12/4/2008

تابع مركز ماعت بعين القلق أحداث غزل المحلة وما تلاها من مشاهد عبرت عن حقيقة واحدة تمثلت في انحسار التأثير ” الوهمي بالأساس ” للقوي السياسية المتصدرة لمشهد النضال السياسي طيلة السنوات الماضية ، لحساب الرؤية الشعبية الوطنية الخالصة من أي حسابات سياسية …، كانت الدعوة للإضراب نموذجا للفكرة المتحررة من قيود واهية اسمها التراث السياسي والنظريات السياسية ..

ويري المركز أن إضراب غزل المحلة حدث أسقط المدعين والمتاجرين بهموم الشعب المصري وأفرد لأوجه الشبه العديدة بين القوي السياسية الزاعمة بالنضال من أجل الإصلاح والتغيير ، والحكومة التي طالما هاجموها دون مبرر اللهم إلا أنها تسببت في تفشي الفقر والمرض والجهل والبطالة ، ظلت تلك النغمة حاكمة طويلا للعلاقة بين تلك القوي ورجل الشارع العادي ، إلي أن ظهرت حقيقتها بانسحابها من دعم مطالب الشعب في حق العمل والأجر العادل والعيش بكرامة .

ربما كانت الأحزاب السياسية المنشأة بقرار فوقي والحاصلة علي تصاريح حكومية لمزاولة عملها لها مبرراتها وأعذارها في رفض الانضمام أو الاشتراك الحقيقي والعلني في احتجاجات الشعب ، لكن ما الذي يضير جماعة الإخوان المسلمين – التي يعتبرها القانون محظورة ويضم البرلمان 88 عضوا منها – أن تعلن تأييدها علي الأقل للإضراب السلمي ؟

أليس رفضها الاشتراك في دعم مطالب الشعب المصري دليل علي أوجه التشابه بين برنامجها السياسي والاقتصادي ” إن وجد ” وبين سياسات الحزب الوطني ؟ ولماذا اختارت الجماعة موعدا متزامنا مع الإضراب للإعلان عن انسحاب مرشحيها من معركة الانتخابات المحلية ؟ إلا إذا كان المستهدف هو التغطية على الإضراب وشغل الرأي العام المحلي والدولي عن متابعته.

الأكثر مأسوية أن يقابل الإضراب السلمي من قبل قطاع في السلطة بالعنف ، في الوقت الذي ندعو فيه إلي المشاركة السياسية رداً علي من أساء إلي الأحزاب.

وعاد المشهد يتكرر في نقابة الصحفيين التي منع بعض أعضاء مجلسها بـ ” الشوم ” من عقد مؤتمر مصري خالص ، كانت اللهجة التي يتحدث بها المعترضون علي دخول رواد ” مصريون ضد التمييز الديني ” أشبه إلي لغة أصحاب الخطاب السياسي المتأسلم ، وكأن المدعين بحمل لواء الحرية والمدافعين عنها ضد فكرة المواطنة التي تقرها الأديان السماوية والدستور والمواثيق الدولية ، ربما الحقيقة التي ننتهي إليها أن الساكت عن الفقر والجوع شيطان أخرس ،

والكل يعرف شيئا واحدا أن السلام المجتمعي لن يبقي عليه أحد بهذه السلوكيات اللا أخلاقية ..،
ويؤكد ماعت أن الأمل في الإصلاح يقتضي البحث في إيجابيات يوم السادس من أبريل وجمعة النقابة المغلقة بوجه المنادين بالمواطنة ، وأبرزها نمو الإيمان بحقيقة قدرة رجل الشارع علي العمل منفردا وبعيدا عن النخب السياسية من الحكومة ومعارضيها ، وهي خطوة جيدة باتجاه رؤية أفضل لمستقبل حقوق الإنسان في مصر .

أما الثانية فتؤكد أن نجاح المواطن في تحقيق حلم بلده في الإصلاح والتغيير لا يعوزه دعم أقلية الإخوان أو الأحزاب شبه السياسية.

أما الثالثة فنراها في نمو أشكال جديدة من النضال السياسي المرتبط بمصالح وحقوق أساسية تنتفي دونها فكرة قيام سلام داخلي أو إصلاح ، أشكال من النضال في حقل العمل ” العام ” ، ربما نجحت معها نماذج يقال عنها أنها يسارية لكنها تكررت مؤخرا داخل الشارع المصري والحزب الوطني نفسه .

على أن مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية يري أن أشكال الحراك السلمي المطالب بحقوق الإنسان والمدعوم بعهود ومواثيق إقليمية ودولية ينبغي ألا يتم تطويعه لصالح فئة أو جماعة تسعي لمصالح خاصة كما يجب مراعاة ألا تتسبب تلك الأشكال في ازدياد حالات المعاناة والانتهاك ضد مواطنين قامت الحركات بالأساس للدفاع عنهم وهو ما نراه ضرورة يجب التأكيد عليها ضماناً لتحقيق السلام المجتمعي داخل الوطن .

وتبقي تحية واجبة لحزب التجمع علي موقفه المحترم باستضافته لمؤتمر المواطنة الممنوع داخل نقابة الصحفيين التي سمحت من قبل للإخوان وغيرهم بالتواجد داخلها والسيطرة علي أي فعاليات تنعقد بقاعاتها ، وآخرها مؤتمر القاهرة الدولي السادس الذي وفق الله سبحانه وتعالي الإخوان المسلمين في حصار كل رواده .