24/2/2010

عقد مركز الأرض لحقوق الإنسان بمقره بالقاهرة يوم الخميس الموافق 18/2/2010 ندوة بعنوان: “العمال المصريون..ضحايا الرأسمالية “بحضور نحو 50 مشارك من عمال النسيج والنقابيين وممثلى منظمات غير حكومية مهتمة بحقوق العمال إضافة إلى لفيف من الإعلاميين والصحفيين لتغطية جلسات الندوة.

بدأت فعاليات الندوة بكلمة أسامة بدير – منسق الندوة، أكد فيها على ان تدهور حقوق العمال جاء نتيجة تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادى واقتصاد السوق الحر. حيث لم تراعى البعد الاجتماعى والاقتصادى لاوضاع العمال المصريين مما أدى لتشريد وطرد آلاف العمال لينضموا إلى طابور البطالة المتفشية أساسا فى المجتمع، وزاد الأمر تعقيدا فى ظل أزمة مالية طاحنة أستغلها رجال الأعمال فى مصر وحملوا تبعاتها للعمال، ما آثر حفيظة هؤلاء العمال فى القيام بمئات الاعتصامات والاحتجاجات والتظاهرات لدرجة أنه خلال النصف الثانى من شهر يناير 2010 حدث 59 احتجاج فى 55 موقع.

ثم كانت الجلسة الأولى وتناول المحور الأول للندوة ” الأزمة الاقتصادية العالمية .. امتحان لمبادئ اقتصاد السوق الحر ” وترأسها الأستاذ عبد الغفار شكر- نائب رئيس مركز البحوث العربية، حيث أكد على أن مركز الأرض لحقوق الإنسان منذ تأسيسه عام 1996 يكاد يكون المنظمة الوحيدة التى تتولى الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين، مشيرا إلى جهد المركز المتواصل فى هذا المجال، كما أكد شكر على أهمية عقد هذه الندوة التى تناقش موضوعا يهم نحو 35% من سكان مصر هم طبقة العمال، ودعا شكر كل الحاضرين فى هذه الندوة إلى ضرورة مناقشة أفكار جديدة وصولا إلى حلول لمشاكل عمال مصر فى ظل واقع محتقن على كل الأصعدة.

ثم تحدث الأستاذ الدكتور أحمد السيد النجار – مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤكدا على أن قضايا العمال في ظل التطور التقني أصبحت متشابه إلى حد بعيد على المستوى العالمي، وأنه لا ينبغي الوقوف على الحلول التقليدية لتلك القضايا، وأضاف النجار أن من أسوء ما حدث في العالم وفي مصر سيطرة رأس المال على الحكم لأن عادة الرأسمالية كانت تحكم من الطبقة السياسية بالتخلى عن المسئولية الاجتماعية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي تأصلت فيها الرأسمالية كان الرئيس رأسمالي سياسيا فأصبحت الرأسمالية حيادية تجاه المصالح الاجتماعية، فالقاعدة الذهبية الأولى للرأسمالية المساه ” العلم المتزامن بظروف السوق” أى أن جميع الرأسماليين على علم بظروف التغير في السوق في آن واحد والوضع الحقيقي بالتفصيل عن السوق، إلا أن غياب هذه القاعدة في مصر وحدوث الخصخصة خالف الاتجاه العالمي. وشدد النجار على أن العامل الأساسي لتفجير الأزمة المالية ضعف الطلب الفعال – الطلب المقرون بالقدرة على الشراء – نتيجة سوء توزيع الدخل وغياب العدالة الاجتماعية. وعن الطبقة العاملة في مصر أكد النجار على أن عليهم بالفعل النضال من أجل ارجاع حقوقهم وأضاف بأنه يجب مساندتهم من الهيئات المعنية بحقوق الإنسان فهم أكثر بؤسا، رغم ما تروجه الحكومة عن قيمة الدعم الذى تقدمه – فالدعم في مصر يبلغ 6.2%، بينما في أمريكا 12.9%، وفي المانيا 25.9% ، وفرنسا 24.4%، وبريطانيا 24.4% وعليه فمصر اكثر البلدان بوسا وتعانى طبقة العمال من فقر شديد نتيجة ضعف الدعم الحكومى للخدمات الأساسية مقارنة بدول اخرى، إضافة إلى أن الدعم لايصل لطبقة العمال والكادحين بل يصل فقط للطبقة العليا الرأسمالية.

