعمال المنظمات النقابية ، وفرض وصاية أدارية على التنظيم النقابى المفترض فيه أنه منظمة حرة مستقلة يجب ألا يخضع للتدخل و الوصاية من أى جهة حكومية.

    وقد أتاحت المواد 61 ، 64 ، 66 ،67 للوزير والجهة الأدارية الحق فى التدخل فى الشئون الأدارية والمالية فى التنظيم النقابى ، ووضع اللوائح للمنظمات النقابية ، وحق الأعتراض على تكوين المنظمات النقابية ، وإلزام مجلس ادارة المنظمة النقابية بتسليم نسخة من الميزانية والحساب الختامى للجهة الأدارية للتصديق عليها.

    كما قيد التعديل 12 لسنة 95 لقانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 76 سلطة الجمعيات العمومية للنقابات العامة، لصالح الأتحاد العام لنقابات العمال ، فأزداد التكوين الهرمى للنقابات المركزية ، وأشترطت التعديلات مرور عام على عضوية المرشح للنقابة كشرط أساسى لترشيحه ، كما أجازت التعديلات الترشيح لمن بلغ السن القانونية وأحيل الى المعاش. وأنتقصت المواد 25 ، 26 ، 27 30 ، 31 من أختصاصات الجمعية العمومية للجنة النقابية فى المنشأة.

    خامسا: تابع المرصد استعداد القوى السياسية المختلفة وردود أفعالها عن انتخابات الدورة النقابية (2006 -2010) أ‌- الحزب الوطنى / الذى يحاول استمرار بسط سيطرته ونفوذه على التشكيلات النقابية بمستوياتها الثلاث ،وذلك عن طرق استخدام نفوذ كافة أجهزة الدولة الإعلامية والأمنية ونفوذ الحزب فى الاتحاد العام لعمال مصر والنقابات العامة .

    وجاءت التصريحات على لسان وزيرة القوى العاملة والسيد حسين مجاور رئيس الاتحاد العام لعمال مصر حاملة قدر كبير من التشهير والهجوم على قوى المعارضة من الإخوان واليسار تتهمهم بمحاولة تسييس وتحزيب النقابات العمالية، ورفض الاتحاد لرقابة القضاء ومنظمات المجتمع المدنى المحلية والدولية، واتهام 22 منظمة مجتمع مدنى بالحصول على تمويل الغرض منه تفتيت وحدة العمل النقابى .

    ولكن الواضح أن هناك صراع خفى داخل الحزب قد يؤثر على سير المعركة الإنتخابية، فإبعاد السيد راشد رئيس الاتحاد السابق وصدور تصريحات على لسان الوزيرة وعدد من قيادات الحزب متهمة القيادات السابقة للتنظيم النقابى بالفساد وإبعاد عدد من المسئولين فيه وتحديد مواعيد الإنتخابات فى غياب التشاور مع قيادات الاتحاد وإحراجهم أمام الرأى العام ، والحديث المتكرر عن تزكية الوزيرة لوجوه جديدة لمواجهة الإخوان المسلمين، ورغبتها فى استبعاد السيد حسين مجاور، وإسناد رئاسة الاتحاد لأمين العمال بالحزب الوطنى مما ينبئ بحدوث مفاجاءات فى تشكيل الاتحادات العامة والاتحاد العام لعمال مصر

    ب‌- الإخوان المسلمين /أعلن تنظيم الإخوان إصراره على خوض الإنتخابات فى 22 نقابة عامة تاركاً نقابة السياحة..! فقط ولم يعلل موقفه فى ذلك إن كان موقفاً دينياً من أعمال السياحة أم لتحقيق شعار المشاركة لا المغالبة..! وكالعادة لم يطرح الإخوان برنامج مكتوب واكتفوا بالإعلان عن ست نقاط يغلب عليها المنحى الأخلاقي،ووعود بتحسين مستوى الدخول للعمال دون أى إشارة للحرية والتعددية النقابية ،أو الموقف من الخصخصة، وقضايا التأمينات الإجتماعية والمعاشات. وقد صدرت عدة تصريحات متناقضة على لسان السيد صابر أبو الفتوح نائب البرلمان والمسئول عن ملف الانتخابات العمالية، فمرة يؤكد خوض المنافسة تحت شعار الإسلام هو الحل، ومرة أخرى يؤكد خوض الإنتخابات تحت شعار معاً للإصلاح وأريد الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله .

    وقد أعلن قيادات الإخوان المسلمين عن ثقتهم فى الفوز بثلثى مقاعد انتخابات النقابات العامة ،وهو تصريح أثار تعجب المهتمين بالعمل النقابى فالبعض يرى أنها تصريحات تنم عن عدم خبرة الإخوان فى انتخابات النقابات العمالية ، والبعض الآخر يراه استعراض قوى من الجماعة واختبار لرد فعل الدولة .

