26/5/2008
تابع مركز ماعت جلسات البرلمان أمس الأول – الاثنين – والتي شهدت موافقة أغلبية الحزب الوطني علي مد العمل بقانون الطوارئ لعامين تاليين ، مقابل رفض نواب المعارضة والمستقلين والإخوان المسلمين ، وموافقة النائب رجب هلال حميدة الذي برر موقفه علي طريقة ” نصف العمى ” ، وأرجعه إلي تخوفه من طبخ قانون مكافحة الإرهاب وضرورة الالتفاف إلي إيجابيات ” الطوارئ ” وأهمها من وجهة نظره عدم إغلاق الصحف المعارضة وظهور نحو 24 حزبا جديدا ومجيء 115 نائبا معارضا للبرلمان بينهم 88 من الإخوان المسلمين ، وتطبيق القانون علي السياسيين في أضيق الحدود ، كما كرر عبارات حكومية عن ضرورة ضمان استقرار الوطن وأمنه ، علي طريقة النائب ” الناصري سابقا ” حيدر بغدادي الذي أيد تعديل المادة 76 من الدستور .
ولا يجد المركز مجالا للحديث مجددا عن سلبيات القانون المشبوه الذي حكم مصر منذ أكتوبر 1981 دون انقطاع ، كما لا يتصور أن تكرر المنظمات الداعمة للحريات والحقوق إدانتها أو شجبها واستنكارها تقويض الشعب المصري مجددا باستثناء صار قاعدة تحكم العلاقة بين الحكومة والبرلمان ، والشعب ، الذي صدرت قرارات اعتقال بحق ما لا يقل عن 100 ألف شخص بينه خلال الربع قرن الماضي ، إنما يطلقها صراحة وتفاعلا مع كلمات رئيس مجلس الوزراء داخل البرلمان ” نجدد العمل بالقانون وهو كره لنا ” ، ويقول ” علي الحكومة التي لا تستطيع حكم الشعب بالرحمة ودون العصا ولا تستطيع التعامل معه بكرامة دون إهانة ومهانة .. أن تستقيل فورا ” …
وندرك أن حكم مصر بالقوانين الاستثنائية لم تؤمن استقرارا للوطن ولا الحكومة علي السواء ، وأصبح في ظلها المواطن ينظر إلي رجل الأمن علي أنه ” غير صديق ” ولا نود أن نقول ” عدو ” ، ومعها تنتفي مقولة ” الشرطة والشعب معا في خدمة الوطن أو القانون ” ، وعلي الناظر للأحداث أن يتأمل مشاهد الاعتقال العشوائي في سيناء وشبرا لخيمة وغيرهما بعد عدة عمليات إرهابية شهدتها مصر ليعرف إن الطوارئ حالة انتهت بالأبرياء إلي ما وراء الشمس ، ودمرت الحريات ونالت من الحقوق المدنية والسياسية ، وفضحت كثيرا من الانتهاكات المتواصلة للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية رغم توفير مناخ الاستقرار “بالطوارئ” لتعمل الحكومة بحرية وتفعل بالبلاد ما تشاء .
أما نواب الموافقة داخل البرلمان والذين ظهروا في صور نشرتها الصحف أمس وكأنهم ” يغيظون ” الشعب ونواب معارضة الطوارئ علي السواء ، فلا مجال للشك في أن كثيرا منهم حضر إلي مقاعده بفضل قانون الطوارئ ، ويفضلون استمرار الحالة التي كان لها الفضل في رقيهم علي حساب الحقوق والحريات الإنسانية ، نختلف معهم في مواقفهم كما نختلف مع توجهاتهم ، ونقولها صراحة ” فليسحب منهم المواطنون الثقة بعد تفريطهم في حقوقهم لصالح حكومة أتت بهم إلي البرلمان ” ، وكأن العلاقة بينهم وبينها ” شيلني وأشيلك ” ..
لقد واجه المركز الكثير من الصعوبات في تنفيذ الكثير من فعاليات برنامجه ” الحوار البرلماني – المجتمعي ” بسبب خشية هؤلاء النواب الحضور علي طاولة الحوار مع أبناء دوائرهم الانتخابية ومناقشة مشاكلهم معا ، ولا مجال إلا لإعلانهم صراحة ” إذا كنتم قد آمنتم علي مقاعدكم البرلمانية بعد زوال الإشراف القضائي علي الانتخابات ، فلن تأمنوا علي ثقة الشعب فيكم طالما ارتضيتم سلب حريته ” .