30/4/2009
بمناسبة قرب إجراء انتخابات نقابة المحامين في 23/5/2009 تصدر المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان تقريرا عن نقابة المحامين .. عام من الأزمات .. وهذا هو ملخص التقرير : عاشت نقابة المحامين في الفترة الأخيرة أزمة طويلة سادت فيها صراعات حادة ذات طابع سياسي وقانوني بين عدد من القوى السياسية المؤثرة داخلها ، وسعت كل قوة من هذه القوى إلى استغلال أوراقها السياسية والنقابية دعما لمواقفه في الانتخابات القادمة . خاصة أن النقابة يوجد بها أشكال واضحة للتيارات السياسية سواء للإخوان (لجنة الشريعة الإسلامية) أو الناصريين (جماعة المحامين الناصريين) واليسار (تجمع المحامين الديمقراطيين) إضافة لتواجد وفدي، وكذلك تواجد ناشئ للمحامين الليبراليين بالإضافة إلى سعي الحزب الوطني للتواجد داخل النقابة من خلال أمانة المهنيين بالحزب، أو من خلال سعي الحكومة لعب دور رئيسي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر داخل النقابة. وعاشت النقابة منذ الحكم ببطلان المجلس الأخير فترة عصيبة لم تخلو أبدا من الصراعات الانتخابية والشخصية ، بدأ ذلك بالحكم الذي قضي ببطلان المجلس المنتخب في دورة عام 2005 ، ويمكن القول بأن النقابة طوال تاريخها الحديث لم تخلو من الصراعات سواء خلال عمرها المديد في فترتي السبعينات والثمانينات حتى أنفرد الإخوان المسلمين بالسيطرة في انتخابات عام 1992 و انتهت تلك الفترة بفرض الحراسة القضائية على النقابة عام 1996 واستمرت لمدة 5 سنوات حتى عقدت أول انتخابات عام 2001. وجاءت حكم الحراسة بسبب الصراع بين الإخوان و النقيب الراحل احمد الخواجة وما سمي وقتها بالجبهة القومية التي ضمت بين جنباتها (محامي اليسار والناصريين والحكومة). وتجددت الصراعات السياسية والنقابية بشكل علني بعد إنهاء الحراسة عام 2001 بسبب الخلاف بين الإخوان وسامح عاشور الذي حرص دوما على التأكيد على وصف جبهته بالقومية، وتميز هذه المجلس بنجاح 22 على قائمة الإخوان ، انضم من هؤلاء نصفهم تقريبا للنقيب ، ثم جاء مجلس 2005 والذي نجح لقائمة الإخوان 15 عضوا، وبدا الخلاف على تشكيل هيئة المكتب التي سعى كل طرف فيها إلى تأكيد تفوقه الميداني في مجلس النقابة وتمسك نقيب المحامين عاشور بصلاحيات موقعه الذي يعطيه عدد من الصلاحيات الأساسية في إدارة أمور النقابة خصوصا في المسائل المالية إلى جانب أنه استفاد من الدعم الحكومي الضمني له في مواجهة الإخوان. وظل المجلس مجمدا لمدة عامين تقريبا حتى تدخل الوسطاء ومن بينهم الدكتور محمد سليم العوا اخرون ، وانتهت هذه بالتوافق على تشكيل متوازن أرضى الطرفين مؤقتا بعد تدخل من عدد من الجهات ذات العلاقة بهما، كما شهدت النقابة أوقات محدودة من الهدنة خاصة التي تسبق عقد الجمعيات العمومية. وكانت صافرة البداية في الأزمة الأخيرة المستمرة منذ شهر فبراير 2008 حتى الآن بصدور حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان انتخابات مجلس نقابة المحامين والنقيب في انتخابات عام 2005 ، وأثير اجتهاد من جانب الإخوان بأن البطلان يشمل المجلس فقط لا يشمل موقع النقيب ، حتى لا يستفيد النقيب من الحكم ويصبح له الحق في الترشيح مجددا ، إلا أن المحكمة الإدارية العليا أشارت إلى بطلان كل من انتخابات المجلس والنقيب . ثم إقرار مشروع تعديلات قانون المحاماة بدعم من النقيب السابق سامح عاشور ، ثم تسليم النقابة لمجلس قضائي يرأسه رئيس محكمة استئناف القاهرة ، التي فتحت باب الترشيح وأعلنت عن عقد الانتخابات في نوفمبر 2008 ، ثم وقف الانتخابات بقرار من محكمة القضاء الإداري ، وتحديد محكمة جنوب القاهرة موعدا ثانيا لعقد الانتخابات في 18 يناير 2009 ، وقيام محكمة القضاء الإداري بوقف الانتخابات للمرة الثانية. أخيرا تحديد المستشار فاروق سلطان رئيس محكمة جنوب القاهرة بوصفه رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات