28/6/2006
تابع مرصد حالة الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية الحكم الصادر على إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور بتهمة سب وقذف رئيس الجمهورية في القضية رقم 14043 /2006 والتي قضى فيها بحبسه لمدة عام مع الشغل، وكذلك عاقبت بالحبس لمدة عام كلاً من الصحفية سحر زكي المحررة بجريدة الدستور والمواطن سعيد محمد وألزامهم متضامنين بدفع مبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض.
وقد بدأت القضية عندما رفع المواطن سعيد محمد عبدالله سليمان الدعوى رقم 3019 / 60 قضائية ضد رئيس الجمهورية بصفته ورئيس المحكمة الدستورية العليا ووزير العدل ورئيس مجلس الشعب ووزير الداخلية ، يطالب فيها بإلغاء القرار الذي يمنع محاكمة رئيس الجمهورية تمهيدا لمحاكمتهم بخصوص أتهامات عديدة أوردها ذلك المواطن في صحيفة دعواه ، وقد نشرت جريدة الدستور في عددها الصادر في الخامس من ابريل عام 2006 خبرا بتوقيع سحر زكي عن وقائع الدعوى و الذي لم يتضمن سوى نص الدعوى الذي تلقت محكمة القضاء الإداري نسخة منه ولم يضف إلى نص الدعوى سوى فقرة واحدة تقول” الجدير بالذكر أن المواطن الذي أقام الدعوى يقيم بمنطقة وراق العرب التابعة لمحافظة الجيزة وهي منطقة محرومة من الخدمات وتقع بين كونها قرية وبين كونها منطقة عشوائية.
وفي يوم 12 يونيو الجاري نظرت محكمة جنح الوراق في دعوى مقدمة من عدد من مواطني الوراق ضد إبراهيم عيسى وسحر زكي وضد المواطن المذكور تتهمهم جميعاً بإهانة رئيس الجمهورية وتأجلت القضية للنظر فيها لمدة أسبوع ثم تأجلت أسبوعا آخر للمداولة ثم صدور الحكم بحبس المتهمين لمدة عام مع الإفراج عنهم بكفالة قدرها عشرة آلاف جنيه لكل منهم.
ومرصد حالة الديمقراطية إذ يمتنع عن التعليق على الحكم القضائي احتراما منه للقضاء المصري الشامخ ، وحيث ان الحكم لا يعتبر بات ونهائي ولذلك لا يكتسب حجية ، حيث أمام الصحفي إبراهيم عيسى وباقي المتهمين فرصة الطعن على الحكم امام دائرة أستئنافية ،إلا أن مرصد حالة الديمقراطية يعبرعن قلقه البالغ من صدور ذلك الحكم ويعتبره أنتكاسة لوعود الإصلاح السياسي والديمقراطي ، والوعود المتكررة للمسئولين في السلطة التشريعية والتنفيذية بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، و المرصد يعتبر الحكم يفتح باب المناقشة مجددا” لحزمة القوانين سيئة السمعة التي تجرم حرية الرأي التعبير وحق تداول المعلومات ويبدي الملاحظات التالية على القضية التي صدر الحكم فيها على الصحفي إبراهيم عيسى وآخرين:
أولا”: أن إحالة الصحفي إبراهيم عيسى وباقي المتهمين بتهمة إهانة رئيس الجمهورية ، وسبه وقذفه يعتبر نهجاً خطيرا وهو أستكمالا لنفس النهج الذي أتبع مع النشطاء المتضامنين مع القضاة أثناء محاكمة المستشارين مكي والبسطويسي والذي وجهت إليهم تهم أهانة رئيس الجمهورية، إذ أن هذه التهم تعد تراجعا عن جميع دعاوى الإصلاح السياسي والديمقراطي وتحصن السيد رئيس الجمهورية بصفته من أي نقد يوجه اليه في حدود وظيفته، وعلى الرغم من عدم أستخدامه لهذا الحق بنفسه إلا أن النيابة العامة التي وافقت على رفع الدعوى على أبراهيم عيسى ومن قبله حققت مع النشطاء المتضامنين مع القضاة بنفس التهم أساءت استعمال حقها .
