7/9/2008

صدر مؤخراً عن مركز الأرض لحقوق الإنسان ضمن سلسلة الأرض والفلاح العدد رقم(47) تقريره حول ” مشكلات المياه في مصر” ويبدأ التقرير بمقدمة يستعرض فيها كيفية تأمين حاجات الإنسان من المياه .

ويؤكد على أن المياه ملازمة للحق فى الحياة وعلى الشعوب والدول أن تدرك أهمية هذا العامل في حياتها وسياساتها داخلياً وخارجياً، فالماء عنصر استراتيجي قد يوظف أو وظف بالفعل لخدمة السياسة، ومن يملك مصادر المياه يملك مصادر التأثير في ظل غياب منظمات وتشريعات وقوانين ومعاهدات دولية تحكم العلاقات الدولية .

ويشير التقرير إلى أن الحجم الكلي للماء على وجه الكرة الأرضية يقدر بحوالي 1360 مليون كم مكعب،وان 97% من هذا الحجم موجود في البحار والمحيطات و2% مجمد في الطبقات الجليدية وبذلك فلم يبق غير 1% موزع على الأنهار والمسطحات المائية الداخلية غير المالحة والتي يحتاجها الإنسان في تلبية حاجاته إلى الشرب والري والصناعة.

ويؤكد التقرير أن أكثر من بليون نسمة من سكان العالم لا يشربون الماء النقى، ومليار غيرهم يعيشون في الدول النامية يعانون من نقص مياه الشرب، وأن 80% من أمراض مواطني العالم الثالث منشؤها المياه الملوثة، ويقدر عدد الوفيات الناتجة بسبب تناول مياه الشرب الملوثة في كافة مدن العالم الثالث بعشرة ملايين حالة وفاة سنوياً .

ويؤكد التقرير على أن منطقة الشرق الأوسط والشمال الافريقي هما من أكثر مناطق العالم تعرضاً لنقص المياه البالغ 40% للشخص الواحد وسترتفع النسبة إلى حوالي 80% في عام (2025) حيث ستبلغ حاجة الفرد الى 6670 متراً مكعباً في السنة بعد أن كانت تقدر بـ3430 متراً مكعباً في 1960.

ويلفت مركز الأرض لحقوق الإنسان الانتباه إلى أن المنطقة العربية تعتبر من أكثر المناطق تأثراً بمشكلة المياه بسبب عدم وجود استراتيجية كافية للتعامل مع النقص الحاد فى المياه ، وحسب التقرير لا يوجد في المنطقة العربية سوى 1% فقط من إجمالي المياه المتوفرة في العالم، والأخطر من ذلك أن الدول العربية تستهلك أكثر من 100% من مصادر مياهها المتجددة، ورغم ذلك فإن هناك 60 مليون شخص من مواطني العالم العربي لا تتوافر لديهم مياه صحية.

ويؤكد التقرير أن معظم الدول العربية تعانى من ندرة المياه وتعتمد بنسبة 65 % على الموارد المائية من خارج حدودها وأكد خبراء المركز على زيادة عدد الدول العربية التي تقع تحت خط الفقر المائي إلى 19 دولة عام 2006 نتيجة لزيادة عدد السكان وقلة نصيب الفرد من الموارد المائية عن ألف متر مكعب، وهو المعدل الذي حددته الأمم المتحدة لقياس مستوى الفقر المائي للدول.

ويشير التقرير إلى أن الزراعة هي المستهلك الأول للماء العذب في العالم، حيث تستهلك نحو 70 % من مجموع المياه العذبة فيه، وبحدود 95 % في العديد من البلدان النامية.

