23/10/2007
زادت شكاوى مزارعى القطن خلال الفترة الاخيرة حيث تذكر عشرات الشكوى من البحيرة والقليوبية والفيوم والمنيا وبنى سويف ” أن الدنيا والاحوال تغيرت فبعد أن كان موسم جنى القطن هو موسم زواج الابناء وسداد الديون واقامة الافراح أصبح الآن تعبير عن الاحزان فالمزارعون بعد ان يحصدوا القطن يحملوه الى منازلهم داخل الشكاير البلاستيك بعد ان اختفت حلقات شراء القطن ثم يدللون على من يشتريه بسعر التكلفة بعد أن ظل فى الأرض أكثر من سبعة أشهر “.
يذكر الفلاحين ان ارتفاع اسعار ايجار الفدان لحوالى 4000 آلاف جنيها فى العام خلاف تكلفة جمع القنطار الواحد والتى بلغت 150 جنيه هذا خلاف تكاليف الرى والحرث والبذور والتسميد البلدى والكيماوى والمبيدات وقوة العمل والتى تصل الى أكثر من 3000 جنيه هذا خلاف اجرة نقله وتحميله والتى بلغت حوالى 150 جنيه للقنطار وبلغت انتاجية الفدان فى المتوسط 5 قناطير وبالتالى فإن زراعة القطن كى تعوض تكاليف زراعته يجب أن يصل متوسط سعر القنطار الى ألف وخمسمائة جنيه ، ويعتبر القطن المصرى طويل الطويلة ذو سمعة طيبة عالمياً حيث يتفوق فى نوعيته وصفاته على الاقطان العالمية خاصة فى انتاج انواع رفيعة من المنسوجات بينما تقوم المصانع المصرية بانتاج اقمشة رخيصة وخشنة لا تصلح للمنافسة فى سوق المنسوجات .
ويؤكد الفلاحين أن تجارة القطن فى مصر كانت تعتمد على الجلاب وتاجر الزهر وسمسار البورصة وكانت هناك ضوابط تحكم عمل هؤلاء فى الماضى وبعد تبنى الدولة لسياسات السوق الحرة ظهرت الكثير من المشاكل والتى تراكمت بفعل اهمال الدولة وانسحابها من تقديم الرعاية والخدمات حيث تحولت بعض مصانع الغزل والمحالج الى تجار يقوموا بتسويق القطن وتحكم الجلابين فى الاسواق ولا يوجد عرض وطلب حر يضبط الاسعار ، ومن جانب اخر انخفض السعر هذا العام الى 600 جنيه مقابل 770 فى العام الماضى بالنسبة للاقطان طويلة التيلة بينما وصل سعر القطن قصير التيلة الى حوالى 500 جنيه بعد ان كان سعره منذ اربعة اعوام يصل الى 1000 جنيه للقنطار ويعد القطن مصدر دخل للدولة من عوائده التصديرية ويرتبط القطن والصناعات النسيجية ويتكاملان حيث توفر الصناعة النسيجية فرص عمل لحوالى نصف مليون عامل بما يعادل 50% من اجمالى القوى العاملة فى القطاع الصناعى كما ان زراعة القطن توفر الكساء للمواطنين وتساهم فى توفير الزيوت من بذرة القطن بالاضافة الى توفير علف الحيوانات كما يتم استخدام عيدان القطن فى استخراج الطاقة فى الريف وساهمت سياسات الدولة فى الفترة الاخيرة الى خفض مساحة الاراضى المنزرعة قطناً هذا العام والتى تقدر بحوالى 585 الف فدان بعد ان كانت مصر تزرع حوالى 2 مليون فدان قطناً ويعود نقص المساحة الى ضعف العائد من الفدان اذا ما قورن بمحاصيل أخرى فى ظل ارتفاع أسعار ايجار الارض ومستلزمات الانتاج والتقاوى واسعار الحرث والرى والتسميد والمبيدات والعمالة والوقت الطويل الذى تستغرق زراعة المحصول واحتكار وتحكم القطاع الخاص والسماسرة فى الاسواق فى ظل غياب رقابة أجهزة الدولة واهمالها وعدم دعمها للمزارعين خاصة بعد تخلى الحكومة والتعاونيات عن دعم حقوق الفلاحين ، والشىء المؤسف ان يصرح الوزير مؤخراً بأن ملف القطن يدار بشكل سىء ويواجه العديد من المشاكل التى تجعله غير قادر على المنافسة فى الاسواق العالمية وسر العجب ان الوزير نسى انه المسئول عن هذه المشكلات ويجب عليه التخطيط عبر وزارته التى تسمى ” الزراعة ” لحل المشكلة وتطبق قواعد الادارة السليمة الجيدة والعادلة لملف القطن لحماية ثرواتنا الزراعية وحقوق الفلاحين .
