29/6/2005

عادت آلة التعذيب تشتغل بوتيرة مكثفة مع الشعور بالإفلات من العقاب و ضوء اخضر من قبل السلط الأمنية و السياسية تحت غطاء مكافحة الإرهاب. و بلغ الى علم المجلس العديد من الحالات بلغت حد الموت أحيانا نذكر منها:

1- تصريحات زياد الغضبان الشاب الذي تولت تسليمه السلطات الجزائرية

يوم الجمعة17/06/2005 المولود بالـمــرسى في14/04/1980 والمتخرج من المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا سنة2004، أنّه تعرّض لأبشع طرق التعذيب المادي والنفسي إثر تسليمه إلى البوليس السياسي، بدهليز وزارة الداخلية أين تم شدّ يديه بسلسلة بآلة “البلانكو” والتي تستعمل بورشات الميكانيك لحمل محركات السيارات، وجرى تعليقه بعد تجريده من ثيابه وتولى عدد من عناصر البوليس ضربه بعصا على أجزاء مختلفة من جسمه، كما تولوا صعقه بالكهرباء تحت إبطه الأيسر، وأوتي له بوعاء( بانو) من الماء تم حل قرص فيه كتب عليه بالأنقليزية Dont use in USA ( أي لا يستعمل بالولايات المتحدة الأمريكية)، كما تم حرمانه من النوم طيلة ليلة كاملة. أما العناصر المقترفة لهذه الجرائم فإنها تتخفى وراء كنيات، إذ يكّنى اثنان منها “بالحاج” والثالث ” فيلة”والرابع بـ” شمقمق”.

الشاب الموقوف على ذمة عميد قضاة التحقيق مثل يوم25/06/2005 بمكتب التحقيق المذكور للاستنطاق، وقد كان بحالة نفسيّة و بدنية مرهقة الأمر الذي جعله لا يقدر على الكلام إلا بصعوبة، فطلب لسان الدفاع من حاكم التحقيق معاينة حالته، خاصة وقد كشف المظنون فيه عن ركبتيه اللتين ظهرت عليهما آثار جروح وتقيّح، ثم عرضه على طبيب مختص لتبيّن سببها وتاريخها،

إلاّ أنّ قاضي التحقيق رفض المعاينة والعرض مدعيا أنّ الأمر هو من اختصاص وكيل الجمهورية- بالرغم من تمسك لسان الدفاع بأن الأمر هو من اختصاصه على معنى ما جاءت به أحكام الفصل53- الفقرة 2 من مجلة الإجراءات الجزائية والتي نصها ” ويأمر بإجراء الاختبارات ويتمم جميع الأعمال المؤدية إلى إظهار البراهين المثبتة أو النافية للتهمة”. كما جاء بالفقرة بالفصل 54: ” كما يمكن لـَهُ أن يأذن بإجراء فحص طبّي نفساني على المتهم”.

2- و نذكر بتصريحات المتهمين في القضية عدد13/6436 المعروفة بقضية مجموعة بنزرت


التي نظرت فيها محكمة الاستئناف بتونس يوم 15 جوان ، تؤكد وقائع التعذيب بدهليز وزارة الداخلية، فقد صرح محمد أمين الهذلي بأنه تم تعليقه بعد شد يديه بواسطة آلة ” البلانكو”، بعد تجريده من ثيابه، وإكراهه على حمل كرسي وهو جاثم على ركبتيه، ويتولى عون البوليس ضربه في ظهره ومؤخرته وقد تسببت هذه الأعمال له في حالات إغماء عديدة، إذ يستفيق وهو داخل زنزانته عدد15. كما صرّح المتهم لطفي الزين بأنّه تعرض للتعذيب بواسطة الضرب المبرح والتعليق عاريا من ثيابه بآلة البلانكو.

نفس أساليب التعذيب ورد ذكرها بتصريحات المتهمين محمد أنيس باجويا ومحمد بن محمد وتم ذكر أسماء الجلادين- بكنايتهم : ” الحاج1″ و” الحاج2″ و” الكاس” و”نبيل” وقد تقدم المحامون النائبون في القضية يوم15 جوان 2005 بطلب عرض منوبيهم الثلاثة محمد أنيس باجوريا ومحمد بن محمد ومحمد أمين الهذلي، على الفحص الطبي لتبيّن آثار التعذيب إلاّ أن المحكمة التي قررت النظر في المطلب إثر الجلسة صرحت برفضه دون تعليل.

وللتذكير فإن اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب المصادق عليها من طرف الدولة التونسية بموجب القانون عدد79 لسنة1988 المؤرخ في 11/07/1988 تنصّ بالمادة 15 على ما يلي : ” تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأيّة أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة التعذيب كدليل في أية إجراءات، إلا إذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الإدلاء بهذه الأقوال”. فالعمل بأحكام هذه الاتفاقية يؤدي إلى استبعاد ما يحرره أعوان أمن الدولة من محاضر والتصريح ببطلانها بناءًَا على ما ارتكب عند تحريرها من أعمال تعذيب مادي ومعنوي في حق الموقوفين.

3- هلاك مواطن من طبرقة بعد تعذيبه بطريقة وحشية أثناء إيقافه بشكل سرّي

هلك المواطن منصف الوحيشي بعد أسبوعا من تسليمه من قبل أعوان من البوليس السياسي لعائلته في حالة غيبوبة. والمواطن المذكور يبلغ من العمر 43 سنة، صاحب شاحنة نقل خاص وقد وقع إيقافه في مكان مجهول تابع للبوليس السياسي في مدينة طبرقة صبيحة الخميس 9 جوان 2005 حتى مساء الجمعة 10 جوان عندما تمت دعوة شقيقه حسين لتسلّمه. وقد تولّت عائلته نقله على الفور إلى مصلحة الاستعجالي بمستشفى طبرقة ثم إلى مستشفى جندوبة. وفي يوم الجمعة 17 جوان قضى منصف الوحيشي نحبه في معهد الأعصاب بتونس وهو في غيبوبة تامّة.

و مع تاكيدنا على ان تحديد الاسباب الحقيقية التي ادت الى وفاته يبقى رهين البحث فإنّنا نؤكّد أنّ دلائل عديدة تؤكّد خضوعه للتعذيب في مكان مجهول من قبل البوليس السياسي في مدينة طبرقة بعد إيقافه بتعلّة عدم تولّيه الإرشاد عن المدعو حليم عروة أصيل بنزرت والموجود بحالة فرار حاليّا خارج البلاد والمتهم بالانتماء إلى “تنظيم إرهابي” كان منصف الوحيشي قد نقله بسيارته في إطار عمله.

4- بنزرت: حالة هشام بن نصرالدين المناعي، 19 سنة، عاطل عن العمل

اعتقل صباح يوم 26 أفريل 2005 بمركز الأمن بنزرت من بيته ثم عاد إلى عائلته خائر القوى يتحرك بصعوبة. وفي المساء على الساعة الثامنة والربع وقع اعتقاله من جديد ولم يطلق سراحه. وكان قد اعتقل قبل ذلك بأيّام عندما كان في ملعب لكرة القدم وقامت مجموعة من أعوان البوليس السياسي بتفتيش بيته وقد وقع إطلاق سراحه في تلك المرة وهو في حالة يرثى لها وكانت على جسده آثار الضرب.

وفي يوم 27 أفريل عادت مجموعة من البوليس وفتشوا المنزل بقوّة. وبعد عشرة أيام حضر عون أمن إلى منزل عائلته وسجّل رقم بطاقة تعريف والدته وأعلمها بأنّه موقوف