7/4/2009

عندما قلنا في تقريرنا الذي أصدرناه قبل الإضراب إنه معركة الخاسر فيها هو الوطن ، وأنه ليس إضرابا بالمفهوم الحقوقي والقانوني كنا نضع نصب أعيننا صالح الوطن أولا والالتزام بالمواثيق الدولية ثانيا والشرعية الوطنية ثالثا ، كنا منتمين ومتحيزين وملتزمين بالمهنية والموضوعية والعلمية لأبعد حد ولم تكن تحركنا أيديولوجية سياسية أو عقيدة دينية ، ولم يكن يعنينا كسب التعاطف الشعبي الزائف أو رضا السلطة الكاذب .

وها هي الأحداث تثبت صواب ما ادعيناه وتنحاز إلى وجهة نظرنا التي نسجناها من لحم الحقيقة ، وها هو ما سموه كذبا بالإضراب يفشل من المنظور التنظيمي حيث أضرب الناس عن الإضراب وسارت الحياة على طبيعتها في بر مصر ، اللهم إلا بعض التظاهرات السلمية – التي نؤيدها بالقطع – أمام نقابة المحامين وعلى سلالم نقابة الصحفيين وفي بعض جامعات مصر ، وكلها تثبت فشل الدعوة للإضراب وليس نجاحها ، لأنها دليل على خروج الناس من بيوتهم وممارسة حقهم الطبيعي في العمل والتسوق والتظاهر أيضا .

نعود ونؤكد أننا في ” ماعت ” لسنا ضد ألإضراب بشكله الشرعي المنصوص عليه في المواثيق الدولية وخاصة المادة الثامنة من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، ولكننا ضد امتهان هذا الحق بإطلاقه على غير ما يعنيه ، وضد استخدامه وتوظيفه في غير صالح الشعب ، وضد تكراره غير المبرر بالشكل الذي يفرغه من مضمونه .

والمتابع لسير الأحداث في الشهور الأخيرة يكتشف أن تعدد الدعوات للإضراب لأي سبب قد قضى على قيمته وأثر سلبا على درجة تأثيره وجدواه ، ومن ثم فلم يعد أداة احتجاجية مؤرقة للسلطة او ضاغطة عليها أو داعية لاتخاذها مواقف تستجيب لإرادة المضربين .

وهكذا نكون قد خسرنا وسيلة هامة من الوسائل التي أهدتنا إياها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان للحصول على حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية ، وإحداث التوازن المطلوب بين العمال من ناحية وأصحاب العمل من ناحية أخرى ، وليس لذلك من سبب سوى شهوة البعض في الظهور وادعاء البطولة ولو على جثة الحقيقة .

والمتابع لسير الأحداث يكتشف أن هذا الحدث لم يمر مرور الكرام ولكنه خلف وراءه جرحا في جسد الحرية ، إذ أن الدولة عمدت إلى الاعتقال كوسيلة لردع الداعين إلى الإضراب فقامت باعتقال حوالي 50 من الشباب والناشطين في التيارات السياسية الداعية والمؤيدة للدعوة مستخدمة في ذلك حالة الطوارئ التي بحت أصواتنا من الدعوة لوقف العمل بها وذلك بحجة الحفاظ على السكينة والأمن العام ، وهكذا تسود حالة الاحتقان والتشكك بين الدولة والتيارات السياسية ، ويصبح التوتر بديلا عن الحوار والتخوف بديلا عن السلام الاجتماعي .

ويؤكد ماعت على أنه بقدر رفضه لدعوة الإضراب الأخيرة فإنه يرفض أيضا استخدام القوانين الاستثنائية وسلاح الاعتقال وسيلة للرد ، ويدعو كل الأطراف السياسية والحكومية للعودة إلى فضيلة الحوار والالتزام بالشرعية الوطنية والدولية كوسيلة وحيدة لعدم الدخول في النفق المظلم ولا نقول الخروج منه لأننا نتمنى ألا نكون قد دخلناه .

[an error occurred while processing this directive]