النقابات المهنية موعدا لفتح باب الترشيح بدءا من 13 أبريل 2009 تمهيدا لإجراء الانتخابات يوم 23 مايو 2009 . وتدور الدائرة مرة أخرى ليقوم الطاعنين في القرارات الأولى بالطعن أخرى في هذا القرار بمبرر عدم اكتمال تنقية كشوف الجمعية العمومية. في كل مرحلة من هذه المراحل عاشت النقابة استقطابا سياسيا في الدرجة الأولى ثم نقابيا بالدرجة الثانية ، او استقطاب سياسي يحاول أن يتغطي عبر ما يسميه كل طرف تحقيق مصالح المحامين. وربما بدا هذا الاستقطاب واضحا منذ انتخاب المجلسين الأخيرين ، الذين اتسما بالصراع الحاد في أغلب الوقت بين نقيب المحامين ، وعدد من أعضاء المجلس المتحالفين معه ، في مقابل جبهة الإخوان المسلمين في المجلس. في هذا السياق:يشير التقرير إلى هذه المراحل بشكل مختصر ومظاهر الصراع بين الأطراف المختلفة، ودلالات هذه الصراعات والخلفيات التي تقف وراء هذه الصراعات وننهي بملاحظاتنا على هذه الأزمة التي مرت بها ولا تزال نقابة المحامين. من هذه المراحل الحكم ببطلان المجلس، الجمعية العمومية، تسلم المجلس القضائي النقابة، فتح باب الترشيح للمرة الاولى ثم وقفه من جانب القضاء الإداري ، فتح باب الترشيح للمرة الثانية من جانب رئيس محكمة جنوب القاهرة ثم وقفه من جانب القضاء الإداري، فتح باب الترشيح للمرة الثالثة. وأجواء المعارك الانتخابية الثلاثة. خلفيات الصراع الانتخابي والسياسي: في أعقاب الحكم ببطلان انتخابات 2005 ظهر جدل طويل بين المحامين والقوى السياسية المختلفة حول وجود نوايا حكومية لتأجيل الانتخابات في النقابة ، وسط جدل قانوني كبير طال اكثر من جانب، ومن جانب أخر ظهر خلاف كبير حول امتداد هذا البطلان إلى موقع النقيب ، وبالتالي السؤال هل يستفيد منه ولا تحسب له الفترة الثانية التي تولاها نقيبا ، ويحق له الترشيح لمرة ثالثة؟ أم يقتصر هذا البطلان على المجلس؟، خاصة أنه كانت هناك دعوى قضائية أخرى رفعها المحامي رجائي عطية المرشح لموقع النقيب في انتخابات 2005 ثم تنازل عنها لاحقا. وحسم الأمر بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بتأييد هذا الحكم لاحقا بامتداد البطلان إلى العملية الانتخابية نقيبا ومجلسا بتاريخ 5 مايو 2008. مع ذلك استمرت الصراعات بين مختلف الأطراف ، وخاصة في مرحلة أولى بين النقيب والإخوان المسلمين ،خاصة بعد دعوة نقيب المحامين إلى جمعية عمومية طارئة تقترح بعض الزيادات على المعاش والدمغات وإقرار صندوق للتأمين على المحامين في ظل الحكم ببطلان للمجلس وهو ما حكمت معه محكمة القضاء الإداري ببطلانها ، ومع ذلك انعقدت الجمعية في الموعد المحدد بعد القيام بحيلة قانونية مضمونها القيام بدفع عدد من المحامين(أنصار النقيب) للتوقيع على طلب لعقد هذه الجمعية وهو الأمر الذي أبطلته المحكمة فيما بعد أيضا . ثم دخلت الحكومة طرفا واضحا في الصراع من خلال معركة إقرار تعديلات قانون المحاماة ، وتبني مشروع القانون الذي أعده النقيب السابق سامح عاشور والذي يغير من هيكلة التنظيم النقابي ، وأضافت الحكومة مادة في صدر هذا المشروع تسمح ببقاء النقيب ونقباء النقابات الفرعية على رأس المجلس لمدة عام لحين إجراء الانتخابات . وتسببت هذه التعديلات في معركة حامية بين مؤيدين للتعديلات (جبهة سامح عاشور) ومعارضيها ، ونظمت الكتلة المعارضة الرئيسية للتعديلات والتي تمثلت في جماعة الإخوان المسلمين عدد من التظاهرات على سلم النقابة ومجلس الشعب، في المقابل حاول أنصار النقيب تنظيم بعض الوقفات لتأييد تلك التعديلات، إلى جانب ذلك كان هناك قطاع ثالث ضم عدد من نشطاء حقوق الإنسان ومحامين آخرين حاولت مناقشة هذه التعديلات بموضوعية من خلال قبول بعضها ورفض البعض الآخر. ودعت المؤسسة في تعليقاتها على هذه التعديلات بتأجيل عرضها على مجلس الشعب ، وعرضها مجددا على المحامين ومناقشتها بعيدا عن حالة الاستقطاب السياسي وحذرت من عدد من هذه التعديلات