3 يوليو 2004

– لتعزيز برنامج عمل دارفور: يتعيّن على الرئيس وقف المحاباة الحزبية، تسريح قوات الدفاع الشعبي وقف دعم الجنجويد
– قضاء مستقل وإطلاق سراح فوري للسجناء السياسيين والعسكريين
– عضوية النساء ومجموعات حقوق الإنسان في لجنة تقصي الحقائق الخاصة بدارفور

تلحظ المنظمة السودانية لحقوق الإنسان القاهرة بقلق بالغ الفشل المستمر لحكومة السودان في التعامل مع أزمة دارفور التي افتعلتها الحكومة وذلك على الرغم من التأكيدات الحكومية والتعهّدات الصادرة من رئاسة الجمهورية.

رغم انتهاء الزيارات رفيعة المستوى من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكي إلى إلتزام إعلامي جديد للحكومة بنزع سلاح المليشيات التي تسيطر عليها الدولة، دفع أنشطة العون الإنساني لتيسير العودة الآمنة للضحايا إلى مناطق سكنهم، ومحاكمة كافة المسئولين أو أعضاء مجموعات المليشيا المسئولين عن الجرائم التي أُرتكبت بحق المواطنين، أكّد وزير شئون البرلمان ” عبد الباسط سبدرات اليوم (الجزيرة 3 يوليو) اقتناع حكومته بأن “الاعلام الدولي يضخّم المشكلة” المنحصرة في مقاطعة واحدة فقط من بين خمس مقاطعات أخرى مستقرة في الأقاليم الثلاثة لدارفور.”

إن نفي مسئول الحكومة البرلماني لضخامة الأزمة اليوم (3 يوليو) يضيف تقييماً حكومياً مستهتراً جديداً للوضع المريع في دارفور، ما يلقي بالمزيد من الشكوك على أحدث تعهد للرئيس أمام الكيانات الدولية “بايجاد حل سريع للمشكلة”.

أكّد المسئول البرلماني للحكومة بأن “السلطات ستوقع اتهامات رسمية بحق الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم في المنطقة.” مع ذلك، فان الوزير لم يحدّد هؤلاء الأفراد، سواء أكانوا قادة المليشيات الخارجة على القانون أو المعارضين السلميين للنظام. لم يحدّد الوزير ماهية الجرائم التي ستحاكم عليها حكومته، كما أنه لم يشر إلى لجنة تقصي الحقائق التي أعلنتها الرئاسة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت بحق المواطنين في الصراع المسلح بالمنطقة خلال عامين.

وهو يمضي أكثر لانتقاد الضغوط العالمية المتزايدة على حكومة السودان كيما تتقيّد بالتزاماتها الوطنية والدولية لضمان التمتع الكامل بالحل السياسي السلمي، الإغاثة الإنسانية العاجلة، والعودة الآمنة للديار للسودانيين من أصل أفريقي في دارفور، فان تصريح المسئول يعيد مكرراً الموقف غير المكترث لحكومته تجاه المطالبة العالمية بتفعيل تدابير ناجزة لوقف الأزمة. إن تصريح الوزير يعيد من جديد تعهّد رئيسه في الذكرى الخامسة عشر لثورة الإنقاذ (انقلاب يونيو العسكري الذي جاء به إلى السلطة السياسية في 1989) بـ “تنفيذ تدابير أمنية مكثّفة في دارفور.”

تلحظ المنظمة السودانية لحقوق الإنسان – القاهرة أن التدابير السياسية والاجتماعية-القانونية الملحة المطلوب تنفيذها من قبل الحكومة في تعاون وثيق مع أعيان دارفور ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها المعارضة السودانية، قد جرى التهوين من شأنها بشكل مقلق في خطاب الرئيس.

