29/4/2005

أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس في ساعة متأخرة من يوم 28 أفريل 2005 حكما يقضي بسجن الأستاذ محمد عبو المحامي والناشط الحقوقي مدة عام ونصف نافذة في القضية عدد 98347 من أجل الاعتداء بالثلب على الدوائر القضائية وعرض كتابات على العموم من شأنها تعكير صفو النظام العام، ومدة عامين سجنا نافذة في القضية عدد 19311 بتهمة الاعتداء بالعنف الشديد.

وكان الأستاذ عبّو قد أوقف مساء يوم 1 مارس 2005 في ظروف غير قانونية حيث تمّ اختطافه من قبل عدد غير قليل من أعوان البوليس لم يستظهروا له بهوياتهم عندما قطعوا عليه طريق عودته إلى منزله واستولوا على سيّارته ثم اقتادوه بالقوّة إلى أحد محلاّت الأمن دون إعلام عائلته أو هيئة المحامين أو وكيل الجمهورية لدى محكمة تونس كما يقتضي ذلك قانون الإجراءات الجزائية والقانون المنظّم لمهنة المحاماة.

وقد أوقف الأستاذ محمد عبّو يوما واحدا بعد نشره بالمجلّة الالكترونيّة “تونس نيوز” التي يُحجب موقعها على شبكة الأنترنيت في تونس مقالا بعنوان “بن علي- شارون” إثر توجيه الحكومة التونسية دعوة مبكّرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي لحضور قمّة مجتمع المعلومات التي ستنعقد بتونس في نوفمبر 2005 القادم.

وقد وجّه إليه الاتهام على خلفية مقال كان قد نشره في 25 أوت 2005 بعنوان “أبو غريب العراق وأبو غرائب تونس”على نفس الموقع الالكتروني. ثم تمّ تحريك دعوى تعود إلى سنة 2002 رفعتها ضدّه محامية ادّعت فيها أنّ الأستاذ محمد عبّو اعتدى عليها بالعنف الشديد.

وكان المحامون التونسيّون قد شنّوا إضرابا عاما في كافة المحاكم التونسية يوم 9 مارس احتجاجا على الإخلالات القانونية الفاضحة في هذه القضيّة والتعدّي البوليسي على حرمة القضاء والمحاماة. كما يواصل المحامون اعتصامهم الذي انطلق منذ 5 أفريل بدار المحامي تضامنا مع زميلهم محمد عبّو ومطالبين بإطلاق سراحه.

وقد جرت المحاكمة يوم الخميس 28 أفريل 2005 في ظروف استثنائية، حيث تمّ تطويق قصر العدالة منذ الصباح الباكر بحصار أمنيّ مكثّف ضربته فرق أمنيّة متعدّدة من غير شرطة المحكمة تعمّدت غلق المدخل الخارجي لقصر العدالة وصدّ المحامين والصحفيّين والنشطاء الحقوقيّين والسياسيّين والمواطنين العاديّين عن دخول المحكمة. ولم يتمكّن المحامون من الدخول إلاّ عند ارتدائهم لزيّ المهنة في حين تمّ استهداف عديد النشطاء الحقوقيّين وممثّلي الأحزاب لمنعهم من الدخول ومنهم حمّة الهمامي ومصطفى بن جعفر وخليل الزاوية وعلي بن سالم ولسعد الجوهري وسامي نصر… ولم يسمح للقاضي المختار اليحياوي من الدخول إلاّ بعد تدخّل الهيئة الوطنية للمحامين في حين تمّ الاعتداء بالعنف على الدكتور محمد الطالبي والسيدة سهام بن سدرين ممّا خلّف رضوضا ظاهرة على عدة أنحاء من جسدها.

وقد دارت الجلسة بحضور ملاحظين عن سفارات دول عديدة بالإضافة إلى ثلاثة من المحامين الفرنسيّين ومراقين حقوقيّين دوليّين.

وقد سجّل المجلس الوطني للحريات:

    • – إصرار رئيس هيئة المحكمة محرز الهمّامي على خرق قواعد المحاكمة العادلة وذلك بتمسّكه بعدم الفصل بين القضيّتين والحال أنّهما منفصلتان من حيث الزمان والمكان والوقائع والتهم. ورغم مطالبة لسان الدفاع بتأجيل النظر في القضية عدد 19311 والتي يمثل فيها الأستاذ عبّو بحالة سراح وإعلانهم استعدادهم للترافع في القضيّة التي أوقف من أجلها ورغم تدخّل الكاتب العام لهيئة المحامين لفض هذا الخلاف رفعت الجلسة ساعات وعادت هيئة المحكمة متمسّكة بموقفها مقرّرة الحكم في القضية رغم عدم نيابة المحامين وعدم استجواب الأستاذ عبّو.

 

    • – التعدّي على قواعد الإجراءات بالاكتفاء باستنطاق الأستاذ عبّو من قبل رئيس المحكمة وعدم تمكين محاميّيه من توجيه أسئلة إليه. ورغم شهادة الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين بأنّه لم يسبق في تاريخ القضاء أن وقع مثل هذا الإجراء، لم يتراجع رئيس المحكمة عن قراره وواصل الجلسة.

 

    • – عدم احترام لسان الدفاع وحرمانه من حقّه في تخيّر وسائل الدفاع، حيث لم يتوان رئيس المحكمة محرز الهمّامي عن توجيه التهديدات للمحامين والصراخ في وجوههم وسحب الكلمة منهم.

ويؤكّد المجلس الوطني للحريات :

    • – البعد السياسي لهذه المحاكمة والذي برهن عليه الحضور المكثّف للبوليس السياسي وتولّيه التحكم في قصر العدالة طيلة يوم المحاكمة.

 

    • – يحمّل السلطات التونسيّة مسؤوليتها عن تستّرها بالقضاء للتشفّي من خصومها.

ويطالب بالتراجع عن هذه الأحكام الجائرة في حق الأستاذ محمد عبّو وإطلاق سراحه وإنهاء التتبّع في شأنه.

عن المجلس
الكاتب العام
عبد القادر بن خميس