ثانيا”: إن الحكم على المواطن سعيد محمد عبدالله بالحبس عاما” بسب وقذف السيد رئيس الجمهورية على خلفية أستخدامه حقه فى التقاضى الذى كفله الدستور فى المادة 68 منه والذى نص على أن حق التقاضى مكفول للناس كافة ، وإذا كان المواطن قد أستخدم حقه فى التقاضى أمام محكمة القضاء الأدارى فى الدعوى رقم 3019 لسنة 60 قضائية مطالبا” فيه بألغاء القرار الذى يمنع محاكمة رئيس الجمهورية ، والمواطن الذى أستخدم حقه الدستورى فى مقاضاة رئيس الجمهورية لا يجوز أن يحاكم على ما سطره فى عريضة دعواه بالسب والقذف ، ولا يجوز فى تلك الحالة لأحد بتحريك دعوى ضده إلا السيد رئس الجمهورية نفسه وذلك بعد صدور حكم نهائى وبات برفض الأتهامات التى وجهها المواطن لسيادته .
ثالثا” : شابت المحاكمة العديد من الأخطاء القانونية حيث حركت الدعوى من أفراد ليس لهم صفة إذ أن الدعوى لا تخصهم من قريب أو من بعيد ، وهى تشبه دعاوى الحسبة التى كانت وبالا” على حرية الرأى والتعبير فى مصر والتى بسببها فرق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته ، وبعد التعديلات على قانون المرافعات فأنه لا يجوز تحريك تلك الدعاوى إلا من قبل النيابة العامة أو من المتضرر نفسه وهو السيد رئيس الجمهورية ، أما أن يتوجه مجموعة من أبناء الوراق بدعاوى الوطنية والأنتماء ويحركون دعوى ضد مواطن أستخدم حقه الدستورى فى مقاضاة رئيس الجمهورية ، وعلى صحفيين نشروا خبر هذه الدعوى يعد من باب التزيد الذى لا مبرر له وفتح باب العديد من المراقبين من الأدعاء بأن الدعوى حركت من قبل البعض بهدف إلهاء صحيفة الدستور ورئيس تحريرها الذى دآب على نقد النظام الحاكم ، كما أن الحكم على ابراهيم عيسى وهو رئيس تحرير الدستور بعد قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 195 من قانون العقوبات من معاقبة رئيس تحرير أى مطبوعة بصفته فاعلا” أصليا” للجرائم التى ترتكب بواسطة الصحيفة فيه خطأ قانونى واضح فكيف لمحكمة الجنح التى أصدرت الحكم أن تتجاهل حكما” صادرا” من المحكمة الدستورية العليا .
أن مرصد حالة الديمقراطية يعبر عن أستنكاره الشديد من الحكم على مواطن أستخدم حقه الدستورى فى مقاضاة رئيس الجمهورية وعلى الصحفيين أبراهيم عيسى وسحر زكى ويعتبر ذلك الحكم أعتداء على حرية الرأى والتعبير وحق تداول المعلومات وحق التقاضى تلك الحقوق التى صانها الدستور المصرى فى مواده 47 ، 48 ، 68 وأكدت عليهم المادة 19 للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية .
ويعرب المرصد عن قلقه البالغ من ان يكون ذلك الحكم بمثابة أنذار للصحف المستقلة التى أصبحت متنفسا” للمواطنين ومنبرا” لحرية الرأى والتعبير كما يطالب المرصد بسرعة أصدار قانون يمنع الحبس على جرائم النشر وكذا تنقية التشريعات فى مصر من كل ما يمس حرية الرأى والتعبير وحق تداول المعلومات.
بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية