حينما اجتمع في شهر أغسطس 1996م بمدينة (استوكهولم ) السويدية ممثلو (122) دولة وتبنوا إعلان استوكهولم وجدول أعماله من اجل العمل ضد الاستقلال الجنسي، التجاري للأطفال << ومن ثم انعقاد المؤتمر الدولي الثاني (حول الاستقلال الجنسي التجاري للأطفال والقاصرين ، بمدينة (يوكوهاما)،، اليابانية في كانون الأول / ديسمبر 001كم .. في ذلك التاريخ وكل يوم تتكشف كثير من المعلومات عن خفايا (تجارة عالمية ) وشبكات وعصابات دولية بضاعتها أجساد هشة ضعيفة،. وطوابير طويلة كطفولة مستقلة تفتصب برادتها وتحرق أزهار أحلامها من اجل منح (وحوش بشرية ) متعة زائفة مقابل حفنة من المال ..

تجارة الأطفال .. أو الاتجار بالأطفال والقاصرين جنسيا.. لايمكن لحر بلد ما في العالم الادعاء بأنه (محصن ضده ) أو انه (خال ) من هذه التجارة البائسة .. وحينما نتأمل خارطة العالم فإننا سنجد أن خطوط الشبكات الدولية لتجارة الأطفال جنسيا تتقاطع وتتشابك وتمتد حتى تكاد تحوط (الكرة الأرضية ) وتخنق ملامح الابتسامة فيها.. شبكات دولية تنقل أطفالا من الصين إلى أمريكا، وشبكات تهرب الأطفال من روسيا وأوكرانيا وجورجيا إلى أوروبا، وشبكات عربية ومحلية تنقل الأطفال بين اليمن والسعودية لا هم لها إلا (ذبح ) الطفولة إ(قضيب ) متوحش وبارد.

يوم الخميس الماضي بمدينة تعز هشم (ملتقي المرأة للدراسات والتدريب )(_ جدار الصمت الهش .. حول ظاهرة الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا حيث احتضنت قاعة (حوارات ) بالملتقى مجريات الحوار الثامن من برنامج (حوارات ).. والذي كان عن (تجارة الجنس والاستغلال ضد الأطفال )… ومؤامرة الصمت والسرية )، والذي يعقد بمناسبة الانتهاء من الدراسة التي قام بهآ الملتقى بالتعاون مع منظمة (ECPAT ) حول (الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا في اليمن ). دفن الرؤوس حالنا الآن

وفي مستهل هذا الحوار أكدت أ/ سعاد القدسي (مديرة الملتقى) بان قائمة المحظورات طويلة في ثقافتنا العربية ، فيأتي الجنس وتداعياته كأحد ابرز العناوين فيها، نظرا لأنه ما يزال فينا من ينظر إليه باعتباره رجسا من عمل الشيطان وجب اجتنابه !! ولكن كيف يتم هذا الاجتناب ؟ بالعلم والنقاش العلني الموضوعي له ، أم بالجهل والتعتيم والتستر على الجرائم المرتكبة .. كما يطالب البعض ؟ ! وأثارت أ/ سعاد القدسي (مديرة الملتقى) نقطة تمثل إشكالية لدى مجتمعاتنا (الرعوية / العربية ) حينما طرحت للمشاركين في مجريات الحوار استفسارا لا فكاك منه من تحديد (ما نريد) حتى نتمكن (أن نكون ).. حيث قالت : (هل من المنطق إزاء الجرائم الجنسية البشعة التي ترتكب في مجتمعاتنا كل يوم أن نتعامل معها بدفن رؤوسنا في الرمال ، والمطالبة بالتستر عليها أم المشاركة الفعالة في مواجهتها والبحث عن جذورها وأسبابها الحقيقية وتوعية الناس بها ؟!

وفي استعراضها للبحث الذي قام به (ملتقى المرأة للدراسات والتدريب ) حول (استغلال الأطفال جنسيا في اليمن ) والذي يعد أول دراسة يمنية حول هذا الموضوع أشارت أ/ سعادة القدسي// إلى الأهداف الإنسانية النبيلة التي هدف إليها الملتقى من خلال دراسته لظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال) والرؤى المستقبلية التي خلص إليها الملتقى من خلال النتائج

النهائية للبسر. وبعد ذلك تسلم خبيرا حقوق الإنسان د. صلاح الدين هداش ، أ عبد الرحمن عبد الوهاب .. واللذين قاما بهذه الدراسة دفة الحوار، ~ استعرضا نتائج البسر القانونية والميدانية … إحصاءات منعدمة ….!!

