13/11/2006

مرة أخرى، تعود الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن لمنع تمرير قرار دولي يدين حكومة الاحتلال الاسرائيلي على جرائم حربها بحق الشعب الفلسطيني وبخاصة المجزرة الأخيرة التي وقعت في بيت حانون ويطالبها بسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بذريعة أن القرار غير متوازن رغم انه يدعو الى “القيام بعمل فوري ومتواصل لانهاء أعمال العنف بما في ذلك إطلاق الصواريخ على الاراضي الاسرائيلية.” كما يحث القرار المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات لاضفاء الاستقرار على الوضع في الشرق الأوسط وإحياء عملية السلام والتفكير في إيجاد آلية دولية لحماية المدنيين.

بهذا الموقف، تصر الادارة الأميركية على توفير الغطاء الدبلوماسي لحكومة اولمرت، التي تضم عنصريين مثل ليبرمان الذي يدعو جهارة للتخلص من المواطنين العرب وتطبيق نموذج قبرص في الفصل بين العرب واليهود واعتماد الاسلوب الروسي في الشيشان في قمع الشعب الفلسطيني، اضافة الى دعوته للتصفية الجسدية لبعض القيادات الفلسطينية. وقد يفسر هذا الموقف الأميركي، من قبل أعضاء الحكومة الاسرائيلية على انه ضوء أخضر لمواصلة ارتكاب جرائم الحرب والعدوان ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

ولا يساهم هذا الموقف الأميركي، إلا في تعميق الكراهية والحقد على السياسات الأميركية المنحازة لجانب قوة الاحتلال، بسبب العلاقة المتميزة بين أميركا وإسرائيل التي كانت قد تعززت خلال حقبة الرئيس الأميركي رونالد ريغان 1981 – 1989 الذي وصفه الرئيس نيكسون بأنه اكثر الرؤساء الأميركيين تأييدا لاسرائيل.

المواقف الأميركية وبخاصة تجاه منطقة الشرق، هي المسؤولة عن تعطيل حل القضية الفلسطينية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب اسرائيل لاشاعة السلام في المنطقة، بسبب تبنيها وتسويقها للمواقف الاسرائيلية التي أثبتت لغاية الان انها بعيدة كل البعد عن اقامة سلام حقيقي ترضى عنه جميع شعوب المنطقة.

الفيتو الأميركي الأخير أحدث ردود فعل عكسية على السياسة الأميركية، حيث دفع وزراء الخارجية العرب لاتخاذ قرار جريء بكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني منذ تشكيل الحكومة الحالية، مما قد يشكل بداية تحلل الانظمة العربية عن السياسات الأميركية المغامرة في المنطقة والتي أساءت لسمعة الأميركيين.

وعليه، فاذا كانت الولايات المتحدة تود فعلا تحسين صورتها في منطقة الشرق الأوسط، عليها ان تكف عن إنفاق ملايين الدولارات في مشاريع عبثية، فصورة الولايات المتحدة قد تتغير فقط اذا تغيرت سياساتها المنحازة للاحتلال. فهل ستقوم الادارة الأميركية باستخلاص الدروس والعبر من نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية وتعمل على مراجعة وتغيير سياساتها، أم أنها ستواصل نفس السياسات العبثية؟ وهل ستصغي الولايات المتحدة الى صوت الغالبية من شعوب المنطقة التي تريد السلام، أما انها ستواصل الاستماع للأقلية التي لا تؤمن سوى بالاحتلال بكل ما تجسده تلك الكلمة من قتل وقهر وتدمير وانتهاك للحقوق وغيرها؟! وهل ستستمع لرسالة السلام التي بعثها الوزراء بالدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة تحضره جميع الأطراف بما فيها اسرائيل؟؟!