صيحة من المنظمات الأهلية في يوم سلام أسيوط ساعدونا لنساعدهم

حل مشكلات الأسر والجماعات المهشمة في المجتمع يبقى بعيد المنال ما لم نتفهم طبيعة معاناتهم ونتعاطى ايجابيا مع هذه المعاناة من خلال كيانات مؤسسية قادرة على تقديم الخدمات لهم ، ومن خلال شبكة علاقات تضامنية وتكافلية واسعة ترتكز على المبادئ الأخلاقية والقيم الروحية من جهة ، وعلى قواعد الأمن المجتمعي من جهة أخرى ، وتجسد تلاقي جهود كافة أفراد ومنظمات المجتمع من جهة ثالثة .

وفي هذا الإطار تأتي أنشطة أيام السلام التي يعقدها مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية في المحافظات المختلفة ، وذلك ضمن فعاليات مشروع السلام المجتمعي الذي ينفذ بالتعاون بين المركز والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ( USAID ) ويستهدف إيجاد آلية مجتمعية لدمج أسر السجناء والمعتقلين في المجتمع مع تغيير نظرة المجتمع إليهم ، كما يعمل المشروع على نشر وترسيخ مفاهيم السلام الداخلي للفرد واحترام القانون وإتباع إجراءاته لنيل الحقوق وعدم إتباع الأساليب العنيفة .

وكان أخر هذه الأيام هو يوم السلام الثالث في محافظة أسيوط الذي عقد يوم السبت الموافق 14 مارس 2009 بنادي رابطة الحقوقيين بمدينة أسيوط ، وذلك بمشاركة عدد كبير من أسر السجناء والمعتقلين والأسر الطبيعية سواء المسلمة أو المسيحية والتي نعبر عن التنوع الطبيعي في المجتمع الأسيوطي ، بالإضافة إلى عدد من القيادات الشعبية والأهلية .

وقد اختلفت فعاليات يوم السلام الثالث عن أيام السلام السابقة من حيث اعتمادها الرئيسي على مجموعات العمل من بين أفراد الأسر المشاركة للخروج بأوراق عمل ومقترحات لحل المشكلات التي تعترض أسر السجناء والمعتقلين ثم عرض هذه الأوراق في جلسات عامة لمناقشتها والإضافة إلى محتواها .

وأثمرت النقاشات عن تشخيص واقعي لمشكلات أسر السجناء والمعتقلين في المجتمع الأسيوطي حيث كشفت عن تفشي البطالة بين شباب الأسر وضعف قدراتهم الإتمانية والتمويلية واستبعادهم المستمر من فرص الحصول على عمل شريف يوفر لهم عيشا كريما ، كما كشفت المناقشات عن تراجع في دور منظمات المجتمع المدني في مساعدة هذه الأسر بسبب ما يتعرض له هذا القطاع من ضغوط وما يعتريه من ضعف شديد في النواحي التمويلية والفنية ، وما يعترضه من عقبات تشريعية وإدارية .

ولكن هناك دائما جوانب مضيئة في الصورة ، فقد أثمرت جهود مركز ماعت من خلال مشروع السلام المجتمعي في الفترة السابقة عن ايجابيات عديدة فيما يخص أسر السجناء والمعتقلين ، حيث أصبح الكثير منهم أكثر اندماجا في المجتمع ، كما أن عدد لا بأس به منهم استطاع الحصول على عمل مناسب من خلال السعي المشترك للمركز وبعض شركائه المحليين والمتطوعين ، كذلك من الايجابيات المشجعة ما اقترحه بعض رموز المجتمع الأسيوطي المشاركين في فعاليات اليوم وما تم الاتفاق على تنفيذه وهو السعي لدى المستثمرين ورجال الأعمال في المناطق الصناعية في أسيوط لتوفير فرص للتدريب والتأهيل والعمل لبعض شباب أسر السجناء والمعتقلين .

وتبقى الحاجة الماسة إلى استمرار جهود العمل مع شريحة أسر السجناء والمعتقلين حتى يحدث الدمج الكامل لهم في المجتمع ، كذلك الحاجة الملحة إلى رفع قدرات المؤسسات والتنظيمات الأهلية على المستوى المحلي حتى تستطيع العمل بكفاءة وفاعلية مع الأسر الفقيرة والمهمشة وفي مركزها أسر السجناء والمعتقلين .