17/11/2005

تحرص الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، بالإضافة إلى اصدارها لتقارير المتابعة اليومية الدقيقة لكافة مراحل العملية الانتخابية، على اصدار تقرير بعد نهاية كل مرحلة، يحتوى على المؤشرات والاتجاهات الرئيسية التي برزت أثناء تلك المرحلة.

أولاً: موقف أجهزة ومؤسسات الدولة التنفيذية
ونقصد بها الأجهزة الأمنية والإعلامية والمؤسسات الدينية والثقافية ومؤسسات وشركات قطاع الأعمال العام والوزارات وغيرها من المؤسسات والمصالح الحكومية والإدارات المحلية، وفي هذا الإطار لوحظ التالي:
” الاستخدام الواسع لامكانيات ونفوذ الدولة لصالح مرشحي الحزب الوطني من وسائل نقل مملوكة للدولة إلى استخدام نفوذ كبار المسئولين – مادياً ومعنوياً – إلى استخدام كافة التسهيلات الممكنة من قبل الإدارة المحلية، وباختصار التداخل الشديد بين الدولة والحزب وكأنهم شئ واحد ” اتبع الحزب الوطني بالتعاون المباشر مع أجهزة الدولة أسلوباً جديداً غير تقليدي، وهو عملية نقل الناخبين من دوائر إلى دوائر أخرى وفي الغالب من بلد إلى بلد آخر مستغلين فكرة تقسيم الانتخابات إلى ثلاث مراحل
” على عكس ما جرى في انتخابات الرئاسة، جاء انحياز المؤسسة الإعلامية لمرشحي الحزب الوطني واضحاً وفجاً، وخاصة الجرائد القومية وقنوات التليفزيون المملوكة للدولة، وحتى القنوات الخاصة لم تنجو من ذلك، مع وجود استثناءات قليلة لبعض الصحف المستقلة مثل المصري اليوم ونهضة مصر
” اتسم دور الأمن في انتخابات الدور الأول (المرحلة الأولى) بعدم التدخل المباشر في العملية الانتخابية، الأمر الذي وصل إلى حد السلبية التامة أمام الانتهاكات والتجاوزات للقانون التي كانت تتم عياناً بياناً، دون أن يحرك الأمن ساكناً
” لم يستطع الأمن الاستمرار في لعب هذا الدور كثيراً، ففي انتخابات الدور الثاني من المرحلة الأولى سرعان ما عاد إلى ممارسة دوره التقليدي، من تدخل مباشر والمشاركة جنباً إلى جنب مع بلطجية مرشحي الحزب الوطني في إرهاب الناخبين والمرشحين على السواء، والأهم من ذلك التواجد داخل لجان التصويت والفرز بما يشكل ضغط نفسي وعصبي على رؤساء اللجان، وأحياناً التدخل المباشر في أعمال التجميع وإعلان النتائج
” يعتبر التلاعب في كشوف الناخبين وكذلك التصويت الجماعي من أكبر عمليات الانتهاك للانتخابات البرلمانية والتي تمت بمعرفة أجهزة الدولة لصالح مرشحي الحزب الوطني
” تركت الدولة مساحة أوسع من أي انتخابات سابقة لكافة المرشحين وخاصة مرشحي الأحزاب الرسمية لممارسة الدعاية الانتخابية بحرية سواء المؤتمرات والندوات والمسيرات والتظاهرات الانتخابية وتوزيع كافة أشكال المطبوعات دون قيود
” اما عن مؤسسات الدولة الدينية الرسمية فقد خبا دورها في الانتخابات البرلمانية، قياساً إلى دورها البارز في انتخابات الرئاسة

ثانياً: الأوزان النسبية للأحزاب والقوى السياسية
باستثناء الحزب الوطني الذي خاض الانتخابات بقائمتين كاملتين في جميع الدوائر تقريباً، جاءت مشاركة باقي قوى المعارضة محدودة حيث،
” جاء ترتيب تيار الإسلام السياسي ممثلاً في جماعة الإخوان المسلمين، التي خاضت هذه الانتخابات لأول مرة بالأصالة عن نفسها وبإعلان أسماء مرشحيها باعتبارهم مرشحي الإخوان وتحت شعار الإسلام هو الحل، في المرتبة الثالثة بعد الحزب الوطني بقائمتيه، حيث تقدموا بأكثر من 150 مرشح في عدد من الدوائر، هذا بالإضافة إلى بعض المرشحين الغير ظاهرين
” أما عن المعارضة السياسية للحزب الحاكم، والتي خاضت الانتخابات بقائمة موحدة وتحت مسمى الجبهة الوطنية للتغيير فجاء ترتيبها الرابع من حيث عدد المرشحين الذين لم يتجاوز عددهم الـ 78 مرشحاً، رغم انضواء ثلاثة أحزاب سياسية وحزب مجمد وحزب تحت التأسيس وعدد من الحركات السياسية المناهضة لنظام الحكم بقيادة الحزب الوطني
” وأخيراً جاء حزب الغد بجناحيه وعدد قليل من المرشحين المستقلين قولاً وفعلاً في المرتبة الخامسة في مضمار نسب الترشيح
” لم يخف الحزب الوطني وجود علاقة وصلة دم بينه وبين المرشحين المستقلين من أبنائه كما كان يفعل في المرات السابقة، بل على العكس اعتبرهم أبناء الحزب ومرشحيه وأضاف أسماءهم فوراً لقائمة الناجحين للحزب الوطني
” في الوقت الذي تقدم فيه الحزب الوطني بأفضل عناصره (من وجهة نظره طبعاً)، جاء مرشحي جماعة الإخوان المسلمين من أبناء الصف الثاني بالجماعة وبعضهم مجهول الهوية بالنسبة للعمل العام تماماً، بينما تقدمت جبهة المعارضة الوطنية بأفضل ما عندها تقريباً أو قل بأفضل العناصر المتوفرة لديها
” الصراع الرئيسي في هذه الانتخابات، يدور بين مرشحي الحزب الوطني بقائمتيه ومرشحي جماعة الإخوان أما عن باقي القوى فتأتي في المرتبة الثانية من ذلك الصراع باستثناء أشخاص قليلين معروفين بقوة مراكزهم في دوائرهم الانتخابية، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي

ثالثاً: المرشحون ” المال هو سيد الموقف في هذه الانتخابات، حيث لم يشفع للعديد من المرشحين ما يمكن تسميته بحسن السير والسلوك طالما لم يستطيعوا مجاراة خصومهم في القدرة على الإنفاق، وعلى وجه الخصوص بين مرشحي الوطني والوطني ” استخدم الدين بشكل واضح في هذه الانتخابات، حيث أنه في العديد من الدوائر – وتحديداً الدوائر التي كان بها مرشحين للإخوان – كان يتم التصويت على أساس الهوية الدينية
” جاء آداء المعارضة السياسية ممثلة في جبهة المعارضة الوطنية من أجل التغيير والتي ضمت معظم فصائل المعارضة في مصر، أضعف مما يليق بذلك الإسم وبعدد القوى المشاركة فيها وتاريخها السياسي، سواء الأحزاب أو الحركات السياسية أو بعض الشخصيات والرموز السياسية المستقلة
” لم تطرح الأحزاب والقوى السياسية المختلفة رؤى وبرامج سياسية ذات طبيعة استراتيجية أو حتى تكتيكية لتجاوز الأزمات التي يعاني منها الوطن والمواطن وغلب على دعاية المرشحين الطابع الخدمي البحت باعتباره مرشح لحل مشاكل دائرته دون أن يرتبط ذلك بهموم الوطن ككل
” غياب السياسة عن محتوى خطاب المرشحين (أكثر من 90% منهم) يعد ظاهرة عامة، خاصة مرشحي الحزب الوطني بقائمتيه الذين اعتمدوا أسلوب الرشاوي الانتخابية وشراء الأصوات واستخدام سماسرة الانتخاب كأسلوب معتمد في هذه المعركة قبل أي شئ آخر، ثم مرشحي الإخوان الذين أنفقوا أيضاً الكثير من المال ولكن مع احتواء خطابهم على شعارات دينية تدغدغ مشاعر الجماهير
” اتسمت العديد من التحالفات الانتخابية للمرشحين بالمصلحة المباشرة، وهي تحقيق هدف الوصول إلى مقعد البرلمان بأي ثمن، ولم يراعي المرشحون في ذلك مصلحة أو برنامج أو خط سياسي للحزب أو الجماعة التي ينتمي إليها، فشاهدنا مرشحي التغيير يتحالفون مع مرشحي الحزب الوطني في بعض الدوائر !! وكذلك مرشحي الإخوان مع مرشحي اليسار، ومرشحي الوطني مع مرشحي حزب التجمع… إلخ من تحالفات إن دلت فهي تدل مرة أخرى على غياب السياسة وعم وضوح الرؤية واعتبار كرسي البرمان هو الهدف الأسمى

