30 يوليو 2004

المقدمة
المتتبع لأحوال حقوق الإنسان في ليبيا خلال السنتين الماضيتين, ومن خلال الأحداث المتلاحقة التي طرأت على الساحة الداخلية والدولية, ومدى انعكاسات هذه الأحداث على الأوضاع في ليبيا بصورة عامة وأوضاع حقوق الإنسان بصورة خاصة, يلاحظ بروز بعض الظواهر التي اعتبرها البعض إيجابية في مجال تحسين ملف حقوق الإنسان في ليبيا. ومن أبرز هذه الظواهر:

    • 1- ظهور ما يعرف بالتيار الإصلاحي المتمثل في رئيس مجلس وزراء النظام وجماعته من جهة, وسيف القذافي ومؤسسته من جهة أخرى، في مواجهة اللجان الثورية ومصالحها في استمرار قوة نفوذها وسيطرتها، هذه الظاهرة على الأقل أفرزت بعض الانفراجات، ولو أنَّها لا تمثل شيئاً بالمقارنة بما يجرى على أرض الواقع, إلا أنها أفضل من لا شي.

 

    • 2- ونتيجة لهذا الصراع بين التيارين المذكورين أعلاه، برزت على السطح نداءات للإصلاح الاقتصادي بالتوجه لاقتصاد السوق الحرة، وخصخصة القطاع العام، وتطوير السياحة والمصارف، والانفتاح الملحوظ نحو الغرب.

 

    • 3- استمرار مؤسسة القذافي التي يترأسها سيف الإسلام القذافي, في العمل على حثِّ الجهات ذات الاختصاص للإفراج عن أكبر عدد من السجناء السياسيين وسجناء الرأي, الأمر الذي أكَّد للعالم وجود مثل هذا النوع من السجناء في معتقلات النظام الذي كثيراً ما أنكر وجود سجناء سياسيين في ليبيا.

 

    • 4- بعد مضي أكثر من خمسة عشر سنة تمَّ السماح لمنظمة العفو الدولية بزيارة ليبيا، وتفقّد أحوال حقوق الإنسان فيها، وقامت بزيارة لبعض المعتقلات، والتقت ببعض السجناء السياسيين، واطَّلعت عن كثب على أحوال السجون والسجناء، وملف حقوق الإنسان بصفة عامة، وخرجت للعالم بتقريرها السنوي الصادر في 27/4/2004م، وهو غنى عن التعريف.

ومتابعة لتقاريرنا السابقة، والتي تضمنت العديد من المطالبات بشأن تحسين ملف حقوق الإنسان في ليبيا نلاحظ ما يلي:1- لا زال النظام الحاكم في ليبيا يتجاهل نداءاتنا بضرورة استصدار الدستور الدائم للدولة،

    •  لكفالة ضمان حماية الحريات وحقوق الإنسان بعدم تكرار الاعتداء عليها في غياب الشرعية الدستورية.

2- عدم اتجاه النظام إلى إثبات حسن النوايا، وذلك من خلال العمل على إلغاء كافة القوانين والتشريعات المقيدة للحريات والمنتهكة للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية,

    •  وكذلك عدم الجديّة في إلغاء المحاكم الاستثنائية، وعلى رأسها محكمة الشعب، بالرغم من إن قائد النظام وفى إحدى لقاءاته مع رجال القانون والقضاء قد أشار إلى هذا الموضوع، إلا أنَّ الأمر لم يتجاوز ذلك اللقاء، ولم يتمَّ تنفيذ هذا الأمر على أرض الواقع حتى يومنا هذا.

3-لم يتم اتخاذ إجراءات شجاعة وحاسمة في سبيل الإعلان عن الإفراج التام عن كافة السجناء السياسيين وسجناء الرأي،

    •  والأمر بوقف إجراءات أية محاكمات جارية الآن ضد جميع المتهمين بتهم سياسية أو فكرية غير متوافقة مع توجهات النظام وسياساته.

4- بالرغم من التعتيم الإعلامي على ما عُرف بمجزرة سجن أبو سليم..

    •  تم أخيراً كشفُ هذه الجريمة، وذلك بفضل جهود المنظمات الليبية في الخارج ومساعدة المنظمات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان.. واعترافُ النظام بهذه الجريمة، إلا أنه إلى ألان لم تتخذ الخطوات الإيجابية في سبيل فتح ملف التحقيق في وقائع هذه المجزرة، والعمل على تعويض أهالي ضحاياها، والكشف عن كافة أسماء الذين قتلوا فيها، ومن ثم الكشف عن مقابرهم وإصدار شهادات وفا تهم.