وفى ظل غياب التخطيط فقد أكد الوزير ايضاً بأن اتحاد مصدرى القطن والشركات القابضة عليها الاعلان عن سعر القطن كل اسبوع ونسى سيادته ان اسعار الاقطان يجب اعلانها قبل مواسم الزراعة لتشجيع المزارعين ولاستقرار الاسواق ووقف الاحتكار والتلاعب بحقوق المزارعين أسوة بمحصول القمح والذرة!!
والمركز يتساءل اليست هذه السياسات هى التى تخلق الفوضى وتساهم فى تخبط الاسواق واعطاء مساحة للفساد والسماسرة لانتهاك حقوق الفلاحين ؟
وفى هذا السياق يطالب المركز وزير الزراعة بعدم اجبار المزارعين على زراعة القطن خاصة مزارعى أراضى الاصلاح الزراعى تحت تهديدهم برفع الايجار أو طردهم من الارض وخاصة فى ظل سياسات السوق الحرة التى تطبقها الوزارة … فلماذا يحمل الوزير الفلاحين وحدهم تكلفة سياسات الوزارة المتخبطة والتى يستفيد منها التجار والسماسرة وبعض قطاعات الحكومة ؟ وكما ان الوزير قد صرح مؤخراً بأن وزارته ليست جهة تسويق ودورها فى الاشراف على المحصول والانتاج .. والمركز يتساءل ما هى حدود هذا الاشراف ؟ ما هى خطة الحكومة للاشراف على استلام محاصيل الفلاحين دون تحكم واحتكار السماسرة والتجار؟ أو الاشراف على شركات حلج وغزل وتسويق الاقطان؟ وهل ستقوم هذه الشركات والتى تتسلم اقطان الفلاحين ببيعه لشركات الحكومة بنفس الاسعار أم ستقوم بتصديره بأسعار مضاعفة فى أوقات تعطيش الاسواق العالمية ؟.
وما هو دور بنك التنمية فى عملية تسويق الاقطان وتمويل التجار ؟ وما هى قيمة الفائدة على القروض التى يقوم بتقديمها للتجار لشراء فطن الفلاحين ؟هل هى نفس الفائدة على قروض الفلاحين الصغار ام يقوم باقراض التجار بفوائد منخفضة بدعوى دعم المزارعين ؟ والمركز يتساءل إذا كان كثير من المسئولين عن ملف ادارة القطن السيئة ” كما قال الوزير ” وهم مسئولون بالوزارة وأصحاب محالج للاقطان فى نفس الوقت – كيف يستطيعون الفصل بين مصالحهم الخاصة ومصالح الوزارة ؟ التى تتعارض بالفعل – حيث ترغب الشركات بشراء الاقطان بأقل الاسعار بينما من المفروض ان تقوم الوزارة بالاشراف على استقرار الاسواق وتحديد سعر عادل للمحصول يغطى التكاليف الفعلية لزراعة القطن وتوفير هامش ربح للفلاحين يكفى للمعيشة خاصة فى ظل ارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج الزراعى ؟
وعلى جانب أخر وفى نفس الوقت الذى تقوم فيها الحكومات خاصة فى دول الشمال بالتعامل الحذر مع المنتجات والبذور المعدلة وراثيا بفرض رقابة مشددة على تداول وانتاج البذور والتقاوى من أجل معالجة المشكلات والمخاطر الناجمة عن الانتاج المعدل وراثياً يفاجئنا الوزير بطرح مشروعا للسماح للقطاع الخاص بانتاج تقاوى القطن واعطاء صلاحيات تداول هذه البذور من خلال الوزارة !! والتى ستقوم بتسويق بذور التجار والشركات على المزارعين دون ضوابط للرقابة وفى ظل انتشار الفساد يتخوف مركز الارض من تدمير بذرة القطن المصرى وبدلاً من قيام الوزارة باتخاذ الاجراءات والضوابط لانتاج الاصناف الطبيعية من بذور القطن المصرى ذو الجودة العالية والسمعة الجيدة والذى يعتبر مورث قومى وملك للاجيال المتعاقبة للمصريين تعمل الوزارة على التفريط فى بذورنا الطبيعية .
