9/12/2007

تمر هذه الأيام 59 عاما على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 1948 ، وهو الإعلان الذي فتح الباب لإلزام الدول كافة بحد أدنى من حقوق الإنسان التي يجب احترامها وتعزيزها ، وفتح هذا الإعلان الطريق لصدور مواثيق ملزمة للدول باحترام الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وذلك عام 1966 و دخلا طور النفاذ بعدها بعشر سنوات ، وما تلا ذلك من صدور اتفاقيات لتعزيز حقوق المرأة والطفل ومناهضة التعذيب ووضعت هذه الاتفاقيات في خطوة متقدمة آليات لمراقبة تطبيق هذه الحقوق من جانب الدول ممثلة في لجان متخصصة تتلقى تقارير البلدان .

وعلى الرغم من مرور هذه السنوات فما زلنا نحتاج إلى خطوات كبرى لالزام الدول باحترام هذه الحقوق وتغيير تشريعاتها وقوانينها بما يتوائم مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان .

كما نحتاج إلى آلية دولية لتبني نظام لا يعتمد على المعايير المزدوجة وتغليب الطابع السياسي والعلاقات بين الدول على الطابع الحقوقي واحترام الدول لالتزاماتها .

وفي عالمنا العربي تغيب حقوق الإنسان وحرياته، ولذلك فهي تحتاج لنصوص تعمل على تطبيقها وتفعيلها من جانب السلطات الرسمية ، وتضع كثير من البلدان معوقات تعطل أي تطور ديمقراطي مما يؤثر على مبادئ تداول السلطة (ربما باستثناء ما حدث في موريتانيا ولبنان)، والفصل بين السلطات وتعزيز استقلالها ، واحترام حرية الصحافة ،و التنظيم والسماح لمؤسسات المجتمع المدني بالعمل في حرية بدون وضع قيود تكبل نشاطها ، واستمرار المحاكمات غير العادلة واحالة المواطنين المدنيين للمحاكمة أمام محاكم استثنائية .

وما زالت للأجهزة الأمنية المرجعية الأولى في إدارة الأمور في كافة الأنشطة السياسية والمدنية مما يتناقض مع المبادئ الواردة في الدساتير العربية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وكافة نضالات الشعوب ومقومات الدولة المدنية الحديثة .

من جهة أخرى لا تزال قوانين الطوارئ مفروضة في عدد من البلدان منها سوريا ومصر منذ عقود من السنين . ولا تزال هناك قوانين تمنع الحق في التنظيم وتكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية في كثير من البلدان العربية ، على سبيل المثال يمنع الناشطون في سوريا من تكوين جمعياتهم ، كما تمنع السلطات الليبية تكوين أي منظمات مستقلة ، وكذلك الحال في دول أخرى مثل بعض دول الخليج(البحرين نموذجا) . كما تنتهك السلطات التونسية حقوق النشطاء في التنظيم وحريتهم في الرأي والتعبير . وتتبني الكثير من البلدان المنع من السفر كقاعدة أساسية سواء في مواجهة نشطاء حقوق الإنسان أو السياسيين والمعارضين .

كما تطبق عدد من البلدان العربية قوانين تؤدي إلى حبس الصحفيين بسبب قيامهم بعملهم المهني وهو ما ظهر في الفترة الأخيرة خاصة في مصر وتونس ، وهو ما يتعارض مع حرية الرأي والتعبير ،وحق المواطن في المعرفة وتداول المعلومات . في فلسطين يستمر أخر احتلال استيطاني غاصبا لأرض الغير ، وتتصاعد ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصف المدنيين ومنهج العقاب الجماعي وبناء الجدارات العازلة حول القرى والبلدات الفلسطينية ومحاولة تهويد القدس والاستمرار في بناء المستوطنات على حساب أراضي الفلسطينيين وهو مما يتعارض مع اتفاقيات جنيف الأربعة وواجب الدولة المحتلة ومسئوليتها تجاه المدنيين ودون اعتبار لكافة القرارات الدولية التي تؤكد على ضرورة قيام دولة فلسطينية وتنزع الشرعية عن ما ينتج من الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة . وهنا يمثل حصار قطاع غزة وخنقه يوميا أكبر جريمة ترتكب في حق الإنسانية في القرن الجديد . كما لا يزال الاحتلال الأمريكي للعراق مستمرا منذ عام 2003 ، وتتصاعد جرائم هذا الاحتلال سواء بقصف المدنيين أو فرض الحصار على عدد من المدن العراقية . من جهة أخرى تستمر الجرائم العشوائية ضد المدنيين من خلال انفجار العربات المفخخة والذي يؤدي إلى مقتل الآلاف .

أن المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان تدعو البلدان العربية إلى احترام التزاماتها وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها وأصبحت جزءا من تشريعاتها الداخلية .

كما تدعو هذه السلطات إلى احترام حق منظمات المجتمع المدني (ـ نقابات ـ منظمات أهلية …. ) والاعتراف بحق الأفراد في إنشاء تنظيماتهم المستقلة والمعبرة عن آمالهم وطموحاتهم . والتمسك في هذا ا لأساس بما ورد في الإعلان العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان الذي صدر في 1998 .

كما تدعو إلى تفعيل دور الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ليكون صوت الشعوب في الدفاع عن حريتها واستقلالها وحقوقها الإنسانية بغض النظر عن الأصل أو الدين أو الجنس أو اللون أو المنشأ .

[an error occurred while processing this directive]