8/7/2005

الأحد 9 يناير 005: تهنيء المنظمة السودانية لحقوق الانسان – القاهرة الشعب السوداني في الجنوب وفي الشمال، القارة الأم إفريقيا، والمجتمع الدولي بأسره بالتوقيع على اتفاقيات نيفاشا للسلام، التي وضعت نهاية تاريخية رسمية لكوارث حرب الشمال-الجنوب بضمانات معاهدة ذات اعتراف دولي هدفت إلى تلبية تطلعات شعبنا في تحقيق السلام العادل، التنمية المستدامة، والديمقراطية الطبيعية.

في هذه المناسبة الجليلة، تأمل المنظمة السودانية لحقوق الانسان أن ينجز طرفا السلام، حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، بنجاح التزامات السلام الملقاة على عاتقهما وفقاً للاتفاق

والوعد الذي قطعا به لتطوير اتفاقيات نيفاشا إلى إجماع وطني يمضي

على أساس من المساواة، بالسلام العادل والدائم، اقتسام السلطة، والمشاركة في عملية صنع القرار الوطني للمناطق المهمّشة الأخرى، وبصفة خاصة دارفور، جبال النوبة، شرق السودان، وكذا الأقاليم الشمالية أيضا.

إن المنظمة السودانية لحقوق الانسان القاهرة لتعيد تأكيد القلق المحلي، الاقليمي والدولي العميق بشأن الأوضاع المتفاقمة سوءاً للنازحين من أبناء دارفور والعنف المتزايد في الاقليم

ومن ثم، إمكانية “إتخاذ إجراء عاجل” حسب كلمات الأمين العام للأمم المتحدة (8 يناير 2005) لمواجهة الوضع.

في هذه الآونة، تشدّد المنظمة على مناشدة السودانيين للعالم حول أزمة دارفور الانسانية، والتي اعتبرت حكومة الخرطوم “مسئولة تماماً عن الأزمة”، وتدعو المجتمع الدولي للعمل عن كثب مع شعب السودان لوضع نهاية للأزمة من خلال مؤتمر قومي دستوري.

وتشدّد المنظمة، بوجه خاص، على الحاجة الملحّة لضمان تمثيل حقيقي لكافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في اللجنة القادمة الخاصة بالدستور الانتقالي.

ومن الأهمية بمكان، يتعيّن على اللجنة المعنية إيلاء اعتبار حازم لكافة مواثيق واتفاقيات حقوق الانسان الدولية، وكذا الموروث القضائي السوداني والحقائق الاجتماعية، لدمقرطة ترسانة القوانين القمعية للحكومة، بروح السلام الذي تضمّنت عليه اتفاقيات نيفاشا، بغية كفالة التمتّع الكامل بحقوق الانسان والحريات العامة لكل المواطنين، غض النظر عن المعتقد الديني، الموقف السياسي، الوضع الاجتماعي، أو أي معيار تمييزي آخر.

بوجه خاص، يتعيّن على اللجنة توفير نصوص دستورية واضحة حول المحاسبية في شأن الانتهاكات التي ارتكبتها السلطة

وكذا إلغاء كافة أشكال العقوبات الجسدية في القانون الجنائي، النصوص المعادية لحقوق المرأة في قانون الأحوال الشخصية والتشريعات الأخرى، سياسات الضرائب الثقيلة، الزكاة المفروضة قسراً من قبل الدولة والتي يجري توزيعها بشكل غير عادل

وغير ذلك من التوجهات الديكتاتورية التي جرى فرضها على العامة بواسطة اعلام وصحافة الدولة في 15 سنة متعاقبة من الحكم غير الديمقراطي.

إن المنظمة السودانية لحقوق الانسان شديدة القلق بشأن السلطات المخوّلة للرئيس لإنشاء أجهزة قضائية ومفوضية لحقوق الانسان بالتشاور مع النائب الأول للرئيس، حسب ما ورد في وسائل التنفيذ المضمنة في البروتوكول الخاص بتقسيم السلطة، على نحو ما جرى تبنّيه في الاتفاق.

إن المنظمة لشديدة القلق من إمكانية التدخلات التنفيذية والتشريعية في الفترة الانتقالية بشكل يتناقض واستقلال القضاء في ضوء التطهير الذي قامت به الحكومة للقضاء وغير ذلك من المظالم التي لحقت بالنظام العدلي الجنائي السوداني ولم يجر تسويتها حتّى الآن.

تأمل المنظمة أن تطّلع حكومتي الانتقال في الجنوب والشمال بمهمّة صيانة استقلال القضاء بشكل صارم، باعتبار ذلك حجر الزاوية في الحكم الديمقراطي.

وبجانب الحاجة لتطبيق قوانين تتأسس على قوانين حقوق الانسان الدولية وقوانين السودان المثلى، يتعيّن على محاكم السودان أن تكون مستقلّة تماماً عن الجهاز التنفيذي.

ينبغي أن يّسمح بشكل كامل للهيئة القضائية اختيار مجالسها الخاصة، وكذا إدارة شئونها القانونية والادارية بتفويض قضائي، في منأى عن الأوامر الرئاسية والتدخّل التشريعي.

وحيث أن التمتّع الكامل بالحريات المدنية وحقوق الانسان يعتبر الضمانة الأقوى للسلام الدائم والحكم الفعّال للقانون على امتداد البلاد، تحث المنظمة الأطراف الحاكمة لحزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان على العمل حسب مقتضيات بروتوكولات سلام نيفاشا لحماية الحق غير القابل للمساس لمنظمات المجتمع المدني في إنشاء فيدراليتها الخاصة بحقوق الانسان

وكذا مجالس حقوق الانسان الأخرى، بعيداً على أية تدخلات للحكومة أو التوجيهات الأمنية – ناهيك عن المفوضية الرئاسية المفروضة من قبل الدولة – وفقاً للاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية التي يعتبر السودان طرفاً فيها.

وتشدّد المنظمة السودانية لحقوق الانسان – القاهرة أكثر على الحاجة لانفاق الثروة الناتجة عن النفط وغيره من موارد الدولة الأخرى للنهوض بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للوطن بغية الوفاء بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، كما هي مكفولة بالمباديء الدولية.

لهذه الغاية، فان الانفاق العسكري والأمني الهائل المقترح سلفاً في موازنة الدولة في ظل قانون الطواريء يتعيّن خفضه بشكل ملموس وفاعل.

في اتجاه تحقيق هذه الغاية الهامة، فان على أجهزة الحكم في البلاد، التي سيجرى إنشاؤها وفقاً للاتفاقيات، أن تدّخر القسط الأكبر من موارد الدولة المالية في فترة ما بعد الحرب من أجل النفاق الضروري على برامج التنمية الاجتماعية (الصحة، التعليم، الإسكان، والثقافة) جنباً إلى جنب مع تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية لتوفير مكوّنات الانتاج الحيوية في العمل والتوظيف

استيعاب المواطنين العائدين في أوضاع لائقة في وطنهم، وإعادة اؤلئك الذين جرى فصلهم بشكل ظالم من الخدمة العامة، عاملين وأصحاب عمل، على امتداد 15 سنة من الحكم غير الديمقراطي، مع قوّة العمل المتوفرة، تنمية الأمة في عهد السلام.