بغية نزع سلاح الجنجويد الذين تدعمهم الحكومة، يتعيّن على حكومة السودان القيام على الفور بتسريح قوات الدفاع الشعبي التي يعتبرها رئيس الجمهورية القوات النظامية الأكثر إخلاصاً له ويتولى شخصياً قيادة مواكبها المثيرة للرعب في العاصمة الوطنية الخرطوم.

في غياب الرقابة الدقيقة على أنشطة مليشيات الحكومة وكذا في ظل عدم وجود لجان السلام للحكومة-المعارضة، تشعر المنظمة بأن الحكومة سوف تمضي على الأرجح إلى تكثيف التدابير الأمنية الهادفة لإخضاع مناصري الثوّار وغيرهم من جماعات المعارضة داخل وخارج دارفور تحت قانون الطواريء السائد.

تبدي المنظمة قلقها العظيم من أن الخطاب المطوّل للرئيس في ذكرى مرور 15 عام على الحكم الاستبدادي قد فشل في عرض تقييم واقعي لمؤتمر سلام دارفور، لجنة تقصي الحقائق حول الوضع في دارفور، و”نزع سلاح قطّاع الطرق في دارفور وكذا الخارجين على القانون” – وهي الأسماء البديلة التي أستخدمها للإشارة إلى مليشيات الجنجويد التي تدعمها حكومته ومجموعات الثوار، على التوالي.

إضافة إلى ذلك، تلاحظ المنظمة إنحياز الرئيس ل “منظمات المجتمع المدني” الموالية لحكومته، على نحو ما أكّد في خطابه، وتحديداً تلك المنتفعة من الحزب الحاكم منذ انقلاب يونيو العسكري في 1989 على حساب منظمات المجتمع المدني غير الحكومية التي تتعرض للمضايقة القاسية من قبل قوات أمن النظام.

تعتقد المنظمة أن المراسيم الرئاسية قد تجاهلت عن خطأ الطبيعة الشمولية للأزمة، ما أدّي للقعود بالجهود الجارية لعقد مؤتمر دارفور.

بنفس القدر فقد أدت المراسيم لتحزيب لجنة تقصي الحقائق بعدم تمثيل الناشطات من نساء دارفور، دون اعتبار للنسبة العالية من النساء والأطفال الذين كانوا ضحايا المليشيات المتنازعة، وغيرهن من أفراد المجموعات القانونية والاجتماعية غير الحكومية الذين تمس حاجة الضحايا لخدماتهم.

لم تعن المراسيم الرئاسية في التقليل بأي شكل من الأوضاع بالغة الخطر التي يتعرض لها باستمرار مواطنو دارفور في المعسكرات البائسة بعيداً عن بلداتهم. تتخيّر الرئاسة في السودان مساندة مليشياتها وقواتها النظامية وحمايتها من أي احتمال للمحاكمة أو المساءلة القانونية.

وتلحظ المنظمة باستياء اصرار الحكومة على اتباع معايير مزدوجة تجاه الحاجة الماسة لتسخير كافة طاقات الدولة لمواجهة الكارثة المتفاقمة سوءاً في دارفور وذلك بالتوجيهات الأمنية المتحيّزة التي تفتقر إلى أية حمية سياسية أو إنسانية فعّالة.

يتعيّن على حكومة السودان أن تكبح بحزم إصرار مسئوليها للتهوين من القلق الكبير للعالم تجاه الأزمة في دارفور.

– يتعيّن على مسئولي الحكومة والمتحدثين بأسمها الاعتراف دون مراوغة بجسامة الأزمة، الخسائر الهائلة في الأرواح والممتلكات، والتهديد المستمر الذي تمثله الأزمة للحياة الكريمة، الوحدة الوطنية وسلام البلاد.

– تناشد المنظمة حكومة السودان الشروع في برنامج عمل فوري، دون أي تمييز من قبل الدولة أو محاباة من جانب الرئاسة، بهدف وقف أزمة السكان الأصليين لدارفور في تعاون وثيق مع أحزاب المعارضة، ثوار دارفور ومنظمات المجتمع المدني في السودان.

