8/1/2007

تعرب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن قلقها من الإحكام الأخيرة التي نطقت بها دائرة شئون الأحزاب في المحكمة الإدارية يوم السبت الموافق السادس من يناير برفض تأسيس 12 حزبا سياسيا مرة واحدة ، وتشمل الأحزاب المرفوضة حزبي الوسط الجديد(ذو المرجعية الدينية والكرامة العربية (ذو المرجعية الناصرية) إلى جانب أحزاب الأمل الديمقراطي، والقومي المصري ، والقومي الحر ، والتحالف الوطني القومي ، ونهضة مصر الكنانة ، والسلام الوطني ، ونهضة مصر ، والحرية الديمقراطية، ويلاحظ أن تشكيل هذه الدائرة جاء منتقدا بإضافة عناصر غير قضائية لها بما أسماه قانون الأحزاب (الشخصيات العامة) التي تختار بناء على ترشيح وزير العدل، بما يتساوى مع تشكيل عدد القضاة في الدائرة الأولى للمحكمة والتي تضم 5 أعضاء . وتؤكد هذه الأحكام وهم التعدد الحزبي ، و زيف الحياة السياسية في مصر وفي هذا السياق تؤكد (المؤسسة العربية) أن هذه الأحكام تأتي في ظل واقع سياسي غير مشجع يتمثل في عدد من الملاحظات أهمها :

  • أن النظام السياسي الحالي لا يتبنى رؤية حقيقية باتجاه الإصلاح السياسي والديمقراطي . بل بالعكس يسير نحو التراجع عن الحقوق المكتسبة في التظاهر السلمي التي كسبتها الحركة الداعية للإًصلاح ليطيح حتى بالهامش السياسي الديمقراطي الذي طالما تحركت فيه الأحزاب والقوى السياسية المصرية .
  • أيضا من غير المنتظر أن تؤدي التعديلات المزمع إدخالها على 34 من الدستور ، إلى أية تغيير ايجابي في الحياة السياسية المصرية ، حيث تكرس هذه التغييرات التوجهات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها الحكومة بما يصب في تردي الحياة الاقتصادية للمواطنين ، كما يتضح منها الرغبة في تهميش الدور القضائي في الرقابة على الانتخابات التشريعية …
  • يشار إلى أن بعض مؤسسي بعض الأحزاب المذكورة قد قدما أوراقهما للتأسيس أكثر من مرة خاصة الكرامة والوسط من خلال تغيير الاسم ، وبذلك تأتي أحكام المحكمة لتغلق الباب الوحيد للموافقة على تأسيس الأحزاب سواء من خلال لجنة الأحزاب أو محكمة الأحزاب خاصة أن القضاء كان الأمل الوحيد لمؤسسي هذه الأحزاب في الموافقة على تأسيس أحزابهم ، وقد سبق أن قامت المحكمة بهذا الدور سابقا . .
  • الخلل الذي باتت تعاني منه الأحزاب الحالية من خلال تكريس النزاعات الداخلية وانفراد بعض القيادات بالسلطة ، وعجز بعضها عن أجراء انتخابات مستوياته الداخلية (الناصري والوفد نموذجان) وزيادة الانشقاقات الداخلية داخلها ، سواء بسبب لوائحها التنظيمية الجامدة أو بسبب الرغبة في الانفراد بالسلطة .
  • من جهة أخرى يلاحظ أن التعديلات التي أدخلت على قانون الأحزاب بموجب القانون 177 لسنة 2005 قد جاءت في إطار التشديد على مؤسسي الأحزاب ، والاستمرار في تقييد الحياة الحزبية ، من خلال وضع قيود عددية على العضوية المطلوبة لتأسيس الحزب ، من 50 عضوا إلى (1000) ، أي بنسبة 400 % .
  • تهميش الأحزاب السياسية في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت العام الماضي، حيث لم تحصل هذه الأحزاب مجتمعة الا على عشرة مقاعد برلمانية ، ولم تتشكل سوى هيئتين برلمانيتين لكل من حزبي الوفد والتجمع ، في حين لم ينجح لحزب الغد سوى مرشح وحيد، وتأتي هذه النتائج الكارثية بسبب التزوير و ضعف الهياكل الحزبية وحصارها في مقراتها .
  • يأتي ذلك أيضا في ظل حبس د. ايمن نور رئيس حزب الغد خلف السجون لـ 5 سنوات في ظل قضية تعوزها الأدلة،و يشير الكثيرون إلى أن هذا الحكم قد جاء لمجرد انتقاد(نور) للأوضاع السياسية القائمة ،كما يأتي ذلك أيضا في ظل صدور الحكم من قبل محكمة عسكرية استثنائية ـ في أكتوبر الماضي ـ على النائب طلعت السادات لمدة سنة ، والقيام بالقبض على العشرات من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة ، بالرغم من فوز هذه الجماعة بـ 88 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، ويثبت كل ذلك ضعف وتآكل قدرة النظام في مصر على تحمل وجود أي شكل من إشكال المعارضة الحقيقية.

وتأتي هذه الأحكام لتكون بمثابة تشييع نهائي للحالة الحزبية في مصر ، وهي تعطي في جملتها رسالة سلبية ومحبطة لكل من يرغب في ممارسة السياسة عبر الأبواب الشرعية والقانونية ، لتدفعه إلى طرق أخرى إزاء عجز القانون والإرادة السياسية للنظام في انتهاج مبدأ التعددية وتداول السلطة .

في هذا السياق تدعو المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان إلى إلغاء قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 ، نظرا لطابعه الاستبدادي ، ولما يضعه من سلطة لقيادات بالحزب الحاكم في الموافقة على الحزب من عدمه في ظل النص على ما يسمى بلجنة الأحزاب .

والنص على أن يكون تشكيل الحزب بالإخطار ، وصياغة قانون مبسط لا يقيد من حرية تأسيس الأحزاب سواء في عدد المؤسسين أو تمايز الأحزاب عن بعضها .