27/9/2006

تسعى الحكومة المصرية دائما إلى تأكيد هيمنتها على منظمات المجتمع المدني من خلال تكبيله بالعديد من القيود ، وهو الأمر الذي انعكس في صياغة قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 والذي يعطي الجهة الإدارية عشرات السلطات على الجمعيات الأهلية بدءا من الموافقة على التأسيس إلى إمكانية حل الجمعية أو المؤسسة .

في هذا السياق تعرب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن قلقها البالغ عما أثير حول مشروع قانون بتعديل قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية يحظر تلقى المنظمات الأهلية دعما من المؤسسات الأجنبية ، (حسب ما نشرته صحيفة الوطني اليوم لسان حال الحزب الحاكم ، في عددها الأخير الصادر بتاريخ 26/9/2006 ، بأن 20 نائبا طالبوا في بيانات عاجلة الحكومة بسرعة إصدار تعديل تشريعي في قانون الجمعيات الأهلية) ، ويؤدي هذا التعديل في حال صدوره إلى إضعاف دور الجمعيات والمؤسسات الأهلية باعتبارها تعتمد في ممارسة نشاطها على هذه المنح وتقليل دورها فيما يتعلق بتعزيز منظومة حقوق الإنسان ، وبالتالي يؤدي إلى زيادة هيمنة الجهة الإدارية والأمن على المجتمع المدني ومنظماته ، ويؤدي في النهاية إلى مزيد من الحصار المالي على أنشطة هذه المنظمات .

وحسب المنشور في الصحيفة أشار النواب إلى أن هذه المنظمات لم توجه اللوم لبابا الفاتيكان بسبب إساءته للإسلام ، كما أنها لم تندد بالعدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني !!!!!! ، والمتابع لدور وأنشطة المنظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية يكشف زيف وبطلان تلك الاتهامات ، حيث أن مواقف منظمات المجتمع المدني وفي القلب منها منظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية كانت واضحة في هذين الموقفين وغيرها ، بإدانة تصريحات البابا المسيئة للدين الإسلامي ، وفي نفس الوقت وقفت بكل قوة ضد العدوان الإسرائيلي الذي مارسه السفاحين الصهاينة ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني وطالبت بمحاكمة دولية لمجرمي الحرب الإسرائيليين الذي ارتكبوا تلك الجرائم ، بل أنها قامت بأكثر من بعثة لتقصي الحقائق وتوثيق هذه الجرائم على الطبيعة حتى قبل صدور القرار 1701 وتوقف العدوان .

يكفي النظر إلى مذكرة لـ 28 منظمة مصرية وعربية موجهة إلى البابا بنديكت السادس عشر بابا الكنيسة الكاثوليكية ورئيس دولة الفاتيكان حيث استلمها سفير دولة الفاتيكان بالقاهرة ،ورأت المذكرة أن (تصريحات البابا تدعم الكراهية الدينية والعنصرية وتدفع باتجاه صدام الحضارات) ، كما رأت الرسالة(أن بعض العبارات في هذه المحاضرة شكلت صدمة قاسية للموقعين على هذا الخطاب؛ لأنها وجهت لطمة لجهود تراكمت عبر نحو ثلاثة عقود من جهود الحوار بين الأديان وتعزيز قيم التسامح وثقافة السلام . وهذا مجرد مثال على مواقف منظمات المجتمع المدني المصرية التي طالما دافعت عن مبادئ القانون الدولي وقيم حقوق الإنسان ودافعت عن حقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية في نضالها لنيل حقوقها في الحرية والعدالة والاستقلال ، بل ان مواقف هذه المنظمات كانت أقوى من مواقف الحكومة المصرية ومسئوليها في إدانة العدوان والتضامن مع الشعب اللبناني .

كما قامت المؤسسة العربية في أكثر من بيان بإدانة هذا العدوان وأعربت عن تضامنها مع الشعبين اللبناني والفلسطيني تجاه الهجمات التي يتعرضون لها وحملت الكيان الإسرائيلي مسئولية جرائمه التي تخالف كافة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني وتعد جرائم حرب وفقا لاتفاقيات جنيف الأربعة.

في النهاية لا يمكن اعتبار هذا المشروع سوى محاولة ضمن محاولات مستمرة من جانب السلطات المصرية لتقييد وإضعاف دور منظمات حقوق الإنسان ، خاصة بعد اداءاتها القوية والمتميزة التي قامت بها أثناء انتخابات الرئاسة ومجلس الشعب وتقاريرها التي أكدت على أساليب تزوير إرادة شعبنا المصري بتلك الانتخابات ، وتأمل (المؤسسة العربية)من نواب الشعب أن يدركوا أهداف تلك التشريعات سيئة السمعة والا يسمحوا بتمريرها تحت أي ظرف.

كما تطالب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان بتغيير قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 بتشريع جديد يؤكد على استقلالية المنظمات الأهلية ويلغي هيمنة الجهة الإدارية و الأمنية على هذه الجمعيات ، والسماح بتكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية بالإخطار ، وإلغاء النصوص التي تكرس من تدخل تلك الجهات في شئون الجمعيات و مجالس إداراتها ، وتصل إلى حلها .