    ولكن أكثر التصريحات التى أثارت الجدل هو إعلان الجماعة عن تشكيل اتحاد عمال موازى فى حالة عدم اعترافهم بنتائج الانتخابات نتيجة لتزوير الدولة لها ، كما صدرت عدة شكاوى من الجماعة تؤكد تعرض بعض كوادرها من الانتخابات للاستبعاد من قوائم الجمعيات العمومية فى مرافق الكهرباء والتعليم بمحافظات الدقهلية وبورسعيد وتحويل بعض كوادر الجماعة للتحقيق والنقل من أماكن عملهم لقيامهم بتوزيع إمساكيات رمضان، وهو ما اعتبروه مؤشر لنية الدولة فى إبعادهم عن الإنتخابات.

    (ج) اليسار: وضع التحالف الأشتراكي الذي يضم أغلب التنظيمات اليسارية، انتخابات النقابات العمالية علي رأس أولوياته، حيث أن اليسار يعتبر قضايا الطبقة العاملة هي اهتمامه الأول وخاصة بعد الفشل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وأعلن التحالف الاشتراكي عن تبنيه لبرنامج موحد لمرشحيه، وقد أكد التحالف علي مبادئ عامة ،وهي ضرورة استقلال العمل النقابي ،ورفض الهيمنة الحزبية ،وضرورة إعمال الأشراف القضائي علي الانتخابات بمستوياتها الثلاثة. وقد قرر التحالف عقد مؤتمر جماهيري موسع بقواعده العمالية يعلن فيه عن مرشحيه وبرنامجه.

    (د) أما أحزاب التجمع والناصري والوفد فقد أكدت الاستعدادات لانتخابات النقابات العمالية ، عن عمق أزمة تلك الاحزاب ليس في عجزها فقط عن التواصل والتحرك في منظمات جماهيرية، بل عدم وجود رؤية أو تصور واضح لدى تلك الأحزاب.
    فقيادات التجمع والناصري، ترفض التعددية النقابية، وتؤكد رفضها لأشراف منظمات المجتمع المدني علي الانتخابات، في شبهة تنسيق واضح مع الحزب الحاكم للحصول علي مناصب فى التشكيل النقابي القادم.

    (هـ) اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية :
    وهي أبرز التشكيلات المهتمه بالقضايا العمالية طوال الخمس سنوات الماضية، وتضم في تشكيلها العديد من الشخصيات النقابية المستقلة والمنتمية لتيارات سياسية مختلفة.

    أكدت اللجنة علي ضرورة أن يتضمن برنامج مرشحيها المطالبه بوضع حد أدني للأجور، والتزام الدولة بتعيين الخريجين، وتعيين العمالة المؤقته ووضع قيود علي عمالة الأطفال، ومناقشة أوضاع المرأة العاملة، وحماية مدخرات العمال والحفاظ علي المزايا التأمينية والاجتماعية لهم ،ورفض مشاريع القوانين المزمع تقديمها للبرلمان للإنتقاص من تلك الحقوق، وأكدت اللجنة إصرارها علي التمسك بمبادئ الحرية و التعددية النقابية .

    ومرصد حالة الديمقراطية، إذ يعرب عن قلقه البالغ من بدء التدخلات الإدارية من قبل وزارة القوى العاملة ، بإعلانها إجراء الإنتخابات النقابية فى يوم واحد ، وهو ما يعبر عن نية مبيته للتدخل فى الانتخابات العمالية لصالح مرشحى الحزب الحاكم .

    ويطالب المرصد بتحقيق الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات النقابية بمستوياتها الثلاث، وتمكين منظمات المجتمع المدنى من أعمال الرقابة الميدانية، وإلزام جهة الإدارة بتنفيذ أحكام القضاء الإدارى الصادرة بخصوص شروط الترشيح فى الحكم 77 لسنة 19 قضائية.

    ويحذر المرصد من تكرار استخدام القرارات التعسفية بالندب أو النقل أو الإعارة لبعض المرشحين، وصدور قرارات بمنع الدعاية الإنتخابية ، والتلاعب فى إصدار شهادات العضوية من النقابات العامة، كما يعلن المرصد عن استعداده لتلقى الشكاوى الخاصة بأية انتهاكات تطول المرشحين وذلك على:
    البريد الألكترونى للجمعية CPE_EG@YAHOO.COM
    هاتف/فاكس/ 4150546
    محمول/0121769732

    مرصد حالة الديمقراطية
    الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية