1/11/2005
شهدت الأيام الأخيرة صراعا محتدما بين جميع القوى والمرشحين المتنافسين على مقاعد البرلمان المصري 2005. ولعل أهم ملامح هذا الصراع تتمثل في سلاح المال الذي يستخدم ببذخ في العديد من الدوائر ، وربما كانت بدايات هذا السلاح في انتخابات 1990 ،ثم انتخابات 1995 حيث استخدمه بعض المرشحين للتعبير عن قوة مركزهم المالي وعدم حاجتهم لعضوية البرلمان تحت زعم أنها لن تضيف إليهم شيئا وليسوا في حاجة للتربح من هذه العضوية .
ومع انتخابات 2000 بدأت دائرة هذا السلاح تتسع لشراء الأصوات ورشوة الناخبين أو التحالفات أو التنازلات لإخلاء الدوائر أو ترشيح آخرين لتفتيت الكتل التصويتية أو لدعم أعمال البلطجة في بعض الأحيان . وكان الفضل في توسيع هذه الدائرة لبعض مرشحي الحزب الوطني الرسميين أو المنشقين عنه من رجال الأعمال، وبعض المستقلين من نفس الفئة .
وخلال الدورات المنصرمة كانت الأحزاب والقوى السياسية الأخرى تنأى بنفسها عن هذا السلاح وتتركه للمستقلين وبعض المنشقين عنها وكانت تلتزم في اغلب الأحيان بالمعايير السياسية،والحشد الجماهيري لفصيلها السياسي ،والتعبئة التنظيمية للدعاية، ويوم الانتخاب ،والفرز .
أما انتخابات 2005 فقد تلاحظ لمراقبي الجمعية في جميع الدوائر التي يراقبونها اتساع دائرة نفوذ هذا السلاح دون أي حدود وبصورة غير مسبوقة وغير معقولة في بعض الحيان .
واستخدام هذا السلاح خلال هذه الدورة الانتخابية لم يقتصر على المرشحين المستقلين أو بعض مرشحي الحزب الوطني كما كان في السابق وإنما امتد استخدامه إلى جماعة الأخوان المسلمين التي دخلت – وبكل قوة -وبشكل منهجي -حلبة الصراع الانتخابي مشهرة سلاح المال حيث لم يتوقف الأمر في ممارسة أعمالها الانتخابية على مجرد تنظيم حملة دعائية قوية وإنما تجاوزت ذلك إلى حدود الإنفاق الخرافية في بعض الأحيان مثل دائرة سنورس (احمدي أبو القاسم محمد ) ،دائرة الدقي ( حازم صلاح أبو إسماعيل ) ،دائرة بندر دمنهور (د.جمال حشمت ) دائرة المحلة الكبرى رقم 6 (سعد عصمت ) ،دائرة اشكر ويطلق عليها فاقوس 2 (د. امجد عبد العزيز) ، دائرة فقط (محمود يوسف) حيث أوراق الدعاية المتعددة والفاخرة واللافتات المتنوعة الحجم والطول والنوعية مابين القماش والفيلكس ،وكذلك البوسترات التي تغطي كل مكان في الدائرة بصورة مبالغ فيها ،والمسيرات الحاشدة التي تضم ما بين الألف والثلاثة آلاف ويكفي تكلفة نقلهم ، ثم الهدايا وحفلات الإفطار و شنط رمضان التي كانت توزع على فقراء المناطق في الأعوام السابقة أصبحت توزع على الجميع محملة بياميش رمضان في بداية شهر رمضان وتموين العيد في الأيام الأخيرة من الشهر، ومطبوع على الشنط حسب كل دائرة اسم المرشح وصفته ورمزه بالإضافة للشعار الديني لحملة الجماعة (الاسلام هو الحل ).
وعلى الطرف الأخر نجد مرشحي الحزب الوطني الذين يستخدمون نفس السلاح في اغلب الدوائر بكل المفردات السابق بيانها بالإضافة إلى الهتيفة، والبودي جاردات، والرشاوى الانتخابية ،وعمليات شراء الأصوات .
ولم يعد الأمر يقتصر على بعض مرشحي الحزب كما كان في السابق وإنما امتد ليشمل اغلب مرشحيه ومن هؤلاء ممدوح صلاح سليمان فئات حزب وطني بندر فيوم ،مصطفى السلاب مدينة نصر ، احمد حسن النجار فئات بندر قنا ، عبده ابوعايشة فئات ميت غمر ، نبيل الجابري فئات حلوان دائرة 25 ، عيد سالم شبرا الخيمة فئات ، خالد ابو إسماعيل دائرة الرمل بالإسكندرية .
بالإضافة لبعض المستقلين مثل رجال الأعمال محمد المسعود ببولاق أبو العلا ، فوزي السيد بمدينة نصر ، ومحمد فكري زلط فاقوس ،و مبارك ابو الحجاج بندر اول قنا ،ومحمد سعد باشا ميت غمر ،وعزت دراج بندر المحلة . إن ما تشهده ساحة الانتخابات البرلمانية من ملايين الجنيهات التي تنفق من الأطراف الثلاثة هى بمثابة حرب دعائية تجاوزت فيها حدود الإنفاق كل التصورات ،وعكست بذلك عجز اللجنة العليا للانتخابات عن القيام بأي دور فاعل في العملية الانتخابية حتى الان ، وضاعفت من إهدار مبدأ تكافوء الفرص بين عناصر الأطراف الثلاثة التي تستخدم هذا السلاح وبين باقي المرشحين سواء من المستقلين أو من جبهة المعارضة.
واستمرار استخدام هذا السلاح دون الالتزام بالقواعد القانونية المقررة ودون رقابة أو تنفيذ عقوبات لمحاولة إيقاف مثل هذا الخروج يفقد العديد من المرشحين غير القادرين على استخدام هذا السلاح قدرتهم التنافسية فقد تحول الفيصل في الاختيار -وفي ظل ظروف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية -ليس للبرنامج الانتخابي ولا الخطاب السياسي ولا حتى العصبية القبلية والعائلية -على الأقل في الوجه البحري -وإنما الفيصل سوف يكون للمال وحدود الإنفاق المستخدمة كتعبير عن القدرة التنافسية والاستمرار في دائرة الترشيحات حتى اللحظات الأخيرة .
المنسق الميدني لأعمال المراقبة
خالد علي عمر
1/11/2005