خاصة المادة الأولى التي حذفت لاحقا ومسألة التغيير من هيكلة التنظيم النقابي . استنتاجات ختامية : ترجع الأزمة الرئيسية التي عاشتها النقابة منذ فبراير 2008 في جانبها الرئيسي إلى الخلافات الداخلية بين الفرقاء ، سواء بين الإخوان وعاشور أو الفريقين وبين الطاعنين والذين يضموا انتماءات عدة ، ولمرة أخرى تتطابق مواقف الإخوان وعاشور في الوقوف ضد الطعون المرفوعة سعيا لإجراء الانتخابات. في المقابل تقف أجهزة الدولة تراقب الموقف . ـ رغم أن الطعون تأتي بسبب الخلافات الشخصية والسياسية بين الأطراف المختلفة بالنقابة إلا أنها بينت في أغلبها على مطاعن قانونية موضوعية وإجرائية تتمثل في الجهة المختصة بالإشراف على الانتخابات أو القانون الحاكم لها ،أوعدم إنشاء نقابات فرعية لبعض المحاكم الابتدائية، وتنقية الكشوف. وهناك مخاوف من أن تتسبب الطعون القانونية المرفوعة ضد الموعد الثالث لإجراء الانتخابات والتي حجزت للحكم في 10 مايو 2009 ، من إيقاف الانتخابات مرة أخرى، وبالتالي تستمر النقابة في مسيرة الخلاف السياسي والنقابي بين كل من الأطراف المتصارعة وأبرزها عاشور وأنصاره ومجموعة الإخوان ممثلة في لجنة الشريعة الإسلامية والطاعنين أنفسهم والذين يضمون أطراف مختلفة لكنها تختلف مع سياسات عاشور في إدارة النقابة. أيضا يستجد طعن من استبعدوا من كشوف الجمعية العمومية من هذه الانتخابات وقد رشح كل من مختار نوح وخالد بدوي نفسيهما لموقع النقيب تمهيدا للطعن في هذا الاستبعاد. وهكذا يستمر استخدام الجانب القانوني كسلاح رئيسي لوقف الانتخابات والجمعيات العمومية ، وقد اثبت هذا السلاح نجاحه خاصة من جانب منافسي عاشور خاصة أنه أوقف الانتخابات في مرتين سابقتين ويهدد بوقف الثالثة. ـ تظل الأوضاع في النقابة ومنها إجراء الانتخابات من عدمه مرهونا بالأحكام القضائية التي قد تصدر لاحقا سواء بقبول الطعون المنظورة أمامها ووقف قرار فتح باب الترشيح ، ام رفضها وبالتالي استكمال طريق الانتخابات وبالتالي اجراء تغيرات دراماتيكية وغير متوقعة في تاريخ النقابة، وهذا يرجع للدور المتصاعد الذي بات يلعبه القضاء المصري في التطور السياسي والنقابي في مصر، حيث اصبحت ملفات الأحزاب والنقابات وحرية الصحافة كلها معروضة أمام منصات القضاء. في المقابل استخدم عاشور وأنصاره سلاح التصريحات الإعلامية من خلال الصحافة الحزبية والمستقلة في محاولة لتأكيد صحة مواقفه ، أيضا استخدم عاشور سلاح حشد المحامين في الضغط لإجراء الانتخابات واستخدم الجمعيات العمومية خاصة الأخير منها للتأكيد على هذه المطلب. والمشكلة في هذا الموضوع أن كل طرف من تلك الأطراف تصر على وجهات نظرها ولا تسعى إلى الالتقاء حول حلول وسط ، وغيبة الأطراف المحايدة التي يمكن أن تطرح حلول للصراع النقابي والسياسي الحالي بين عاشور وخصومه الساعين لعدم إجراء انتخابات يمكن أن تطرح عاشور نقيبا لمرة ثالثة. وإصرار الأخير على الترشح باعتبار أن ذلك حقه القانوني الذي أعطاه له حكم القضاء بأبطال المجلس السابق. والتخوف الرئيسي من أن تستغل الحكومة تلك الصراعات المشتعلة لتجميد وضع النقابة إلى وقت غير معلوم والخاسر سيكون المحامين والمجتمع المدني المصري الذي سيفقد دور النقابة على المستوى المهني والسياسي. ـ يوما بعد يوما يتأكد هذا الاستقطاب السياسي داخل النقابة بين عدة أطراف منها المنادين بما يسمى بقومية النقابة وهم بالتحديد أنصار عاشور ، في مواجهة لجنة الشريعة الإسلامية الممثلة للإخوان المسلمين، ومشاهدة باقي الأطراف الأخرى ومنها الحزب الوطني والحكومة أو اللعب من خلف الستار ، كما دخلت اللجان القضائية المختلفة طرفا في هذا الصراع السياسي. باعتبارها الأداة الرئيسية التي حددها القانون 100 لسنة 1993 لإجراء الانتخابات من عدمه. المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان |
[an error occurred while processing this directive]