تعرب المنظمة السودانية لحقوق الانسان – القاهرة عن قلقها العظيم من حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها السلطات في السودان الاسبوع الماضي بحق قيادات سياسية وناشطين وعسكريين يتحدّر معظمهم من أصول افريقية في دارفور. ويزيد من قلق المنظمة أن السلطات توجه اتهامات جسيمة ضد هؤلاء المعتقلين تعاقب عليها قوانين الحكومة بالإعدام والسجن المؤبد. ويعاظم من قلق المنظمة أن المسئولين ووسائل الإعلام الحكومية في البلاد تقوم بصورة غير مسبوقة بتجريم المعتقلين إعلامياً في منافاة لأبسط قواعد العدالة التي تفترض براءة المتهمين لحين إدانتهم من قبل قضاء مستقل.

وحسب المعلومات التي تحصلت عليها المنظمة فان الاعتقالات طالت العشرات، وأمكن للمنظمة التعرف على أسماء بعضهم وهم: د. حسن الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي، د. بشير آدم رحمة الأمين السياسي للحزب، إبراهيم السنوسي عضو الهيئة القيادية في الحزب، بدر الدين طه أمين الأمانة الاجتماعية في الحزب، المهندس آدم الطاهر حمدون أمين أمانة الحزب بالعاصمة الخرطوم، حسن ساتي عضو الهيئة القيادية وأمين الأمانة الاقتصادية، سليمان صندل المحامي القيادي في الحزب، محمد أحمد دهب وأحمد فضل الناشطين بالحزب إضافة إلى أربعة محامين هم: محمد عبد الله الدومة، محمد إسماعيل، محمد هارون، وبابكر عبد الله.

ومن بين العسكريين الذين جرى اعتقالهم أمكن معرفة أسماء كل من: عقيد طيار فتحي أبكر محمد صالح، مقدم مهندس عبد الله محمد آدم إدريس، رائد طيار هاشم محمد صالح علي الشريف، نقيب طيار عبد المجيد عباس حماد، نقيب خالد عثمان نصر حمدان، نقيب صلاح الدين عطية الله عجيب، نقيب عبد الله شمينا عبد الجبار بخيت وعلي إبراهيم فضل وسيد المقبول آدم الحاج والنقيب عبد الله الحاج أحمد.

ويواجه معظم المعتقلين إتهامات بالمواد50، 58، 62، 63، 66، و69 من القانون الجنائي لسنة 1991 وهي اتهامات تتعلق بالعمل على تقويض النظام وإثارة الكراهية ضد الدولة والتحريض على التخريب وإثارة الفتنة، ويعاقب عليها القانون بالإعدام والسجن المؤبد.

كما قامت السلطات بإغلاق جميع دور حزب المؤتمر الشعبي الوطني في الخرطوم والولايات الأخرى.
وتعتقد المنظمة أن حملة الاعتقالات الأخيرة تقف وراءها دوافع سياسية الأمر الذي يتأكد من تصريحات المسئولين ومن بينهم رئيس الدولة الذي اتهم الترابي في احتفال عام أقيم بالنيل الأبيض بكونه “لا يريد الشريعة” الإسلامية بعدما كان يدعو لها وبأنه “أحل الخمر وفتح البارات في الخرطوم” في إشارة إلى اقتراح كان قدّمه الترابي بتطبيق القوانين في العاصمة على أساس شخصي بدلاً من إنفاذ القوانين الإسلامية على جميع سكانها.

وترى المنظمة أن آراء الترابي الأخيرة في ما يتعلق بتطبيقات الشريعة الاسلامية تسبب الحرج للحكومة باعتبار الترابي مرجعاً للمشروع الإسلامي الذي ما تزال تتبناه الحكومة، ما يحملها على إقصائه من الساحة. وتعتقد أيضاً بأن حملة الاعتقالات الأخيرة، لاسيما في أوساط العسكريين، قد هدفت إلى إقصاء المتحدرين من أصول دارفورية افريقية من القوات المسلحة التي توجهها الحكومة لشن حرب إبادة ضد المجموعات الافريقية في دارفور. وكانت المنظمة قد حصلت على معلومات في وقت سابق بأن عسكريين يتحدرون في دارفور أبدوا سخطهم العلني من سياسات الحكومة في دارفور وأن بعضهم قد رفض تنفيذ أوامر بتنفيذ غارات وهجمات عسكرية ضد المدنيين في المنطقة.

وتدعو المنظمة السلطات في السودان إلى وقف حملتها لتجريم المعتقلين إعلامياً، وإلى تمكينهم من حقوقهم الأساسية ومنها الحق في المثول أمام محاكم طبيعية مستقلة والاستعانة بمحامين ومقابلة ذويهم وغير ذلك. وتطالب المنظمة أيضاً بالتعامل مع المتهمين باعتبارهم أبرياء لحين ثبوت الاتهامات الموجهة ضدهم، وسرعة إطلاق سراحهم متى ثبت عدم صحة الاتهامات.

من جهة أخرى حصلت المنظمة على معلومات بصدور أحكام بالقطع بحق أربعة متهمين في دارفور. فقد أصدرت محكمة جنائية خاصة في نيالا حكما بقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى بحق أربعة متهمين هم: إدريس إبراهيم إدريس، محمود يحيى آدم، يحيى الدومة يحيى، وعبد الكريم عبد الله آدم. وكان المتهمون الأربعة قد تم القبض عليهم في مارس 2003 بتهمة نهب عدد من سيارات المواطنين وحيازة أسلحة.

وتعرب المنظمة مجدداً موقفها الثابت من تقديم المتهمين أمام محاكم خاصة تتنافى إجراءاتها مع مقتضيات العدالة، كما تؤكد رفضها للأحكام الجسدية باعتبارها أحكام محطة بالكرامة الإنسانية وتتنافى مع مباديء حقوق الإنسان الدولية التي صادق عليها السودان.
وتدعو المنظمة السلطات لوقف هذه الأحكام، وإعادة تقديم المتهمين أمام محاكم طبيعية عادلة.