– تناشد المنظمة جيش وحركة تحرير السودان والمجموعات المسلحة الأخرى الإلتزام الثابت والمستمر بعملية السلام، اتفاقيات وقف إطلاق النار، والحوار السلمي.

وتؤكد المنظمة على غياب القضاء المستقل، إلغاء مجلس قضاء السودان، فصل مئات القضاة، التضييق على نقابة المحامين وتسييسها بشكل غير شرعي، وإبدال النظام القضائي السوداني المتين بنظام قانون جنائي مريع كأداة سياسية لإخضاع السكان من خلال التبعية البيروقراطية لرئيس الجمهورية والتنفيذيين الآخرين ومسئولي الجيش والحزب.

إن الاعتقال الإعتباطي العسكري، التوقيف، المحاكمة، الأحكام بالسجن، وإعدام عشرات المواطنين في دارفور لهو تعبير عن التطبيق، بشكل خارج عن نطاق القضاء، لقانون العقوبات بواسطة المسئولين التنفيذيين للحكومة. إن قطاعاً كبيراً من المواطنين الضحايا في دارفور يتمثل في النساء، كبار السن والأطفال المغلوبين على أمرهم بصورة متزايدة.

– لتطوير المناخ المواتي لإنجاز التسوية السلمية الشاملة لبروتوكولات نيفاشا، يتعين على الحكومة أن تعيد بصدق استقلال القضاء ونقابة المحامين.

– يتعيّن على الحكومة كفالة الممارسة الديمقراطية للحريات العامة، حرية الصحافة، والتمتع بحق التنظيم الحر والتجمع السلمي دون أي رقابة أو مضايقة أمنية.

– يتعيّن على الحكومة أن تطلق على الفور سراح الناشط في مجال حقوق الإنسان د. مضوي إبراهيم آدم، زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض د. حسن الترابي وأعضاء حزبه، وضباط الجيش من أبناء دارفور الذين إتهمتهم الحكومة سياسياً بالشروع في انقلاب عسكري للإطاحة بتظامها الحاكم.

إن المنظمة على دراية بمناخ الإرهاب السائد، الذي أثار بشدة روع المواطنين من غير العرب في دارفور بالاعتداءات التي اغترفتها الحكومة وأيضاً الأعمال الوحشية للجنجويد، بجانب فشل الحكومة في ضمان وصول العون الإنساني للضحايا من السكان وإصرار كبار مسئولي وزارة الخارجية، العدل والبرلمان الحكومي للتهوين من الأزمة أو التأثير على لجنة تقصي الحقائق حتّى قبل شروعها في مهمتها للتحقيق في دارفور.

بغية ضمان تحقيق عادل في أزمة دارفور بواسطة لجنة تقصي الحقائق الرئاسية، تعيد المنظمة مجدداً مناشداتها السابقة لحكومة السودان ومفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (راجع مناشدة المنظمة السودانية لحقوق الإنسان في 30 اكتوبر 2003، و11 مايو 2004) لإتاحة تمثيل غير حكومي قوي، عادل وفعّال في لجنة تقصي حقائق فاعلة وذات سلطات. وللوصول إلى هذا الهدف، فان المنظمة السودانية لحقوق الإنسان – القاهرة تدعو الحكومة إلى:

– ضم ممثلين عن مفوضية حقوق الإنسان، منظمات حقوق الإنسان الدارفورية داخل وخارج البلاد، ونقابة المحامين إلى لجنة تقصي الحقائق كأعضاء نشطين.

– كفالة وضع مراقب لممثلي منظمات حقوق الإنسان الدولية، الاقليمية والوطنية في اللجنة.

– كفالة تمثيل فعّال للنساء من جهات غير حكومية، وبصفة خاصة النساء ذوات الصلة بالعرقيات المنكوبة في دارفور، للمشاركة بشكل كامل في أنشطة اللجنة.