ويبين التقرير الى النسب المختلفة لاستخدامات المياه فى مصر حيث يستخدم لري الأراضي الزراعية نحو 49.7 مليار متر مكعب يضيعون من إجمالي موارد مصر المائية، وأن 1ر3 مليار متر مكعب يتم استخدامه في المنازل، و4.6 مليار متر مكعب يتم استخدامه في الصناعة، وأن 8ر2 مليار متر مكعب لضمان احتياجات الملاحة والكهرباء أثناء السدة الشتوية، وأن هناك 2 مليار متر مكعب يضيعون فاقد بالبحر من شبكة الري، وتشير التقارير العلمية إلى أن استهلاك الفرد في مصر من المياه بلغ في المتوسط 140 لتراً يومياً، وأن القاهرة وحدها تستهلك ما يعادل من 57% من جملة استهلاك مدن مصر مجتمعة و46% من جملة استهلاك القطر كله.

ويحاول التقرير أن يلقي الضوء على مشكلة المياه في مصر بشكل عام، وكمية ونوعية المياه المطلوب توفرها للاستخدام الزراعي واللازمة لإنجاز عمليات التوسع الأفقي والرأسي واستمرار عملية التنمية الزراعية قدماً، وكذلك البحث في معالجة اثار تلوث مياه النيل سواء من المخلفات الادمية والصناعية او الصرف الصحي والزراعي، ويطرح التقرير عدة تساؤلات ويحاول الاجابة عليها اهمهاهي: هل توجد طرق حديثة لتقنية وتطهير المياه غير النظام المتبع؟ وكذا تلوث المياه بالمبيدات والأسمدة والحيوانات النافقة بنهر النيل، وماذا تفعل اجهزة الدولة المعنية لحماية المواطنين من اى تلوث قادم؟ وهل صحيح إن مياه الشرب فى مصر ملوثة سواء من الميكروبات او البكتريا او المعادن الثقيلة السامة؟ وماذا عن عملية الكلورة؟ وهل هي سليمة أم غير ذلك؟

ويعرض التقرير فى محوره الأول المعنون بـ أزمة المياه في مصر(الأبعاد والتحديات)، ويتناول حجم الموارد المائية في مصر، والقوانين والتشريعات المنظمة لها، ثم يتعرض لمحددات استخدام المياه.

ويستعرض التقرير الموارد المائية المصرية حيث يعتبر نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه في مصر حيث تعتمد الزراعة في مصر بصورة شبه كاملة على الري وبالتالي فإن التنمية الزراعية في مصر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنهر النيل وأسلوب إدارته وبموجب اتفاقية مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان عام 1959 تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل نحو 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وهى تمثل أكثر من 90% من الموارد المائية في مصر.

وتعتبر المياه الجوفية المصدر الثانى حيث الخزانات الثلاثة الرئيسية للمياه الجوفية في مصر وهى خزان الدلتا والوادي، والخزان الرملي النوبي في الصحراء الشرقية والغربية وحول بحيرة السد العالي وفى سيناء، والخزان الصخري الجيري والمنتشر بصورة مبعثرة في مصر.

إن خزان حوض النيل له قدرة عالية على تخزين المياه ويستخدم نحو 4 مليار متر مكعب من إجمالي 5, 7 مليار متر مكعب من خزان المياه الجوفية لإمداد المدن والقرى بالمياه الصالحة للشرب.

بينما تعتبر لامطار الفعلية ومياه السيول غير فعالة سوى على شريط ضيق على طول الساحل الشمالي بمعدل يصل إلى 120 -200 سم سنوياً، وتقدر كمية مياه السيول بنحو 1.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقوم وزارة الأشغال والموارد المائية ببناء السدود في بعض الأودية لتخزين هذه المياه للاستخدامات المستقبلية ولتغذية خزانات المياه الجوفية.

ويبين التقرير انه توجد مصادر غير تقليدية للمياه مثل إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي حيث يتم إعادة استخدام نحو 5, 4 مليار متر مكعب سنوياً لأغراض الري وهناك إمكانية لإعادة استخدام 5 مليار متر مكعب سنوياً من هذه المياه لأغراض الري من إجمالي 12 مليار متر مكعب من المياه التي تصرف في البحر سنوياً بهدف الحفاظ على الميزان الملحي في الأراضي والمياه الجوفية كما يتم إعادة استخدام نحو 5, 1 مليار متر مكعب سنوياً من مياه الصرف الصحي المعالجة لنفس الغرض.