هذا وقد ركزت مدخلات هذه الجلسة على تداعيات الأزمة المالية العالمية على كل دول العالم بصفة عامة ومصر بصفة خاصة فى ظل تغيرات إقليمية ودولية ساهمت وإلى حد كبير فى تباطؤ معدل النمو العالمى، وضعف معدلات الاستثمار وبالتالى على فرص العمل المتاحة.

أما الجلسة الثانية التى كانت تناقش محور العمال والأزمة الاقتصادية العالمية فى مصر برئاسة أسامة بدير والذى أكد بدوره على أن طبقة العمال فى مصر هم أفقر طبقة فى المجتمع المصرى تعانى من تدنى مستوى الأجور فى الوقت الذى تتضاعف فيه أسعار السلع والخدمات الأساسية، إضافة إلى البيئة غير المناسبة صحيا وفنيا التى يعملون فيها ما يجعلهم عرضة لمخاطر جمة. وعرض بدير نتائج لدراسة علمية أعدها البنك السويسرىUBS حول “الأسعار والرواتب” في 73 مدينة في العالم بين شهري مارس وإبريل عام 2009، حيث كشفت أن العامل في القاهرة – الأكثر كدحا فى العالم – يعمل أكثر من نظيره في أي مكان في العالم، بمتوسط ساعات عمل سنوية يصل إلى 2373 ساعة عمل، بواقع 600 ساعة إضافية سنويا عما يعمله نظيره في الدول الأوروبية، فى حين أن متوسط العمل العادي للإنسان يبلغ 1902 ساعة سنويا.

ثم تحدث صابر بركات – عضو اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعماليةعن الأسباب والدواعي الدافعة لمزيد من اختناق سوق العمل المصرية، حيث ضربت الأزمة المالية العالمية ونتائجها على الاقتصاد الوطني أسس الأمان الاجتماعي، وعصفت بالعديد من حقوق العمال وعلى رأسها الحق في العمل ذاته بتصفية وغلق كثير من المصانع، ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة التي قد تمتد لسنوات قادمة. ونوه بركات إلى أن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية قدم توصية عاجلة للحكومة المصرية بضرورة وضع حد أدنى عادل للأجور لأنه الأمر الذي يأمن حدوث انفجار الشعب في اللحظة الآنية، ولفت بركات إلى أن الحد الأدنى للأجور يتحدد وفقا لمتوسط الثروة الوطنية – بواقع 900 جنيه شهريا لأسرة مكونة من 4 أفراد وفق البيانات الرسمية – الذى ينبغى أن يوزع بعدالة ليغطى الأحتياجات الأساسية لاستمرار حياة الإنسان بكرامة مؤكداً على ان الحد الادنى يجب أن يزيد عن ذلك لتلبية احتياجات المواطنين الاساسية .

واختتمت هذه الجلسة بعدد من المدخلات التى أكدت على أن عمال مصر أمام تحدى حقيقى للواقع الأليم المحيط بهم، خاصة تعنت وزارة القوى العاملة فى الوقوف بجانبهم ضد المستثمرين ، إضافة إلى الإجراءات القمعية واللإنسانية التى تمارسها وزارة الداخلية بكل أجهزاتها، نتيجة كثرة الاحتجاجات العمالية للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية المفقودة مع سبق الإصرار والترصد بتواطء وفساد حكومى.

ودارت الجلسة الثالثة برئاسة كرم صابر – المدير التنفيذى لمركز الأرض، والمعنونة بـ عمال النسيج نموذج للتحركات العمالية المناضلة وأوضح أن قطاع النسيج يعمل به حوالى مليون عامل وان اكثر القطاعات العمالية تأثراً بسياسات الخصخصة ، كما أن هذا القطاع اتسم خلال السنوات الماضية بأن عماله كانوا فى مقدمة مشهد المقاومة العمالية .