أ/ عبدالرحمن عبدالوهاب استعرض الجانب الميداني من البحث.. حيث أشار إلى عالمية هذه الظاهرة وعدم مقدرة الدول منفردة على مواجهتها- فهي تحتاج إلى جهود وتكاتف عالمي لمواجهة الشبكات الدولية التي تقوم بها.. وهي مشكلة الاستغلال الجنسي، للأطفال- قد تأخذ أشكالا مختلفة ومتنوعة بل إنها في عديد من الدول مقننه – قانونية – كالسياحة الجنسية ، وتحت مبرر التبني (الشراء) أو عن طريق التهريب واختطاف الأطفال .. وكلها تعتبر في حقيقة الأمر، غير إنسانية وغير قانونية .. وفي مجتمعاتنا العربية تظل هذه الظاهرة مخفية ، ومتكتما حولها.. إما بحجة العيب أو المحظور أو بحجة أن سمعة البلد سوف تتضرر.. وعن الإحصائيات حول هذه الظاهرة عربيا فان كثيرا من الدراسات التي تناولتها كانت عقيمة ، لأنها خالية منها.. لتكتم الدول حولها أو لعدم اعتراف الكثير من الدول العربية بوجودها.. ونستثني نزرا بسيط من الدول العربية ، والتي تناولت هذه الظاهرة بالدراسة وتوثيقها بالإحصائيات والأرقام .. ونذكر منها الأردن .. والتي تشير الإحصائيات إلى انه وصلت حالات التحرش والاغتصاب للأطفال فيها إلى (631) حالة بحسب الإحصائيات الأخيرة .. وحول الصعوبات التي واجهتها الدراسة تحدث أ. عبدالرحمن عبدالوهاب في (الحوار الثامن ) بان الصعوبات كانت كثيرة ، لكن نسرد هنا أهمها:

  • عدم توفر دراسات محلية حول ظاهرة الإساءة والاستغلال الجنسي للأطفال.
  • غياب وانعدام الإحصائيات ، سواء كانت حكومية رسمية أو إحصائيات من جهات ومنظمات مهتمة .
  • اعتبار هذا الموضوع من المحظورات ، والتي يمنع التحدث عنها.
  • عدم القدرة على الحصول على قدر كبير من العينات أو المستهدفين من الدراسة .. الأطفال المستغلين جنسيا، لأنها تجارة تقوم على إستراتيجية السرية والتخفي والتكتم ..
  • عدم وجود منظمات عاملة في هذا المجال .وبعد استعراضه لمناهج البحت للدراسة والتي أوردها أ/ عبدالرحمن عبدالوهاب ، كـ “الرصد لمآ ينشر في الصحف (المنهج التحليلي) والاستبيان والمقابلات والبسر عن المراجع والمصادر رغم ندرتها.. تحدث أ. عبدالرحمن عبدالوهاب بان الدراسة رغم الإمكانيات البسيطة إلا انها خرجت بكثير من القراءات والتحليلات ووضعت كثيرا من الحلول والمعالجات .

    فنادق ومنازل الاتجار بالأطفال جنسيا

    وحول الأرقام والإحصائيات للواقع اليمني، حول تجارة الجنس ، أو الاتجار واستغلال الأطفال جنسيا.. أشار أ/ عبدالرحمن عبدالوهاب بأن الاغتصاب داخل نطاق الأسرة والمعارف والأقارب أخذ مسافة كبيرة من هذه الأرقام ، هذا إلى جانب الاستغلال الاقتصادي للإيقاع بضحايا هذه الظاهرة من الأطفال ، بل إن ظاهرة ا لزواج المبكر (الفتيات / الفتيان ) تعتبر احد الأشكال المقبولة في مجتمعنا اليمني.. وعن صور الإساءة والاستغلال الجنسي للأطفال فتشير الإحصائيات إلى أنها توزعت على الآتي: (تحرش بالألفاظ 48ه (9، الفعل الفاضح 0لأه (9، الاغتصاب 22ه (9وكلها تؤدي، إما بشكل مباشر أو غير مباشر إلى وقوع الأطفال تحت (جنزير) الاستغلال الجنسي، والاتجار بهم ..

    وعن عينة الدراسة والذين استهدفتهم الدراسة فقد توزعوا إلى >>65ه (9، من الإناث ، 45ه (9ذكوردد وكانت أعمارهم كالآتي:

    – (7″9) سنوات كانت نسبتهم 10ه (9. – (10″13) سنة كانت نستبهم _ه (9. (14″17) سنة كانت نسبتهم .50ه (9 وعن أماكن ممارسة هذه التجارة فإنها توزعت إلى الآتي : (فنادق ، منازل ، أماكن عمل ، أماكن مهجورة ، حدائق ..) حيث كانت المنازل لها النسبة الأكبر لوجود عوامل كثيرة ، منها (التكتم والسرية ، الخوف من التشهير والفضيحة …).

    الأطفال وقود التجارة الجنسية

    وعن استخدام الأطفال في التصوير الاباحي.. فان الدراسة لم ترصد حالات كثيرة ، إلا أن الصور الفوتوغرافية ، وبحسب عينات البحث والدراسة أمكن تأكيد وجودها.. مع عدم تبرئة سهولة الحصول عليها من خلال (الشبكة العنكبوتية ) الانترنيت .. وكذا إتاحة وانتشار القنوات الإباحية بشكل كبير، دون رقابة على أثرها على الأطفال ، وناقد يحولهم إلى (طعم ) سهل لدى عصابات استغلالهم جنسيا.

