27/6/2006

تعرب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن بالغ قلقها من الحكم القضائي الذي أصدرته محكمة جنح الوراق بجلستها يوم الإثنين 26/6/2006 ، والقاضي بحبس الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور والصحفية سحر عيسي (غيابيا) والمواطن سعيد محمد عبد الله (حضوريا) بالحبس لمدة سنة مع الشغل لكل منهم وكفالة 10 الآف جنيه لكل منهم لاتهامهم بالسب والقذف والتحريض والاهانة والتطاول على رئيس الجمهورية. ويأتي هذا الحكم في سياق نشر رئيس تحرير جريدة الدستور مقالا عن مواطن رفع دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية بعنوان “مواطن من الوراق يطالب بمحاكمة مبارك وأسرته ” مستخدما الدعوى القضائية التي رفعها المواطن سعيد محمد عبد الله ضد رئيس الجمهورية . بعد قيام 4 محامين وثلاثة من المواطنين بقامامة دعوى سب وقذف واهانة ضد تحريض ضد رئيس تحرير الجريدة والصحفية ….

وهذه الدعوى من الدعوات القليلة التي يتم استخدام هذا الأسلوب فيها خاصة انه لا يوجد صفة أو مصلحة مباشرة للمدعين في رفع دعواهم .

ويأتي هذا الحكم في ظل تزايد نهج احالة الصحفيين إلى القضاء والحكم على عدد منهم بالحبس رغم تأكيدات رئاسية وتشريعية بقرب الغاء احكام الحبس في جرائم النشر وهو المطلب الذي اجمعت عليه الجمعيات العمومية للصحفيين التي أنعقدت أخيرا . على سبيل المثال تمت احالة الصحفيين وائل الإبراشي مدير تحرير جريدة صوت الأمة والصحفية هدى ابو بكر بنفس الجريدة ، والصحفي عبد الحكيم الشامي مدير تحرير جريدة آفاق عربية بالإضافة إلى المحامي جمال تاج عضو مجلس نقابة المحامين على خلفية اتهامهم بنشر ما سمي بالقائمة السوداء لقضاة ساهموا في تزوير الانتخابات . وقد بدأت أولى جلساتها يوم 18 يونيو الماضي امام محكمة جنايات القاهرة واجلت إلى شهر سبتمبر المقبل .

ولا نجد مبرر لحبس الصحفي على خبر أو مقال نشره، ويتساوى بمن أرتكب الجرائم الخطيرة كالسرقة او القتل أو الاتجار في المخدرات ، لان أي اخطاء في النشر يجب أن تعامل باسلوب يختلف عن عقوبات الجرائم العادية باعتبار أن النشر في الصحافة له علاقة أساسية بحرية الرأي والتعبير ودور الصحافة في نشر الأخبار وتعريف الرأي العام لما يحدث .

وهناك مخاوف من أن يكون هذا الحكم بداية حملة تستخدم فيها كل الأساليب لتصفية حسابات حكومية مع معارضيها من السياسيين(كما حدث مع الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد ) والصحفيين بسبب ما تنشره هذه الصحف من انتقادات لرئيس الجمهورية وغيره من المسئولين وهو الأمر المفترض لأن من يمتلك السلطة عليه ان يتحمل مسئولية انتقادات الرأي العام وتساؤلاته وهو الأمر المعمول به في أي مجتمع ديمقراطي . بالإضافة إلى ذلك فمواقف جريدة الدستور الأخيرة وغيرها من الصحف باتت تمثل صداعا دائما في راس النظام ورجاله. كما تعرب المؤسسة عن قلقها من أن يؤدي الحكم الأخير إلى خلق تناقض بين القضاء ـ والذي دافع الكثيرين من النشطاء والسياسيين عن استقلاله في مواجهة السلطة التنفيذية ـ والصحافة التي عبرت في اغلبها عن تأييد هذا المبدأ .

وفي النهاية تدعو المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان إلى ضرورة مناقشة مشروع القانون الخاص بالغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر الذي سيتم مناقشته في مجلس الشعب قبل نهاية دورته الحالية وأخذ رأي مجلس نقابة الصحفيين في نصوص هذا القانون، بحيث يكون متوافقا مع احترام حرية الرأي والتعبير وحرية تداول المعلومات وحرية الصحفي في الحفاظ على مصادره .