30/12/2007

إعداد
احمد نصر عبد العظيم
محام وباحث

المقدمة
لا تزال النقابات المهنية المصرية تعاني من التقييد المحكم نتيجة لاستمرار العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1993 و المعدل بالقانون رقم 5 لعام 1995، والذي يطلق عليه زعما قانون ديمقراطية النقابات المهنية ، حيث يسمح للحكومة بفرض هيمنتها علي عمل النقابات ، وكذلك الحد من دورها وشل حركتها من خلال استغلال عدم قدرة الجمعية العمومية على الانعقاد ورفع النصاب القانوني لصحة انعقادها وفرض الحراسة عليها ، كما أعطى القانون للحكومة سلطة الإشراف الكامل على الكشوف الانتخابية ؛ الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل قدرة النقابة على القيام باختصاصاتها وتسيير العمل بداخلها والحد من قدرة أعضائها على اختيار ممثليهم بحرية؛ وهو الأمر الذي تعاني منه عدد من النقابات المهنية في مصر ، فيجب أن تطالب النقابات المهنية أنفسها إيجاد بديل يكون أكثر ديمقراطية من القانون السالف الذكر وذلك لصون استقلالها ومحاولة الخروج من النفق المظلم الذي تحياه النقابات ألان .

سوف نتناول هذا الموضوع في محورين الأول يتبنى كيفية إرساء المبادئ الديمقراطية والأخر يتناول أوضاع النقابات سواء الواقعة تحت طائلة الحراسة أو ممارسة لعملها النقابي .

المحور الأول
ويتلخص في مدي إمكانية تحقيق قدر اكبر من الديمقراطية والمشاركة داخل أورقة النقابات المهنية و إعلان المبادئ الديمقراطية و التأكيد على استقلالية العمل النقابي سواء في مواجهة الدولة أو الأحزاب فلا نتصور وجود إصلاح سياسي حقيقي دون تطوير أوضاع النقابات وعدم المساس باستقلالها وتأكيد حقها فى إدارة شئونها وتنمية مواردها للمساهمة فى تنمية المجتمع.

فيجب أن تبقي النقابات مستقلة ، وممارسة للعمل النقابي بصورة ديمقراطية دون الخلط بين المصالح الحزبية والنقابية ، والعمل علي إطلاق سلطة المجالس المنتخبة والجمعيات العمومية فى إدارة وتوجيه شئون النقابات وفقاً للقواعد الواردة فى لوائح النقابة الداخلية و صلاحياتها فى تنظيم وإجراء الانتخابات وفقاً للمواعيد التى تقررها والمقار التى تحددها والعمل علي منح النقابات الفرصة كاملة ، العمل علي تفعيل دور اللوائح الداخلية لكل نقابة علي حدي وذلك نظرا لاختلاف النقابات في طبيعتها وذلك بالسماح لها ، بالتقدم بمشروعات قوانين يكون الهدف منها العمل علي تطوير قوانينها الخاصة بموافقة جمعياتها العمومية ، و حقها فى إبداء الرأي فى مشروعات القوانين التى تمس أياً من مصالح أعضائها.

وكذا الولاية التأديبية للنقابات على أعضائها ، وأيضا لا يجوز لأي جهة التدخل فى شئون القيد والعضوية ، والمطالبة الملحة لجعل النصاب القانوني اللازم لصحة انعقاد الجمعية العمومية العادية وإجراء الانتخابات لكل النقابات المهنية بنصاب 25% في حال الدعوة للمرة الأولى، على أن يكون انعقادها صحيحاً بحضور نسبة عند دعوتها للمرة الثانية. وفى حالة عدم الاكتمال يستمر المجلس المنتخب فى أعماله لمدة لا تجاوز ستة أشهر يدعو خلالها لانعقاد الجمعية العمومية.