ثم يتعرض التقرير لإمكانيات تطوير الموارد المائية في مصر نظراً لمحدودية الموارد المائية النقية سنوياً فإن حصة الفرد من المياه النقية تنخفض عاماً بعد آخر

كما يستعرض العديد من القوانين والمواثيق والاتفاقات الدولية التي تكفل الحق في المياه للمواطن المصري، والتي وقعت عليها مصر وتلتزم بها أمام المجتمع الدولي وأمام مواطنيها وفلاحيها على وجه الخصوص.

واستكمالاً لهذا القسم يستعرض التقرير مشاريع المياه الاسرائيلية والتى يمنكها التأثير على مياه النيل وهي: مشروع استغلال الآبار الجوفية حيث قامت (إسرائيل) بحفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، ومشروع اليشع كالي ويقضي بنقــل ميـــاه النيـــل إلى (إسرائيل)، وتنقل هـذه المياه عن طريــق سحــارة أسفل قناة السويس، ومشروع (يؤر نقــل مياه النيل إلى (إسرائيل) عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس وبإمكان هـذا المشروع نقل 1 مليار م3، لري صحراء النقب منها 150 مليون م3، لقطــاع غزة مما سيؤثر مواردنا المائية المستقبلية .

ويمضى التقرير في محوره الثاني الذي يحمل عنوان: الوجه الآخر للمياه (التلوث وحتمية الاستخدام)، ويتناول هذا المحور المياه وتلوث التربة الزراعية عن طريق الري بمياه تقليدية أوغير تقليدية ، وأسباب ومصادر هذا التلوث، وأخيراً مياه الشرب وأسباب تلوثها.

ويستعرض طرق واثار إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي أو صرف مياه الصرف الصحي والصناعي على المسطحات والمجارى المائية المستخدمة في ري الأراضي الزراعية والتي بدورها تحوى على عناصر ثقيلة سامة ومبيدات وأسمدة كيماوية لها الأثر في تلوث التربة الزراعية ومنتجاتنا الزراعية .

ويعرض أهم أسباب التلوث الناتج عن الري بمياه تقليدية أوغير تقليدية هي:الصرف الصحي، والصرف الصناعي، ومياه الصرف الزراعي، والمياه الجوفية.

ويؤكد على تزايد مصادر التلوث المحيطة بالمياه خاصة مع التقدم في المناحي الاقتصادية .

ومن جانب اخر يؤكد التقرير على تزايد شكوى الفلاحين في الآونة الأخيرة من عدم وجود مياه شرب نظيفة وكافية ما أدى معه إلى انتهاك حقوقهم في الحصول على مياه نظيفة صالحة للاستخدام الادمى والزراعة ، ونتج عن ذلك كوارث عديدة أدت إلى وفاة مئات الفلاحين بأنواع مختلفة من التسمم، وإصابة الآلف منهم بأمراض متعددة وخطيرة.

وفى هذا السياق شهد الريف المصري خلال الأعوام القليلة الماضية العديد من الكوارث الصحية حيث انتشر وباء الحمى القلاعية، واللسان الأزرق، وغيرها، والتي أدت إلى نفوق الالاف الماشية وعشرات الفلاحين ويشير التقرير إلى أنه يوجد نحو30 مليون مصري لا يجدون المياه النقية ويشربون مياه ملوثة، وأن المياه غير الصالحة للاستهلاك الآدمي قد تسببت في زيادة الأمراض بنسبة لا تقل عن20% ، مثل التيفود والفشل الكلوي وإمراض الكبد التي تصيب الفلاحين.

ثم يستعرض التقرير مصادر تلوث مياه نهر النيل وهى: تلوث النيل بالسفن والفنادق العائمة، وموضحاً أسباب تلوث مياه نهر النيل زراعياً، وصناعياً، وكذلك أسباب تلوثه بالصرف الصحي.

