23/3/2009

هاجم برلمانيون وقانونيون الحكومة المصرية واتهموها بحماية التعذيب فى مصر والتستر على القائمين بها من ضباط الشرطة ، وأكدوا أنعدام الإرادة السياسية لتجريم التعذيب وتغليظ عقوبته وقالوا : الدولة لا تحترم القانون ولا تحترم شرف وكرامة وحياة مواطنيها بل أن التعذيب وانتهاك حقوق المواطنين بات أمراً منهجياً ومستمراً فى مصر ويتم بعلم ورضاء كامل من قيادات وزارة الداخلية .

جاء ذلك خلال الندوة ( هل يكفى تعديل المادة “126” عقوبات للحد من جرائم التعذيب ) التى عقدها المعهد الديمقراطى المصرى أمس ضمن فعاليات مشروع مراقبة الأداء البرلمانى بمناسبة تقديم النائب حسين ابراهيم مقترح تعديل المادة “126” عقوبات وشارك فيها الدكتور حسين ابراهيم مقدم الاقتراح والدكتور احمد ابو بركة عضو مجلس الشعب والأستاذ عادل مكى نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء والدكتور عماد الفقى استاذ القانون الجنائى والأستاذة أمل سلامة الباحثة بالمعهد الديمقراطى المصرى .

أكد المشاركون أن نواب الحزب الوطنى يقفون أمام تمرير تعديل المادة “126” بتغليظ عقوبة التعذيب وتوسيع دائرة الإتهام فيه لتشمل المحرض والساكت على التعذيب وكذلك أقتصار التعذيب على كون المجنى عليه متهماً ، وطالبوا بضرورة تعديل المادة “126” من قانون العقوبات كمرحلة مبدئية ويلحقها تعديلات عديدة على البنية التشريعية فى مصر لوقف جريمة التعذيب تماماً واعتبارها جريمة لا تسقط بالتقادم ومخلة الشرف تحرم مرتكبها من تقلد المناصب العامة أو السياسية مع اعطاء المجنى عليه فى قضية التعذيب الحق من تحريك الدعوى الجنائية مباشرة مع البحث فى مدى امكانية إنتشار دوائر قضائية متخصصة فى نظر دعاوى التعذيب .

بدأت أمل سلامة كلمتها بشرح القصور التشريعى المعمول به الآن بخصوص جريمة تعذيب حيث أوضحت أنه لا يوجد تعريف جامع مانع لجريمة التعريف بالأضافة لصعوبة إثبات الجرائم وضعف العقوبات المقررة للجريمة ، وان المواد التى ذكرها قانون العقوبات وهم المادة ( 126، 129) لا تحقق الحد الادنى من الضمانات للضحايا ، وأوضحت أنه على العكس أن هناك قانون هئية الشرطة رقم 109 لسنة 1971 فى مادته 102 الحق فى استخدام القوة .

وأضافت أن مواجهة الجريمة لابد من إرادة سياسية قوية وتعديل تشريعى يتضمن نظام قانونى متكامل لمكافحتها يبدأ بتعريف الجريمة وينتهى بتنفيذ الاحكام القضائية ، وانه لابد من تفعيل اتفاقية مناهضة التعذيب المصدقة عليها الحكومة المصرية عام 1986والتى طبقت للمادة 151 من الدستور أصبحت قانوناً ، وطالبت أن تعامل جريمة التعذيب معاملة الجرائم المخلة بالشرف التى تحرم مرتكبيها من الوصول لبعض المناصب وأن تغلظ عقوبة الجريمة بالسجن المشدد .

أكد حسين إبراهيم أن هدفه من اقتراح تعديل المادة 126 هو الحفاظ على كرامة المواطن المصرى القانون محل القوة مؤكداً أنه تقدم بالاقتراح حسب ما ورد فى التقرير السنوى الثانى للمجلس القومى لحقوق الإنسان ، وقال لقد زاد التعذيب فى مصر بصورة كبيرة ولا يجوز أن نبقى على عقوباته الهزيلة الموجودة فى القانون الحالى لا سيما وأن عقوبة أهانة مواطن أو ضربة وإهدار كرامته وشرفه فى المادة 128 من العقوبات أما الحبس لعام أو بحد اقصى أو غرامة 200 جنيه .