ثم تحدثت الدكتورة فاطمة رمضان – باحثة بمركز الدراسات الاشتراكية مؤكدة على أن حركة احتجاجات عمال النسيج في مصر كسرت الحدود والحواجز في التعبير عن حقوقهم أمام القوى السياسية، بعد أن شهدت انخفاض شدتها منذ التسعينات، ومع تطبيق سياسة الاصلاح الاقتصادى – الخراب الاقتصادى – والخصخصة وبيع الشركات لرجال الاعمال، اشتدت حركة احتجاجات عمال النسيج مع بداية الألفية الجديدة بعد الاعتداء على حقوق العمال، ولفتت فاطمة الإنتباه إلى أن احتجاجات العمال امتدت إلى الأمور السياسية مثل التضامن مع الشعب الفلسطينى، واحتجاجات اخرى ضد توريث الحكم وتشويه صورة القضاء في مصر. وأوضحت فاطمة أنه طبقاً لتقارير مركز الارض لحقوق الانسان وصل عدد الاحتجاجات فى عام 2002 وحده قد بلغت نحو 96، ثم ارتفعت إلى 226 عام 2004، ووصلت إلى نحو 222 احتجاجا عام 2006 ثم اخذت في التزايد حتى بلغت 756 عام 2007 إلى أن أصبحت 742 فى عام 2009. وعللت فاطمة خصوصية قطاع الغزل والنسيج في تاريخ الاحتجاجات بمصر إلى أنه يعد القطاع القائد لكل الحركات العمالية الاخرى، إضافة أن أعمار العاملين به تتراوح ما بين 50 – 55 سنة غالبا ما يكونوا قد عاصروا تغيرات سياسية كثيرة اكتسبوا خلالها خبرات منذ عام 1978.

هذا وقد ركزت معظم مدخلات هذه الجلسة على قسوة الظروف المحيطة بعمال غزل المحلة على اعتبار أنهم نموذج قوى للاحتجاج والتظاهر على الأوضاع المتردية التى يعانوا منها، كتدنى الأجور وافتقاد كل مقومات عناصر الآمان الصناعى والاجتماعى بصفة خاصة، تسببت فى ضياع استثمارات قطاع النسيج بما يعادل نحو 40 مليار جنيه.

وكانت الجلسة الرابعة التى ناقشت برنامج عمل وطنى دفاعا عن حقوق العمال أملا فى إنقاذ عمال مصر من تدهور أوضاع صناعة النسيج فى مصر واقتصاد مصر من الخراب تحدثت وفاء المصرى – محامية وناشطة حقوقية، مستعرضة تصاعد أزمة العمال مع دخول برنامج الخصخصة حيز التنفيذ، حيث أخذت الحركة العمالية أشكال متعددة وجديدة مطالبة ببعض المطالب الفئوية أهمها الحصول على الأجور العادلة التى تتوافق مع مستوى الأسعار وحصة عادلة فى الأرباح. وشددت وفاء على ضرورة مساندة القوى السياسية حركات هؤلاء العمال فى مطالبهم والوقوف معهم ضد كل من اغتال حقوقهم المشروعة وفق القوانين والتشريعات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق العمال والتى وقعت عليها الحكومة المصرية سلفا، وينبغى عليها احترامها وتفعيل كل ما نصت عليه. وحذرت وفاء أنه مع غياب دور اتحاد العمال عن مساندة العمال فى قضاياهم العادلة، ولتجنب شق الصف والقدرة على توحيد الجهود ينبغى إيجاد قوة تستطيع الضغط والتفاوض أمام الحكومة ورجال الأعمال. وأكدت وفاء على أنه لابد من أن يقوم العمال بتنظيم أنفسهم من الداخل والبحث عن أدوات القوة التى يمكن استخدمها ضد الحكومة، وكذا تحديد محاور التفاوض لديهم، فمثلا يمكن اللجوء الى اللجنة النقابية وإن لم تنجح في مساندتهم ورفع مطالبهم للسلطة وممارسة الضغط عليها، تشكل لجنة عامة لتحقيق مطالبهم ، ويمكن لمراكز حقوق الإنسان تدريب العمال وتسلحهم بأساليب التفاوض والضغط على المستثمرين والحكومة لتلبيلة مطالبهم العادلة والمشروعة، كذلك من الأدوات الرئيسية للتفاوض تشكيل هيئة دفاعية عن عمال مصر من المحاميين والإعلاميين لمساندة قضايا العمال في مصر والمناداة بحق العمال في نقابة مستقلة عن الحكومة تمشيا مع قانون 71 ومادته 56 التى تتحدث عن حق انشاء النقابات على أساس ديمقراطى دون أى قيود.

هذا وقد ركزت مدخلات هذه الجلسة على أنه ينبغى تعدد صور وأشكال المقاومة والكفاح السلمى من جانب كل عمال مصر لكفالة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية المسلوبة وضمان فرص عمل أمنة وعادلة وحياة كريمة لكل العمال المصريين .

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز .

ت: 27877014- 202+ ف: 25915557-202+
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org