27/5/2006
تصادف هذه الأيام ذكرى انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي احتضنته مدينة القدس عام 64 وحضره 420 عضوا، وترتب عنه إقرار الميثاق الوطني الفلسطيني والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وانتخاب لجنة تنفيذية لها تتألف من 15 عضوا برئاسة أحمد الشقيري.
ولربما شاءت الأقدار أن تتزامن هذه الذكرى مع انعقاد جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في رام الله وغزة هذه الأيام التي أكدت بعد يومين من النقاشات على حرمة الدم الفلسطيني ووحدة الشعب ووحدة فصائله وقواه التي هي الدرع القوية التي افشلت المخططات الاستيطانية والاحتلالية.
كما جدد المتحاورون رفضهم للاقتتال الداخلي، داعين لصياغة ميثاق شرف وطني بين جميع القوى والفصائل لتحريم الاقتتال الداخلي. ودعوا الى تحرك عربي وإسلامي ودولي عاجل بسبب خطورة الوضع بسبب الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني.
وطالبوا بالإفراج عن مستحقات السلطة الوطنية الفلسطينية الضرائبية المحتجزة لدى إسرائيل”، داعين لتحركات شعبية موحدة لاسماع صوت الشعب الفلسطيني المحاصر”. وجدد الحضور رفضهم القاطع لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، إضافة لرفضهم للاستيطان وأكدوا على أن لا سلام ولا أمن في ظل الجدار والاستيطان وأن من المستحيل أيضاً تحقيق السلام دون الانسحاب الشامل من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وكان الرئيس أبو مازن قد أمهل الحضور 40 يوما للموافقة على وثيقة الأسرى، وإلا فإنه سيلجأ لإجراء استفتاء عليها، حيث قال في خطابه الأخير “مستقبل القضية الفلسطينية على كف عفريت … ليس لدينا وقت للرفاه والترف الفكري، أمامنا فقط عشرة أيام للحوار، القضية لا تحتمل. لا نريد جدلا بيزنطيا. الوضع لا يحتمل وأنا سأطرح هذه الوثيقة على استفتاء شعبي خلال أربعين يوما إن لم تتوصلوا إلى اتفاق.. ولن انتظر أكثر من ذلك”. مضيفا أن هذا “ليس تهديدا ولذلك في العشرة أيام يجب أن تنتهوا .. إذا لم تنتهوا بصراحة كلنا غير مسؤولين .. وخلال أربعين يوما سأدعو إلى استفتاء شعبي ونسأل الشعب .. وعلى الشعب أن يقول كلمته”.
وكان الأسرى الفلسطينيون قد أصدروا وثيقة الوفاق الوطني التي أكدت على الثوابت الفلسطينية المتمثلة بالحرية والعودة والاستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشريف على جميع الأراضي المحتلة عام 1967، وحق العودة للاجئين والحرية لجميع الأسرى والمعتقلين.
وأكدت على ضرورة تكريس حقيقة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وبما يعزز قدرة منظمة التحرير في القيام والنهوض بمسؤولياتها في قيادة شعبنا في الوطن والمنافي وفي تعبئته والدفاع عن حقوقه الوطنية والسياسية والإنسانية في مختلف الدوائر والمحافل والمجالات الدولية والإقليمية، وان المصلحة الوطنية تقتضي تشكيل مجلس وطني جديد قبل نهاية العام 2006 بما يضمن تمثيل جميع القوى والفصائل والأحزاب الوطنية والإسلامية وتجمعات شعبنا في كل مكان وكافة القطاعات والمؤسسات والفعاليات والشخصيات على أساس نسبي في التمثيل والحضور والفاعلية النضالية والسياسية والاجتماعية والجماهيرية، والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية إطاراً جبهوياً عريضا وائتلافا وطنيا شاملا، وإطارا وطنيا جامعاً للفلسطينيين في الوطن والمنافي، ومرجعية سياسية عليا.
ودعت لتوحيد الخطاب السياسي الفلسطيني على أساس برنامج الإجماع الوطني الفلسطيني والشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية المنصفة للشعب الفلسطيني. وطالب الأسرى في وثيقتهم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمن مشاركة كافة الكتل البرلمانية، وخاصة حركتي فتح وحماس والقوى السياسية الراغبة، على قاعدة هذه الوثيقة وبرنامج مشترك للنهوض بالوضع الفلسطيني محلياً وعربياً واقليمياً ودولياً، ومواجهة التحديات بحكومة وطنية قوية تحظى بالدعم الشعبي والسياسي الفلسطيني من جميع القوى.
وخلصوا وثيقتهم بالدعوة لإقامة جبهة مقاومة موحدة باسم “جبهة المقاومة الفلسطينية”، لقيادة وخوض المقاومة ضد الاحتلال وتوحيد وتنسيق العمل والفعل والمقاومة وتشكيل مرجعية سياسية موحدة لها.
وبدورنا نتمنى من صميم قلبنا النجاح لجلسات الحوار وإن كنا غير متفائلين جدا بسبب الفجوات التي ما زالت قائمة بين بعض الأطراف، وبسبب حالة الاحتقان التي شهدتها الساحة الفلسطينية مؤخرا، ولمحاولة البعض استغلال الحوار لاملاء رأيه وموقفه.
وعليه، فحتى ينجح الحوار يتعين أولا التخلي عن الفئوية أو الجهوية أو الحزبية وتغليب مصلحة الوطن على كل المصالح، إضافة إلى تهيئة الظروف والأجواء المناسبة لذلك. وطالما أن الحوار يبحث القضايا المصيرية التي تخص عموم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، يتعين عدم إهمال أغلبية أبناء الشعب الفلسطيني الذين يقطنون في الشتات وعدم حصر تلك النقاشات بالفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط.
كما يتعين بالمؤتمرين استخلاص الدروس والعبر من جلسات الحوار السابقة، لتفادي سلبياتها وتعزيز الايجابيات التي توفر التوافق المخلص والأمين على الحد الأدنى من القضايا التي تشكل البرنامج الذي يجمع عليه جميع أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.