ويؤكد تخوفنا انه لا توجد خبرات تراكمية لدى القطاع الخاص فى انتاج بذور القطن خاصة فى ظل احتكار شركات متعددة الجنسية للاسواق العالمية وتقوم بالسيطرة على الاسواق مما يهدد المزارعين بفقدان موارد رزقهم فى المستقبل وما يؤكد ذلك أيضاًً ان معهد بحوث القطن انتج أكثر من 90 صنف خلال السنوات الماضية تدهور عدد كبير منها ولم يتبقى منها سوى 8 أصناف نتيجة سوء التداول وغياب الرقابة والتهجين والخلط وكان يجب على الوزارة عبر مراكزها البحثية ان تقوم بإنشاء ” بنك للبذور ” يحفظ الانساب والصفات الطبيعية لكل صنف ويحافظ على التنوع الحيوى بالنسبة للقطن او غيره من بذور المحاصيل الزراعية ولكن للأسف وبشكل متخبط تقوم وزارة التجارة بخلط الاقطان الجيدة و الرديئة مما يؤدى الى تدهور اصناف القطن المصرى نتيجة اختلاط الاقطان وقد طرحت تقارير عديدة حلاً لهذه المشكلة بزراعة القطن المصرى الاشمونى طويل ومتوسط وقصير التيلة لكن معهد القطن المصرى يرى ان الحل فى زراعة الاقطان طويلة التيلة المهجنة وراثياً مع صنف Btgenes أحد أصناف القطن الامريكى المقاوم للحشرات! مما يهدد بمخاطر عديدة لزراعة وانتاج القطن المصرى .
والجدير بالذكر أن هذه البذور والتى تروجها وزارة الزراعة منذ عام 2000 وهى اصناف تحمل جينات مقاومة دودة ورق القطن وديدان اللوز و بالتعاون مع شركة موتسانتوق ” الامريكية المنتجة للقطن المعدل وراثياً وبمشاركة مركز البحوث الزراعية لانتاج صنفى معدل يعرف باسم Bollgmrdii . أدت الى نقص انتاجية الفدان مما يؤكد تخوفات مركز الأرض.
ويرى المركز ان مخاطر استخدام الهندسة الوراثية فى بذور القطن قد تؤدى فى المستقبل الى فقدان المصريين لبذورهم ذات السمعة الطيبة والالياف رفيعة المستوى حيث تقوم دولة مثل اليابان باستيراد اكثر من ثلاث الاف قنطار من صنف جيزة 45 وهو من اجود الاقطان فى العالم وتقوم بتصنيفه وبيعه كقمصان بمبلغ 120 دولار للقميص .
ان غض النظر عن نقص المساحات المزروعة من القطن وانخفاض الانتاج يعد تخريباً للاقتصاد القومى نظراً للآثار الخطيرة المترتبة على ذلك سواء كانت فى قطاع الغزل والنسيج أو فى انتاج الزيوت التى بلغت 10% فقط من جملة الاستهلاك المحلى ، والمركز اذ يتقدم بشكوى المزارعين فى مصر لوزير الزراعة وزير التجارة والاستثمار ورئيس الوزراء فإنه يطالبهم بالاعلان عن خطة الحكومة للتعامل مع مشكلات انتاج وتسويق القطن بالإعلان عن سعر ثابت لبيع المحصول قبل زراعته على ان يضمن هذا السعر تغطية تكاليف الانتاج ويضمن للمزارع تحقيق هامش ربح أسوة بمحصول القمح والذرة على ان تتضمن الخطة تطوير مصانع الغزل والنسيج التى يبلغ عددها 32 شركة تابعة للقطاع العام من حيث ادارتها وآلاتها لانتاج غزول مستخرج من القطن المصرى طويل التيلة رفيع المستوى لاستيعاب كل انتاجنا المصرى ولتوفير فرص عمل لمئات الالاف من العمال والسماح للمزارعين بتشكيل جمعياتهم ونقابتهم وروابطهم المستقلة للدفاع عن مصالحهم لتمكينهم من المنافسة العادلة والمتكافئة مع الفلاحين فى الاسواق العالمية ولخلق توازن اجتماعى بين المزارعين الصغار والتجار وكبار الملاك والشركات وتوفير مستلزمات الانتاج الزراعى بسعر التكلفة كما يطالب الحكومة بان تتضمن خطتها تعويض ودعم المزارعين عن خسائرهم بسبب زراعة محصول القطن هذا العام إعمالاً لقواعد المنافسة الحرة المتكافئة بينهم وبين فلاحين دول الشمال خاصة المزارعين الامريكين وعدم اجبار مزارعى جمعيات الاستصلاح الزراعى بزراعة القطن دون تعويضهم عن خسارتهم بالمقارنة بزراعة محاصيل اخرى وذلك لكفالة قيم المساواة والعدالة ولحماية الزراعة المصرية وحقوق الفلاحين فى أمان الزراعة والحياة الكريمة والزراعة الآمنة .
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org