رابعاً: الناخبون والمشاركة
” اتسم سلوك أعداد كبيرة من الناخبين وخاصة محترفي الانتخابات والذين ينتظرونها بفارغ الصبر، بقدر كبير من البرجماتية حيث دخلوا بورصة المساومات المالية مع المرشحين الذين أفسدوهم، سواء في انتخابات سابقة أو في هذه الانتخابات، حيث كانوا ينتظرون حتى الساعة الأخيرة قبل إغلاق باب الانتخاب ليحصلوا على أعلى سعر لصوتهم، وباعتبارها الفرصة الوحيدة التي يشعرون فيها باحتياج الكبار لهم
” هناك ناخبين آخرين كانوا يصوتون لحساب المبدأ قبل كل شئ وخاصة ناخبي جماعة الإخوان المسلمين وجمهور اليسار القليل (فيما عدا بعض الدوائر مثل دائرة عبد العزيز شعبان)
” هناك ناخبين حصلوا على الأموال والرشاوي الانتخابية من بعض المرشحين وصوتوا لغيرهم ” نظرة العديد من الناخبين إلى العملية الانتخابية باعتبارها لعبة لا تخصهم كثيراً وهم ليسوا طرفاً حقيقياً فاعلاً من أطرافها
” جاءت نسبة المشاركة في التصويت في هذه الانتخابات بين 20 – 25% في الريف والحضر (مع بعض الاستثناءات طبعاً بالزيادة والنقصان)
” هناك حقيقة هامة، وهي أن نسبة من يمتلكون بطاقات انتخابية لا يزيدون عن 25% من عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت (أكثر من 18 سنة)، وهكذا تصبح نسبة المشاركة الحقيقية من بين الذين يمتلكون حق التصويت هي من 5 – 6% فقط في أهم انتخابات تجرى في مصر
” ارتبط تصويت أعداد كبيرة من المواطنين لصالح مرشحي الإخوان المسلمين، من غير أعضاء الجماعة ومتعاطفيها، أولاً لرفضهم لمرشحي الحزب الوطني، ثانياً لعدم الثقة في أحزاب المعارضة الأخرى نتيجة لضعفها وفقدانها للمصداقية أمام الناخبين، وثالثاً لغياب أو لعدم وجود مرشحين مستقلين جادين يحملون رؤى واضحة لحل مشاكل الجماهير والانتقال بالبلد من حالة الانهيار إلى حالة البناء والتغيير الحقيقي ” وأخيراً تعد مشاركة المرأة في هذه العملية ضعيفة جداً بالقياس إلى جهد أكثر من 20 سنة في الحديث عن أهمية مشاركة المرأة

خامساً: القضاة والانتخابات
” جاء أداء القضاة من رؤساء اللجان الفرعية واللجان العامة متناقضاً ومتنوعاً، ففي حين سمح البعض منهم لمندوبي المرشحين ومراقبي المجتمع المدني بالتواجد داخل اللجان في جميع المراحل الانتخابية، قام البعض الآخر بالمضايقات والتلكيك والتحرش بهم، وبعضهم لم يسمح أصلاً بدخولهم اللجان، ضارباً عرض الحائط بحكم المحكمة الإدارية الصادر بهذا الشأن
” قام بعض القضاة بمراعاة القوانين المنظمة للعملية الانتخابية نصاً وروحاً، بينما لم يراعي البعض الآخر أي من تلك القوانين والضوابط، مثل فتح اللجنة في ميعادها وبدء العملية الانتخابية في حضرة مندوبي جميع المرشحين وغمس الأصبع في الحبر الفسفوري وضرورة وجود البطاقة الانتخابية مع اثبات الشخصية… من إجراءات منظمة لصحة وسلامة العملية الانتخابية
” تعرض بعض القضاة الذين تمسكوا باتباع الاجراءات بصرامة للمضايقات والاحتكاك الذي وصل إلى حد التعرض للعنف من قبل بلطجية مرشحي الحزب الوطني وفي غياب كامل للأمن وعدم حضوره قبل ساعة ونصف من واقعة الضرب أو التحرش
” جاءت عمليات تجميع الأصوات والفرز وإعلان النتائج – والتي تعد مسئولية مباشرة لرؤساء اللجان من القضاة – معيبة ويشوبها قدر كبير من التلاعب في عدد من الدوائر، بما يشير إما إلى فساد، أو في الحد الأدني خوف رؤساء اللجان العامة المسئولين عن تلك العملية والذين لا نعرف بالضبط من منهم من قضاة المنصة ومن منهم من محامي الدولة وأعضاء النيابات التابعين مباشرة لسلطة وزير العدل، الذي هو عضو بحكومة الوطني ورئيس اللجنة العامة لإدارة الانتخابات

غرفة عمليات مراقبة الانتخابات البرلمانية

الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية