28/12/2005

اطلعت اللجنة السورية لحقوق الإنسان على قضية الفتاة ناريمان حجازي التي اختطفت وأرغمت على ممارسة الدعارة من قبل عصابة تؤكد تورط رجال وأجهزة من النظام الحاكم في نشاطها، فقد قدمت ناريمان حجازي، الضحية، للمحامي العام قائمة تضم ثلاثين متورطاً في شبكة دعارة وخطف أطفال من بينهم عناصر من الأمن الجنائي وقضاة ومحامين ومستشارين واطباء. وأكدت ناريمان التي بقيت حوالي ستة شهور في مقر الشبكة أنها تعرضت لمختلف صنوف التعذيب لاجبارها للعمل ضمن افرادها اضافة إلى أنها سجنت ثلاث شهور إثر تواطؤ الأمن مع عناصر الشبكة.

ناريمان، بناء على شهادتها التي أدلت بها للنيابة، تعرضت للتهديد بالقتل والتعرض لأي إنسان يقوم بمساعدتها في القصر العدلي بدمشق، وأكدت أن هناك المئات من الفتيات في الشبكة أغلبهن ُقصّر.وأشارت إلى أنه جرى تهديدها ومضايقتها في كل الاماكن التي تكون فيها حتى في قصر العدلي وأمام محاميتها وعلى الملأ . وتشير التقارير إلى أن هناك رجال يعملون في شبكة الدعارة قبض عليهم ثم أفلتتهم قبضة العدالة ولا أحد يعلم السبب ؟

القضية تميط اللثام عن جزء من المعاناة التي تطال الانسان السوري، وتكشف عن مدى الانتهاك الذي يتعرض له المواطن الضعيف. كما تكشف الحادثة عن مدى الجرم الذي ألحق بالمجتمع ويتحمل النظام السوري مسئوليته كاملة، أولا من خلال العجز عن توفير العيش الكريم الذي يغني الفقير عن السقوط في الرذيلة لسد رمقه أو كفالة من يعول، وثانيا من خلال التورط في الفساد والافساد الذي ضرب أطنابه في سورية ، وثالثا من خلال التقصير في محاربة الرذيلة وحماية قيم المجتمع والحفاظ على الأعراض التي هي من أوجب الواجبات وأهم الالتزمات تجاه المجتمع، وأخيراً في مساهمة متنفذين في أجهزة النظام في تجارة الرذيلة والترويج لها وحمايتها.

إن الغموض الذي يكتنف هذه الظاهرة يكشف عن عجز النظام عن مواجهة تداعيات الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما أشارت إليه محامية الضحية حيث صرحت بأن هناك مؤشرات عن استفحال الدعارة وتوسع الشبكات العاملة بها في الوقت التي تفتقد فيه المعلومات. فلا إحصائيات في سورية عن حجم شبكات الدعارة المتنامية يوما بعد يوم، ودائما ما يكون ذلك بعلم أجهزة الأمن الجنائي وبعض الأجهزة الأمنية الأخرى التي يستفيد بعض القائمين عليها بشكل مباشر منها. وفي تصريح المحامية حليوة تاكيد على عجز أجهزة النظام عن القيام بمهامها في محاربة هذه الظاهرة والظواهر المشابهه، وحجب المعلومات يمثل في حد ذاته انتهاك لحقوق الانسان.

لقد كفلت المواثيق الدولية حقوق المواطنين في العيش الرغد والأمن على الانفس من الاعتداء والاستغلال كحقوق أساسية على الدولة أن تكفلها. وفي حادثة ناريمان حجازي ما يدلل على مدى تخلف أجهزة النظام المعنية بسلامة وأمن المواطنين بل وفسادها وتورطها في انتهاك حقوقهم بشكل يتجاوز كل حدود والقانون وأعراف المجتمع وقيمه.

السلطات السورية معنية بالدرجة الأولى بحماية أرواح وأعراض المواطنين وحرياتهم فهي مسؤولة بنص المادة الخامسة والعشرين عن كفالة الحرية الشخصية والمحافظة على كرامتهم وأمنهم، وهذا ما لم يتحقق ؛ ومسؤولة أيضاً عن حمايتهم من التعرض لأية انتهكات مادية ومعنوية، إذ ينص الدستور في الفقرة الثالثة من المادة الثامنة والعشرين على عدم جواز تعذيب أحد جسديا أو معنويا أو معاملته معاملة مهينة. وبالتالي فالسلطات مطالبة بوضع الأمور في نصابها ومعاقبة المفسدين مهما كانت رتبهم ومناصبهم ووقف الانتهاكات الصارخة للإنسان السوري ومحاسبة كل من تورط في هذه الانتهاكات.

إن السلطات السورية مطالبة بالكشف الكامل والشفاف عن كل الممارسات المنافية لأخلاق المجتمع حيث تجبر فتيات على الإنخراط في شبكات الدعارة التي يقوم عليها تجار الجنس بمعاونة وتورط متنفذين في النظام السوري يقدمون الحماية والخدمات اللوجستية لهذه الشبكات الخارجة على القانون والأخلاق والأعراف العامة.

وإن السلطات السورية مطالبة أيضاً مطالبة بتقديم كل من ثبت تورطه في الاتجار بالدعارة وخصوصاً شخصيات الأمن الجنائي والأجهزة الأمنية والآخرين في السلطات التنفيذية والقضائية إلى التحقيق والمحاكمة ومعاقبتهم على مخالفة القوانين واستخدام نفوذهم وصلاحياتهم القانونية في غير اختصاصها من جهة ، وفي أحط الممارسات التي تتسبب في إيذاء الآخرين والنيل من كرامة المجتمع السوري وقيمه وأعرافه وتقاليده.

وإن السلطات السورية مطالبة بإنصاف ناريمان حجازي وحمايتها وحماية العشرات من أمثالها من تجار شبكات الدعارة وتحصين المجتمع وحمايته من تغلغل مثل هذه الشبكات الخطيرة التي تنتهك أبسط حقوق الإنسان في الحرية والكرامة والأمن وتحقيق مستلزمات الحياة الكريمة.