ويعرض التقرير من خلال محوره الثالث المعنون: بـ حوض النيل والأمن المائي المصري، ويتضمن هذا المحور نبذة تاريخية وجغرافية عن دول حوض النيل، وكميات المياه المتاحة بها، وأهم الصراعات بين دول حوض النيل العشر في ظل حتمية العمل باتفاقية 1929، وكذا الحلول المصرية المقترحة لحل تلك الأزمة على مياه النيل.

ومستعرضاً أهم الصراعات بين دول الحوض وهى:الخلافات المصرية السودانية، والخلافات مع دول أعالي النيل، ومتناولاً الحلول المصرية للأزمة والمتمثلة في استفادة دول الحوض بجزء من الفواقد المائية للتساقط المطري على حوض النيل، وإنشاء صندوق لتمويل المشروعات يلحق بالبنك الأفريقي للتنمية بصورة مؤقتة، وعقد اجتماع للجنة التفاوض المشتركة حول الإطار المؤسسي والقانوني لمبادرة آلية حوض النيل، وشددت رغم ذلك على التمسك بمبدأ الحقوق التاريخية لاستخدامات مصر لمياه النيل.

ويعرض التقرير ثلاث قضايا كبرى هي:القضية الأولى تتعلق بتسعير المياه، وهنا يمكن رصد تيارين رئيسين، الأول: يمثله التيار الداعي إلى معاملة مياه نهر النيل كسلعة يمكن بيعها ونقلها إلى أي دولة خارج الحدود الجغرافية للحوض، ويتبنى هذا الطرح دول المنبع التي ترى في قطرة المياه سبيلاً للثراء بنفس القدر الذي تحققه قطرة البترول.

أما التيار الثاني: فهو التيار المعارض لفكرة بيع المياه أو نقلها خارج حدود الحوض الجغرافية، وتقود هذا التيار الحكومة المصرية.

ويستند أصحاب هذا التيار إلى أن هناك اتفاقاً كاملاً بين دول حوض نهر النيل العشرة يقضى بعدم بيع أو توصيل مياه النيل إلى خارج دول الحوض، وقد دعم هذا الاتجاه كل من السودان وأثيوبيا .

والقضية الثانية: آلية المراقبة على المشروعات المائية المنفردة، فقد رسخت اتفاقية عام 1929 مبدأً وآلية للمراقبة المصرية على مشروعات المياه في دول الحوض، تمثل في ضرورة عرض المشروعات على الجانب المصري ودراستها، للتأكد من عدم الإضرار بحصة مصر من المياه مستقبلاً، تلك الآلية اعتمدتها الهيئات الدولية المانحة كالبنك الدولي، ولكن تظل حالات الرفض لهذا الحق المصري مستمرة، حيث تصر العديد من دول الحوض على أهمية عدم قبول الفيتو المصري ومحاولة ترسيخ واقع جديد، وذلك عبر القيام بمشروعات مياه بشكل منفرد.

والقضية الثالثة ترتبط بإعادة توزيع حصص المياه، حيث تفجرت مرة أخرى وبقوة في اجتماع نيروبى عام 2004 ، وذلك بعد أن أطلقت برلمانات كل من كينيا وتنزانيا وأوغندا في ديسمبر من عام 2003 دعوتها الخاصة، بضرورة إعادة النظر في توزيع حصص مياه النيل وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية المنظمة للعلاقة بين دول المنبع ودولة المصب.

ويختتم التقرير بعدة توصيات يؤكد فيها على ضمان استمرارية الحفاظ على مواردنا المائية .

حيث تؤكد الدلائل على أن مستقبل المياه في مصر غاية في الخطورة، وأن الصراع على المياه هو السمة التي سوف يتميز بها العقد القادم الذى يجب على الحكومة المصرية ومؤسسات المجتمع المدنى ايلاء اهتمام كافى بضرورة توفير مياه شرب ورى كافية ونظيفة للمواطنين فى مصر حرصاً على حقوقهم فى العيش الامن الكريم .

لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز

تليفون وفاكس / 25750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org