أكد أن لجنة الإقتراحات والشكاوى واللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس تعطلان المقترح بصورة متعمدة تحت دعوى احتياجه لمزيد من الدراسة بينما الحقيقة هى عدم رغبة الحكومة فى إجراء هذا التعديل على المادة 126 واللجنتان تساعدان الحكومة فى ذلك ، وقال : نسعى من التعديل فقط لتغليظ العقوبة فى جريمة التعذيب وأنما إيضاً توسيع مجالاً كى يصبح كل رئيس مسئول عن أفعال من يعملون تحت امرته وأن يكون فى حالة موت المواطن نتيجة التعذيب الجريمة توصف بالقتل العمد .

يرى أحمد ابو بركة أن مسألة التعذيب والحد منها لا يمكن أختزالها فى تعديل المادة (126) وانما تحتاج لعلاج كلى ومتكامل بمد إرادة سياسية وجملة تعديلات تشريعية لبتر ظاهرة التعذيب وقال : المنظومة التشريعية الآن تحمى مرتكبى التعذيب وتمنحه الحق فى استخدام قوته بحرية كاملة دون رقيب كمثال صغير لما يقوم به الحزب الوطنى من احتكار للسلطة والتصرف فى البلد كما يشاء ليلقى بها فى عصور الجاهلية .

وقال : المشكلة أن القائم بالتعذيب هو الشخص المنوط به حفظ الامن العام وانفاذ القانون وهذا ما لا يمكن الاستهانة به أو التماس اى عذر له فى فعلته وهذا الشخص لا يصلح معه اى عقوبات اصلاحية بل أن الرفق به يعتبر جريمة من المشرع ، ولذا يجب مراجعة كل النصوص القانونية ذات الصلة لتنص صراحة على ضرورة سرعة إجراء الضبط والتحقيق وتحريك الدعوى الجنائية مع ضرورة انتقال عضو النيابة العامة للتحقيق فور إبلاغه وأن يصدر تقرير الطبيب الشرعى فى خلال 24 ساعة مع بحث امكانية أنشاء دوائر خاصة لنظر دعاوى التعذيب .

حدد عماد الفقى مطلبين الأول ابقاء التجريم فى المادة 126 على تعذيب المتهم فقط مع تغليظ العقوبة بصورة رداعة ، والمطلب الثانى تعديل المادة 129 المتعلقة بتعذيب أو اهانة المواطن العادى غير المتهم وتحويل الاتهام فيها من جنحة إلى جناية ، وطالب الفقى أن ينص صراحة على امكانية ثبوت جريمة التعذيب عن طريق الترك أو الامتناع اذا كان للشخص سلطة منع التعذيب مع نص قانون جديد بمعاقبة الرئيس الهئية الشرطية أو جهاز الشرطة التى يتم فيها تعذيب مواطن ولا يستطيع تحديد هوية من قام بتعذيبه مع إعطاء الحق للمجنى عليه فى قضايا التعذيب بإستئناف قرار النيابة إذا ارتأت عدم وجود مبرر لتحريك الدعوى الجنائية .

وقال عادل مكى : نتحدث عن وقف التعذيب منذ سنوات وسبب استمراره هو عدم وجود إرادة للدولة فى ذلك ، فالدولة لا تريد وقف التعذيب لانها لا تحترم كرامة المواطن وجسده وةهذا سبب رفضها تغليظ العقوبة ، اكد أن المشكلة ليست فى تعديلها وانها فى إرادة الدولة التى تحمى التعذيب ، وقال : مصر هى الدولة الوحيدة التىتنص قوانينها على سجن الوزارء ولا تستطيع فيها حبس ضابط شرطة وهذا لان الدولة لا تحترم الدستور أو القانون ، قال : العجيب أن كل جرائم التى تنظرها المحاكم على انها تعذيب تصنف بإعتبارها أما استعمال قسوة أو قتل افضى إلى الموت وليس بينها جريمة واحدة تم تكييفها على أنها تعذيب .