16 يونيو 2004
في مثل هذا اليوم ومنذ ربع قرن (16/6/1979) حصلت مجزرة مروعة في مدرسة المدفعية في منطقة الراموسة قرب مدينة حلب شمالي سورية ، ذهب ضحيتها حسب المصادر الرسمية 32 قتيلاً و54 جريحاً من طلاب الضباط العلويين ، إثر عمل مدبر قامت به مجموعة أطلقت على نفسها اسم “الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين” بقيادة عدنان عقلة والنقيب إبراهيم اليوسف، ضابط التوجيه المعنوي في المدرسة المذكورة. (للمزيد من التفاصيل يراجع: تقرير اللجنة عن المجزرة عام 2002 على الرابط ).
لقد تسببت هذه المجزرة في كارثة وطنيه أدت إلى إعلان السلطة الحاكمة الحرب على جماعة الإخوان المسلمين ، التي أعلنت براءتها من هذه المجزرة وعدم مسئوليتها عنها، بل وعدم معرفتها بها قبل وقوعها وانتشار خبرها. وكان من نتيجة إعلان السلطة هذا، أن زُجّ بآلاف من الإخوان وأنصارهم وأقاربهم، ومن التيار الإسلامي بأطيافه في السجون، واستُصدر – فيما بعد – القانون رقم (49) لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على مجرد الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين، وارتكبت قوات سرايا الدفاع، وبعض الفرق العسكرية، وقوات الأمن المختلفة، مجازر مروعة في سجن تدمر وفي حماة وحلب وجسر الشغور وسرمدا وأماكن عديدة من البلاد، مما اضطر بعض المواطنين إلى الرد دفاعاً عن أنفسهم بعدما أيقنوا أنهم معذبون أو مقتولون لا محالة، وتشرد آلاف السوريين في أصقاع الأرض، واختفى آلاف المعتقلين في السجون والمعتقلات، وحصلت مواجهات عنيفة مؤسفة في أنحاء البلاد انتهت بفاجعة مجزرة حماة عام 1982 التي ذهب ضحيتها الآلاف من سكان المدينة الآمنين وهُدم ثلث المدينة ، وحدث ذلك الشرخ الوطني العميق.
وبعد مضيّ ربع قرن على تلك الكارثة، عندما تنظر اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى هذه المجزرة المروعة ، وإلى الحالة الكارثية التي نتجت عنها، عندما وجدت الجهات الاستئصالية في السلطة الحاكمة ممثلة في الأجهزة الأمنية وسرايا الدفاع وقادة بعض الفرق العسكرية فيها الذريعة المناسبة لتنفيذ مخططها الذي عرضه رفعت الأسد على أول مؤتمر قطري في أواخر العام 1979 ونفذته السلطة على نحو أسوأ على مدار السنوات اللاحقة (خطاب رفعت الأسد في باب: وثائق ومستندات، على الرابط: www.shrc.org.uk/data/aspx/d6/1056.aspx)، وعندما تنظر أيضاً إلى المقدمات التي قادت إلى هذه المذبحة، وإلى النتائج الوخيمة التي أوصلت السلطة الحاكمة البلاد إليها، فإن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تدين هذه المجزرة المروعة ، وتطالب بفتح تحقيق محايد فيها وفي منفذيها والمقدمات التي أوصلت إليها والنتائج التي نجمت عنها، وعرض نتائج التحقيق على الشعب السوري حتى تتضح له صورة الحقيقة، ويكون على بينة من الأمر.
وفي نفس الوقت فإن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تدين النهج الاستئصالي الذي انتهجته السلطة الحاكمة على مدار ربع قرن ، والذي تمثّل في محاولة إلغاء الآخر وقتله ونفيه وتشريده وتغييبه في غياهب السجون وحرمانه من كل حقوقه الطبيعية والمكتسبة في وطنه.
وتدعو اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى تجاوز حالة تلك المجزرة، وتجاوز المقدمات التي أدّت إليها وتجاوز حالة التشنج الوطني التي نجمت عنها، كما تدعو إلى فتح صفحة جديدة تقوم على احترام حقوق الإنسان في سورية وعلى إتاحة الحريات والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص.