6/5/2008
ماعت يسأل الحكومة والبرلمان :-
لماذا ندعم المواطن الإسباني والإسرائيلي بالغاز والطاقة ونرفع الدعم عن الفقير المصري ؟
فجأة ودون مقدمات وبعد الوعود الحكومية الوردية التي زفتها الصحف القومية للشعب في عيد ميلاد الرئيس مبارك ، تحول الشارع المصري الهادئ الرافض للإضراب علي حد زعمها إلي قبائل للتناحر والاقتتال والخلاف علي ما أنجزته حكومة الدكتور أحمد نظيف بشأنهم ، واعتمدته أغلبيتها داخل البرلمان مساء أمس ، قبل أن يروج لها تليفزيون الحكومة علي ألسنة مسئوليها وبمباركة إعلامييها ..
لم يكن غريبا أن يعلن أحمد عز أمين لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب وأكبر محتكر لأهم سلعة إستراتيجية في مصر ” الحديد ” ، بنفسه الزيادة التي أقرها البرلمان أمس في أسعار البنزين والسولار والسجائر ورسوم تسيير السيارات وقيمة تذاكر المواصلات والغاز الطبيعي ، وبالتالي تزيد معها أسعار السلع الأساسية وغيرها من الخدمات … ،
ولم يكن غريبا أن يحتشد نواب الحزب الوطني للموافقة علي إقرار تلك الزيادات التي تلت قرار الرئيس مبارك بتقديم علاوة اجتماعية تصل إلي نسبة 30 % من الأجر الأساسي لموظفي الحكومة المعينين ، دون باقي الشعب الذي يعاني الفقر والبطالة والغلاء ولا يحصل علي قوت يومه أو حقه في الرعاية الصحية …،
ولم يكن غريبا ألا يطلع نواب ” غير الوطني ” علي تقرير لجنة الخطة والموازنة التي جمعت – حسب تأكيداتهم – 24 مليار جنيه بدلا من 19 مليارا ، كما لم يكن غريبا أن يظهر نواب الإخوان المسلمين مدافعين عن الشعب داخل البرلمان ، رغم رفضهم – إلي حد الإدانة – المشاركة في إضرابات دعا شباب مصري إليها احتجاجا علي الغلاء ، وكأن شعور الوطني والإخوان بمتاعب الشعب علي السواء لا وجود له أو يأتي متأخرا جدا ، أو يدفع به البعض في اتجاه الاستغلال السياسي للمشهد ، ففكر الطرفين معلوم للكافة .
لا نختلف مع تفسيرات اقتصاديين علي تسبب زيادة أسعار الطاقة في رفع أسعار كافة السلع الأساسية ، لكننا نبدي تعجبنا من استمرار إصرار الحكومة علي دعم إسرائيل بالغاز المصدر إليها بأقل من الأسعار العالمية ، ولفترة تصل إلي 20 عاما ، كما لا نري مبررا في استمرار دعم الحكومة للمواطن الإسباني الثري بالغاز المدعم – إذا كان الإسرائيليون فقراء بالأساس وبحاجة للدعم – ، ربما وجد رؤساء حكوماتنا في مدريد العاصمة الإسبانية أحياء تشبه منشية ناصر أو قلعة الكبش أو عزبة الصفيح أو حتي الدويقة ، لكننا لا نعلم عن الأسبان سوي كل خير ولا يربط شعبنا بهم سوي إعجابه الشديد بمباريات دوري ” البوندزليجا ” ، مقابل الكراهية الشديدة والتاريخية لإسرائيل .
إن إخطار الشعب عبر حكومته بزيادة الأسعار في اليوم التالي لعيد ميلاد الرئيس مبارك الثمانين – والذي شهد الدعوة لإضراب شعبي – ، يعني استخفافا شديدا بأحوال المصريين ، وكأنهم عوقبوا علي عدم إضرابهم أو كأن حكومتهم سعت لاسترجاع القروش التي دفعتها لعمال غزل المحلة في 6 أبريل أضعافا مضاعفة ، أو هي تسعي للرد علي أي تفكير في الاحتجاج الشعبي بزيادة أكبر في أسعار السلع الأساسية لإيقاف نمو المصريين ، مقابل حمايتها لمحتكري تلك السلع واحتضانها لهم .
إن مركز ماعت وهو يتابع المشهد في الشارع المصري من هرج ومرج جراء تلك الزيادات التي قصد بها صراحة ” طحن الفقراء ” ، يعتبر سياسات الحكومة الحالية أسوأ ما أنتجته الأفكار والنظريات الاقتصادية العالمية مجتمعة ، فلم تفلح حكومة واحدة في تطبيق ” نظيف ” للاشتراكية أو الرأسمالية أو حتي النظريات الشيوعية ، ولم تأخذ إحداها بما يحتاجه الشعب أو ينادي به ..،
إن المركز يري في زيادة الأسعار التي أقرتها حكومة الحزب الوطني بأغلبيتها داخل البرلمان ، تهديدا صريحا ومباشرا للسلام المجتمعي ، ودعوة حكومية جديدة وقوية – أقوي من دعوات شباب الفيس بوك – للإضراب والاحتجاج ، أو هي دعوة صريحة لكل من بيده سلطة أو نفوذ في إحداث المزيد من الفساد ، وإقرار الكثير من الرشوة تحقيقا لمبدأ الاكتفاء الذاتي الذي اعتاد المصريون عليه نتيجة سلب حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية علي يد حكومتهم المتجاهلة للعهود الدولية المقرة لهذه الحقوق .. الأيام قادمة ولننتظر مع الحكومة مزيدا من النتائج لسياساتها ..!!