    وحول اثر السياحة الجنسية فقد أكدت الدراسة بان (عدن ) كمثال لذلك شهدت اتساع رقعة التجارة الجنسية . وكانت الفتيات دون سن الثامنة عشرة الوقود الأساسي لها.. بل وصل إلى حد استهداف عصابات الاتجار بالأطفال جنسيا لعدد من مدارس البنات .. بل إن المنخرطات في التجارة الجنسية ت م منحهن بطائق ووثائق هويات توضح إنهن فوق سن الطفولة .. حتى يتمكن من دخول أماكن (الدعارة ) المختلفة دون أن يمنعهن احد..

    وأشار أ/ عبدالرحمن عبدالوهاب بان تهريب الأطفال إلى دول الجوار، والذي وصلت فيه الأرقام إلى ما بين (35″50) ألف طفل .. لايمكن استبعاد أنها أو جزء منها تستخدم في الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا.. إلى جوار استغلالهم في الشحاتة وغيرها من المهن الأخرى..

    القوانين اليمنية لم تكن صارمة في تعاملها مع هذه الظاهرة

    د. صلاح الدين هداش .. بعد سرده لأهمية هذه الدراسة .. استعرض الجانب القانوني من الدراسة ، وأشار بأنها ارتكزت على قراءة ظاهرة استغلال الأطفال والاتجار بهم جنسيا من خلال عدد من القوانين اليمنية ومدى تجريم هذه الظاهرة فيها. ومن أهم القوانين (قانون العقوبات ، قانون الأحوال الشخصية ، قانون المصنفات الفنية ، قانون حقوق الطفل ).. وكذا اتفاقية حقوق الأطفال الدولية .

    ورغم أن القوانين اليمنية تجرم (دعارة ) تجارة الأطفال ، الا انها لا تخلو من عدد من الفجوات و الاخلالات . ومثال على ذلك (قانون العقوبات اليمني) يجرم ويعاقب على (دعارة ) الأطفال الفتيات ويسكت عن دعارة الأطفال (الذكور!!) .
    وحول تجريم هذه الظاهرة قال د. صلاح هداش .. بان كثيرا من القوانين التي درسها البحث يدعو لمعاقبة مرتكبي هذه الجريمة .. فقانون العقوبات يتكلم عن المستفيد وكذا المحرض والساكت عن دعارة الأطفال والذي يدير شبكة لدعارة الأطفال وقرر عددا من العقوبات إلا أنها لا تمثل رادعا كبيرا للقائمين بها.

    وأشار د. صلاح الدين هداش إلى صورة أخرى من التناقض الحاصل في التشريعات اليمنية فهي تعتبر أن الزواج المبكر (كامل القانونية ).. رغم أن كثيرا من القوانين تعتبر أن الفتاة دون ((1 عاما) قاصر، ولا تزال طفلة .. ~ استثنى القانون (أن كانت صالحة للوطىء) ولم يحدد الجهات التي تقدر مدى صلاحها للوطىء من غيره .. !! والتهرب من عدم تحديد سن أدنى للزواج ، وهو مخالف لاتفاقية الطفل الدولية .

    توصيات جادة وبعد ذلك فتح باب الحوار من قبل المشاركين ، والذين أبدوا ملاحظاتهم حول الاتجار الجنسي بالأطفال وقد خرج المشاركون بالتوصيات الآتية :

  • العمل على تنظيم الهجرة من الريف إلى المدن .
  • تأهيل الكادر الحكومي الذي يعمل في مجال التعامل مع هذه الظاهرة .
  • تعديل القوانين وإيجاد قانون رادع لمن يقوم باستغلال الأطفال .
  • إعطاء تعريف قانوني لدعارة الأطفال أو الاتجار بالأطفال وتجريم هذه الظاهرة وبشكل واضح ومحدد.
  • تحديد سن أدنى للزواج .
  • إيجاد اطار قانوني للحد من السياحة الجنسية والأفلام الجنسية والذين يتعاملون بها.
  • إدماج حماية الأطفال كأولوية في التنمية المستدامة .
  • تطوير تبادل المعلومات والتجارب ومراقبة الظاهرة وطنيا ودوليا.
  • تطوير الشراكة بين السلطات المحلية والمجتمع المدني في مجال محاربة الاستغلال والاتجار الجنسي للأطفال. .. هذه التوصيات وغيرها هل يمكنها أن تخطو باتجاه تحقيقها على ارض الواقع فتجارة الأطفال واستغلالهم جنسيا يعدها الكثير من الباحثين والدارسين تمثل الخطر القادم على الطفولة في هذا القرن .. فهل يكون دورنا كمنظمات مدنيتا وجهات حكومية في مواجهة هذا ((الغول )) المقبل نحونا بدس ودفن رؤوسنا في الرمال وكشف مؤخراتنا.. أم إننا سنواجهه بصدق وبكل شجاعة