ديسمبر 2003
في موجة جديدة من أعمال القمع ضد مواطني دارفور، وكرد فعل للإحباط السياسي والفشل الإداري للحكومة، يعمل قانون الطواريء المفروض بإستمرار من قبل حكومة السودان على تمكين السلطات المحليّة من تطبيق حظر التجوال من الغسق إلى الفجر، ما سيؤدّي في ظروف الحرب بالمنطقة لمصادرة الممتلكات وتفتيش المنازل بسلطات خارجة عن نطاق القانون تكفلها الدولة للجيش، الشرطة، الأمن ومليشيات الجنجويد المدعومة من قبل الحكومة في كافة المدن والقرى بدارفور. بإيجاز، قرّر نظام عمر البشير العسكري إغلاق منطقة دارفور بأكملها وعزلها عن السودان وسائر العالم كيما تجد الحريّة الكاملة لإغتراف الجرائم ضد الإنسانية بإستخدام إرهاب الدولة المتطرف.
إن هذه الإجراءات المنتهكة غير الدستورية التي يتم اللجو إليها مراراً تستهدف ترويع المواطنين الأبرياء بالتخويف بالقتل الجماعي الذي يفوق كل أعمال إرهاب الدولة المعروفة. بموجب حظر التجوال الجديد، سيكون لقوات الحكومة أن تعتقل كل من تشتبه الحكومة في كونه قائداً، عضواً، أو طابوراً خامساً للمجموعات المتحاربة في دارفور، إحراق المحاصيل، نهب ممتلكات المدنيين، التعذيب حتّى الموت، قتل المدنيين خارج نطاق القانون. أكثر من ذلك، فان الدارفوريين المتحدّرين من أصول افريقية سيصبحون في مواجهة خطر الإبادة الجماعية أكثر من أي وقت آخر مضى.
لقد تمّت معايشة نفس هذا العهد من مخاوف الحرب الأهلية في الجنوب على امتداد السنوات التي قامت فيها نفس هذه الحكومة العسكرية بتعطيل الحكم الدستوري للبلاد، إلغاء اتفاقية السلام التي حظيت بقبول وطني، وتصعيد الحرب الأهلية في سبيل “الجهاد” غير المتحضّر والحكم الإستبدادي. إن النتيجة موثّقة جيّداً في ملايين الضحايا، الدمار، وفقدان الثقة.
إن المنظمة السودانية لحقوق الإنسان – القاهرة تدين بأشدّ لهجة ممكنة تجديد حكومة السودان لأعمال الإرهاب في منطقة دارفور المسالمة، وهو ما يشير إلى الفشل الكامل للحكومة في الوصول لاتفاق مع مجموعات دارفور المتفاوضة عبر محادثات سياسية وإدارية سلمية.
إن لجوء الحكومة مجدّداً لعنف الدولة يعكّر (بل ويسمّم) الأجواء للسلام في مجمل البلاد، ويعرّض للخطر المفاوضات الحكومية “الحذرة” مع الجنوب، وينال من الوعود “المتكبّرة” للحكومة لسلام دائم مع مجموعات المعارضة الأخرى في الشمال “لأسباب أمنيّة مزعومة”، وسوف يتيح تطبيقاً متعسّفاً لقانون الطواريء لتعريض الضغوط المدنية المتزايدة من أجل السلام والديمقراطية للخطر. مرة أخرى، فان جهود الحرب يجرى توطيفها وإساءة استخدامها من قبل حكومة مصمّمة على إبادة شعبها.
إن إعادة المجموعة الحاكمة المصمّمة على إبادة شعبها إلى العقل والصواب، تستدعي إجراءات حازمة تتضمّن إعمال الضغوط الوطنية، الاقليمية والدولية على حكومة السودان لوقف كافة أعمال الحرب، حظر التجوال العسكري، ورعاية المليشيات والدعم الأمني. يتعيّن على أية حكومة مسئولة أن تيسّر مفاوضات نزيهة ضمن مؤتمر دستوري يؤكّد المشاركة المباشرة للمعارضة الديمقراطية السودانية، منظمات المجتمع المدني، والقيادات العسكرية، الأمم المتحدة، ووسطاء محادثات سلام الايقاد.
للتعجيل بهذه العملية تدعو المنظمة لإقامة حكومة انتقال ديمقراطية تمثّل كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتذليل المشكلات القومية التي تعمّد نظام عمر البشير تصعيدها على امتداد البلاد، ولا يبدي أية رغبة في معالجتها سلمياً كما هو واضح.
الإجراءات الصحيحة من قبل حكومة قومية مسئولة تتضمن وقف أعمال الأمن/الجنجويد وأيضاً عمليات المتحاربين في دارفور، المحاسبة الكاملة عن الأعمال الإجرامية أمام قضاء مستقل، حرية التنظيم والتجمع السلمي والصحافة، الإلتزام القاطع بمباديء حقوق الإنسان الدولية، مراقبة منتظمة لحالة حقوق الإنسان في المناطق المحاصرة، والتوفير الفوري لعمليات الدعم الإنساني والتعويض القضائي للمجتمعات المتضرّرة والمواطنين الذين جرى إنزاحهم عن بلداتهم.
– تناشد المنظمة السودانية لحقوق الإنسان مفوضية حقوق الإنسان لإتخاذ إجراءات فعّالة لوقف أعمال الإبادة الجماعية المخطّطة من قبل قوات الحكومة بحق شعب دارفور البرئي.
تعرب المنظمة عن دعمها القوي لحقوق شعب دارفور في العيش دون تمييز، مظالم سياسية-إدارية، أو عدم التحمّل العرقي. تطالب المنظمة المجموعات المحاربة بوقف كافة أعمال الحرب في المنطقة. يتعيّن على حكومة سودانية مسئولة أن تقوم على الفور ب:
-
- – وقف أعمال الحرب في دارفور،
-
- – توفير دعم إنساني عاجل للسكان النازحين
-
- – ضمان العودة الفورية للسكان النازحين إلى مناطقهم في كرامة، و
- – الاعتراف بحق الشعب في المشاركة كشركاء كاملي الحقوق في عملية السلام الجارية التي تستهدف فرصة تسوية شاملة للأزمة السودانية، دون أي تمييز