كما هو الحال في انتخابات مجلسي الشعب والشورى بدلا من الشروط التعجيزية الواردة في المادة الثانية لإقرار نتيجة الانتخابات هو تصويت نصف عدد أعضاء الجمعية علي الأقل المقيدة أسماءهم في جداول النقابة ممن لهم حق التصويت لصحة انتخاب النقيب وأعضاء المجلس – وإذا لم يكتمل النصاب تعاد الانتخابات ويكون الحد الادني لصحة الانتخاب تصويت ثلث الأعضاء وإذا لم يتوافر النصاب السابق تعيين لجنة لإدارة النقابة بأشراف قضائي، تلك المادة التي عان منها النقابيين وكانت العاصف الأساسي بمصالحهم لان بواسطتها وضعت العديد من النقابات قيد الحراسة .

المحور الثاني
ينقسم المحور الثانى الي نوعين من النقابات المهنية ، فهناك نقابات فرضت عليها الحراسة فلا تمارس عمل نقابي ، فلا حراك بها ومرآتها ليست عاكسة لأحوال أعضاء نقابتها ، فالمهندسين إبرازها والاجتماعين إحداثها ( فيما يخص النقابة الفرعية بالقاهرة فقط ) ولكن موقف الاجتماعيين عن متابعة نجد انه يجافي كل المبادئ الديمقراطية حيث كان الاتفاق علي المقاطعة وليس الاتفاق علي محاربة الفساد التي تشير له الدلائل داخل نقاباتهم فأصابع الاتهام ارتضت أن تبقي مكتوفة دون الإشارة بها صوب الفساد وهذا ما يعد من أحد سوالب العمل النقابي في مصر وتفريعا عن النقابات التي فرضت عليها الحراسة أجد أن نقابة الاجتماعين كمثال قد خرجت من هذا الفرض لأنها هي وأعضائها من فرضوا الحراسة علي أنفسهم . ونجد أن الموقف داخل نقابة المهندسين مغاير تماما للمشهد السابق الذكر ، فجموع المهندسين المصريين أثبتوا بداية من عام 2002 وحتي ألان ، قدرة متميزة على التحرك صوب استعادة نقابتهم من تحت الحراسة وإخراجها من حالة التجمد التي تحياه النقابة منذ عام 1995 ، وقدموا رؤية جديدة جديرة بالدراسة لقضية الإصلاح السياسي والدستوري على صعيد النقابات المهنية.

أما فيما يتعلق بالنقابات المهنية التي تمارس عملها النقابي ، في ظل تراجع الدور السياسي للنقابات المهنية في مصر خلال السنوات الفائتة ، فإنها لا تزال تمثل أحد المحاور الهامة والقنوات الشرعية للممارسة السياسية، في ظل استمرار الظروف التى تقمع الأحزاب ، وإذا كانت نقابات الصحفيين والمعلمين والمهن التمثيلية قد نجت من تأميم نشاطها، وخرجت نقابة المحامين من الحراسة، لتواصل نشاطها المعهود، فإن بقية النقابات المهنية، خاصة تلك التي شهدت تفوقا واضحا للتيار الإسلامي،تقبع تحت وطأة الضبط الحكومي الذي أصابها بالجمود. فوجدت تلك النقابات نفسها، بفعل القانون، بين شقي رحى فالحكومة من جهة، والقوى الأخرى داخل النقابات ذاتها التي استجمعت قواها لتصطدم بالإخوان المسلمين من جهة أخري، ومع تزايد الصراع والتشاحن بين هذه الأطراف، باتت ساحة القضاء مسرحا لصرا عات نقابية محتدمة تضاءل معها قيام النقابات المهنية للدور المنوط بها والتي أنشئت في الأصل للقيام بهذا الدور ونهايتا لا إصلاح سياسي دون العمل علي تطوير أوضاع النقابات وعدم المساس باستقلالها وتأكيد حقها فى إدارة شئونها وتنمية مواردها للمساهمة فى تنمية المجتمع.