11/3/2005
استقبلت اللجنة السورية لحقوق الإنسان يوم أمس (10/3/2005) استغاثات عبر الهاتف من مواطنين سوريين مهجرين يقيمون في العراق بصفة لاجئين من أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن الماضي حيث تقوم السلطات العراقية بحملة مداهمات لبعض المنازل، فاعتقلت عدداً منهم بينما تبحث عن عدد آخر لم يكونوا في بيوتهم وقت المداهمات.
ومن الجدير بالذكر فإن حوالي 250 أسرة (2500 فرد) تقيم في العراق منذ أكثر من ربع قرن بسبب معارضة معيليها لنظام الحكم في سورية. تقدمت هذه الأسر في عام 2003 إثر تغير الأوضاع في العراق وفتح مكتب للأمم المتحدة في بغداد إلى المفوضية العامة للاجئين بطلبات لتثبيت أوضاعهم لاجئين سياسيين، لكن التفجير الانتحاري الذي حدث لمكاتب الأمم المتحدة وأودى بحياة ممثل الأمين العام، جمّد كل الأنشطة بما فيها أنشطة المفوضية العامة للاجئين. ولقد قامت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بإجراء اتصالات مباشرة مع المفوضية العامة للاجئين في جنيف بالنيابة عن هذه الأسر السورية، لكن رد المفوضية أشار إلى أن الحالة الخطرة في العراق لا تسمح لموظفيها بالعودة لاستئناف أعمالهم.
ولقد تعرض بعض أفراد المجموعة في ربيع 2003 أثناء الحرب لعمليات استدراج واختطاف من قبل المخابرات السورية، واعتقل وقتها عشرات الرجال والنساء ، ولا يزال عدد غير محدد منهم في معتقلات النظام السوري.
وفي صيف العام 2003 تعرض (المهندس رياض الشقفة) لعملية اغتيال، نجا منها بعدما أصيب بسبع رصاصات في حوضه ورجليه، وأشيرت أصابع الاتهام وقتها بوضوح إلى اللواء حسن خليل رئيس المخابرات العسكرية في سورية الذي أحيل على التقاعد مؤخراً، والذي كان يتابع شخصياً ملف المعارضين السوريين في الخارج.
ثم تعرض في العام الماضي (2004) بعض أفراد المجموعة المذكورة للاعتقال على يد السلطات العراقية والجيش الأمريكي ولا يزالون معتقلين حتى تاريخه. ففي أيار/مايو من العام الفائت اعتقلت الشرطة العراقية عبد الحكيم عبسي طويش ، ولا يعلم عن مصيره ومكان اعتقاله شيئاً. وألقت الشرطة العراقية القبض في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2004 على كلٍ من الطلاب مصعب محمد الخلف ومحمد شمسي حاج باكير ومؤيد محمد علي صوان من سكنهم. وقد علمت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بأن الثلاثة معتقلون في سجن أم قصر.
وفي منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 اعتقلت الشرطة العراقية والقوات الأمريكية كلا من محمد عبد الغني النجار وحسن عبيد شاشو. وعلمت اللجنة السورية بأنهما محتجزان حالياً في سجن مطار بغداد.
ثم داهمت قوات الشرطة العراقية يوم الاثنين (29/11/2004) مقر جمعية الفيحاء للرعاية الاجتماعية المرخصة رسمياً واعتقلت كل من كان متواجداً فيها وهم: محمد أمين حفار ، أحمد محمد درويش ، أحمد حسين الكبع ، محمد عماش محمد ، عامر مصطفى جيعان ، عبد الوهاب محمد سنكري ، عبد الله سليم جولاق ، أحمد إبراهيم الشطي ، حمد صالح العجيل ، محمد ضياء الدين عساف، مصطفى أحمد مدلج (71 سنة)، ياسر نافع الصايل . وعلمت اللجنة السورية بأن هؤلاء احتجزوا في بداية الأمر لدى الأمن الجنائي بوزارة الداخلية العراقية. ولقد راجعت أسر هؤلاء المعتقلين الإثني عشر المختصين في وزارة الداخلية، وطمأنهم بعض المسئولين في الوزارة أنه لا شئ بحقهم وسيطلق سراحهم قريباً ، لكن في تطور خطير علمت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بأن المعتقلين المذكورين تمت إحالتهم بعد فترة من اعتقالهم والتحقيق معهم إلى قسم الترحيل بوزارة الداخلية العراقية، وإن من شأن تسفيرهم إلى سورية أن يعرضهم للسجن والتعذيب والمحاكمة وفق القانون 49/1980 الذي يحكم بالإعدام على مجرد الانتساب الفكري أو التعاطف مع الإخوان المسلمين.
إن المهجرين السوريين المقيمين في العراق في دائرة الخطر المحدق حالياً ففي الوقت الذي تمنعهم السلطات السورية حقهم من العودة الآمنة لبلدهم أو من حقوقهم المدنية ومنها وثيقة السفر إذ أن السلطات السورية هي الوحيدة في العالم التي تحارب المواطنين السوريين في جوازات السفر وتضطرهم للعيش الذليل أو تقديم اللجوء في أنحاء العالم، فإنهم يتعرضون للاعتقال والمضايقات المستمرة من جانب السلطات العراقية، في وقت عجزت الأمم المتحدة عن تقديم يد العون لهم.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تناشد الضمير العالمي لإبراز محنة المهجرين السوريين وخصوصاً المقيمين في العراق والعمل على مساعدتهم للخروج من محنتهم. إن هذه الأسر مؤلفة من شيوخ ونساء وأطفال ورجال، والسلطات السورية تستهدفهم جميعاً بينما لا تعبأ السلطات العراقية بأمنهم وسلامتهم كما تقتضي المعاهدات الدولية ولا يستطيعون مغادرة العراق نظراً لرفض السلطات السورية الاعتراف بحقوقهم المدنية ومنعهم حتى جواز السفر، ويخشى في ظل المقايضات القائمة في المنطقة أن يتعرضوا لأذى وضرر كبيرين.
إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تدعو المنظمات الإنسانية وعلى رأسها المفوضية العامة للاجئين، وبصورة عاجلة قبل فوات الأوان، للعمل على تأمين حماية هذه الأسر المهجرة قسرياً من بلدها، وإيجاد أماكن آمنة لها في بلدان أخرى ما دامت السلطات العراقية لا تود الالتزام بتعهداتها تجاه المواثيق الإنسانية. وتدعو دول العالم لاستقبالهم والسماح لهم بالإقامة فيها، وتدعو كافة أصحاب الضمائر الحية لمراجعة السلطات السورية والضغط عليها لتعيد – على الأقل – الحقوق المدنية للمهجرين القسريين ومنحهم جوازات سفر ليتمكنوا من السفر والإقامة حيث يجدون فرصة لذلك.