14/10/2005

بقلم: مفتاح

يصادف الرابع عشر من تشرين أول عام ألف وتسعمائة وثلاثة وخمسين ذكرى الهجوم الإسرائيلي العدواني على قرية قبيا الفلسطينية الآمنة، حيث نسفت المنازل ليلاً على رؤوس أصحابها، وسجل التاريخ تقصير البشرية في نجدة أهالي قرية مسالمة لم يقترفوا ذنباً سوى أنه آثروا العيش على أرضهم وأرض أجدادهم.

بدأت تفاصيل القصة عندما التحق آنذاك، الرائد أرئيل شارون، رئيس وزراء إسرائيل حالياً، بجيش الاحتلال واستلامه عام 1953 قيادة وحدة كوماندوز خاصة تسمى الوحدة (101)، المسؤولة المباشرة عن مجزرة قبيا التي راح ضحيتها (69) مدنياً فلسطينيا وأسفرت عن التدمير الكامل لـ (41) منزلا فلسطينيا، إضافة لمدرسة القرية ومسجدها وخزّان مياها ناهيكم عن نهب المحال التجارية.

قامت الفرقة (101) بقيادة شارون بالالتفاف حول القرية لتطويقها ومهاجمتها. وكان عدد أفرادها (600) جندي مجهزين بمدافع ورشاشات ثقيلة وقنابل حارقة ومتفجرات وبنادق عادية من أسلحة المشاة.

استمر الهجوم الإحتلالي من مساء ذلك اليوم حتى منتصف الليلة ذاتها إلى أن تم التأكد من أن بيوت القرية قد دكت على من فيها، ثم تقدّمت المجموعات التخريبية للانتشار داخل القرية لقتل والإجهاز على من بقي حياً فيها.

وبرغم حجم الضحايا، إلا أن مجلس الأمن اكتفى في قراره رقم 101 الصادر بتاريخ 24/11/1953، بالقول أنه “يجد أن العمل الانتقامي على قبيا الذي قامت به قوات إسرائيل المسلحة في 14-15 تشرين الأول عام 1953 وجميع الأعمال المشابهة تشكل انتهاكا لنصوص وقف إطلاق النار الصادر بقرار مجلس الأمن رقم 54 (1948) وتتناقض مع التزامات الطرفين بموجب اتفاقية الهدنة العامة بين إسرائيل والأردن وميثاق الأمم المتحدة.

” وأعرب المجلس عن أقوى إدانة لهذا العمل الذي لا يمكن إلا أن يخل بفرص التسوية السلمية التي على الطرفين السعي لها وفق الميثاق ويدعو إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمنع مثل هذه الأعمال في المستقبل.”

إسرائيل لم تردعها الإدانات ولم توقفها الانتقادات، ودليل ذلك استمرار المجازر الإسرائيلية بقيادة شارون وغيره من رموز الاحتلال منذ عام 1948 وحتى أيامنا هذه. مجازر تعبر عن الإرهاب الدموي الصهيوني، والإرهاب الشاروني بشكل خاص، حيث أن قرية قبيا لم تكن سوى من أولى الصفحات السوداء التي لا تحصى في سجل شارون الحافل بالتاريخ الإرهابي.

ولسخرية القدر، يصبح صاحب ذلك السجل رئيساً لوزراء دولة الاحتلال، ويشكل أول حكومة في تاريخ إسرائيل تضم هذا الكم من التطرف، ليواصل أعماله الإرهابية الدموية من جديد في ارتكاب المزيد والمزيد من المجازر تحت ستار سوره الواقي، سور العزل والضم، في الأراضي الفلسطينية، ويعرقل تنفيذ خارطة الطريق على طريقته الخاصة!! وما زال يعد ويضع الخطط لابتلاع أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية.

ومن المفارقة أيضا، انه رغم كل ما خبرناه من جرائم شارونية وحشية، تجرؤ المنظمة الإيطالية لحقوق الإنسان على ترشيح شارون للحصول على جائزة نوبل للسلام!! حيث انه، وبقدرة قادر أضحى جزار قبيا وصبرا وشتيلا وكفر قاسم وجنين ورفح وعشرات المذابح الأخرى، رجل سلام لمجرد قيامه بفك الارتباط، أحادي الجانب، مع غزّة التي أصبحت عبئاً أمنيا واقتصاديا عليه، عقب فشله في إلحاق الهزيمة بالمقاومة، ليحول القطاع إلى سجن كبير يتحكم فيه كيفما يشاء.

وبحسب القانون الدولي، فإن الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها شارون تصنف على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وبحسب المادة المادة 29 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي اعتمد في روما في 17 تموز 1998، فإنه “لا تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم أيا كانت أحكامه.

” علما أن المادة 5 من نفس النظام حددت الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة على انها: “أ ) جريمة الإبادة الجماعية. ب) الجرائم ضد الإنسانية. ج ) جرائم الحرب. د ) جريمة العدوان.”

وعليه، فالأحرى، بالمجتمع الدولي أن يعكف على جمع الوثائق والدلائل والبيانات التي تدين شارون، توطئة لتقديمه للعدالة بدلا من فتح أبواب الهرولة العربية والإسلامية على مصراعيها، للتطبيع مع المجرم على حساب الضحية. ويصدق المأثور الشعبي الذي يقول: “يا فرعون من فرعنك ؟ قال: لم أجد أحد يردني.”