5- وفي مجال الإعلام والصحافة وحرية الرأي والكلمة،

    •  لم يطرأ أي تحسن في هذا المجال، وذلك بإعطاء أكبر قدر من المساحات للحرية وإبداء الرأي والرأي الأخر، بأن تعطى الفرصة للإعلاميين ورجال الصحافة والفكر في الحصول على المعلومة الواثقة والبيانات الدقيقة عن كافة مجريات الأحداث في الداخل، وإعطاء أكبر قَدْرٍ من الحريات لانتشار الصحف والمجلات والدوريات دون قيود رقابية تكون حائلاً دون انتشار هذه المطبوعات، وعدم العمل على مصادرة أي منها لأي سبب من الأسباب، كما حدث بأن تم إيقاف صدور بعض المجلات الثقافية والتي كان أخرها منع تداول مجلة عراجين التي منعها قرار وزير الثقافة في ليبيا.

6- حالات الاختفاء القسري.. 

    لازالت هذه المشكلة قائمة بالرغم من مطالباتنا المتكررة بضرورة الإفصاح عنها بشكل صريح وواضح، ومن أشهر هذه الحالات -وذلك على سبيل المثال لا الحصر-: اختطاف واختفاء كلا من: منصور الكيخيا ، عزت المقريف، جاب الله مطر، الشيخ موسى الصدر ورفاقه.. هذا بالإضافة إلى العديد من أبناء الوطن الذين تمَّ خطفهم من الشوارع والمساجد ولم يعرف مصيرهم حتى الآن.

هذا وقد ظهرت على الساحة الداخلية والدولية خلال هذه الفترة العديد من القضايا ذات الصدى الداخلي والدولي، التي كانت لها نتائج سلبية للغاية على أبناء شعبنا من جهة وعلى سمعة دولتنا من جهة أخرى..أهمها:

    • 1- الاعتراف بجريمة تفجير طائرة الركاب المدنية الأمريكية فوق قرية لوكربي، وما ترتب عليها من دفع المليارات الدولارات من خزينة الشعب الليبي الذي لا ناقة له فيها ولا جمل.

 

    • 2- ولحق ذلك إقرار النظام بتعويض ضحايا الطائرة الفرنسية.

 

    • 3- ثم ظهور مشكلة تعويض ضحايا تفجير الملهى الليلي ببرلين.

 

    • 4- بروز قضية الإخوان المسلمين وما صدَرَ فيها من أحكام جائرة وصلت إلى الإعدام والسجن المؤبد. 5- قضية ضحايا مستشفى الأطفال ببنغازي التي عرفت بقضية الايدز، التي صدر فيها أيضا الحكم بالإعدام ضد الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات.

 

    6- ترشيح ليبيا لرئاسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بالرغم من المعارضة الدولية من قبل بعض الدول بالإضافة إلى المعارضة الليبية في الخارج والتي لم تكن تعارض رئاسة ليبيا الوطن الغالي الشريف، وإنما كانت المعارضة متمثلة في إعطاء هذا الشرف للنظام الحاكم الذي كان وراء العديد من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في ليبيا وفى العديد من دول العالم.

وفوق كل هذا وذاك، لازال النظام الحاكم في ليبيا يسير بنفس نهجه السابق، في كبت الحريات وانتهاك حقوق الإنسان في ليبيا وخارجها،ودلك على النحو التالي:

    • 1- عندما صرح قائد النظام بنيته لإلغاء بعض القوانين الجائرة، فاجئنا النظام بإعلانه عن مشروع تعديل قانون العقوبات الليبي، والذي كرس مجدداً للأسف مصادرة الحريات والحقوق المدنية.. بأن ضمن مواد تلك القوانين الجائرة في صياغة قانون العقوبات الجديد، هذا ولقد أصدرنا بياناً مفصلاً بذلك في حينه..

 

    • 2- وردت المعلومات من الداخل بأن الأجهزة الأمنية باشرت إجراءات الضغط على أهالي وأقارب المعارضين السياسيين المتواجدين في المهجر، ومضايقتهم، تلويحاً باستعمال قانون العقوبات الجماعية ضدهم.. إن لم يلزموا أبنائهم في الخارج بالصمت أو العودة لأرض الوطن.

 

    • 3- ولقد ظهر هذا ا لأمر جلياً أثناء المحادثات الليبية ممثلة في جمعية القذافي الخيرية والألمانية الممثلة في محامي ضحايا تفجير ملهى لابيل الليلي، حيث تمت مقايضة الحكومة الألمانية بأن تسلم من لديها من المعارضين السياسيين، مقابل الموافقة على التعويضات الخاصة بضحايا هذا التفجير!!

 

    4- كذلك تعهد السلطات الليبية مؤخراً للأمم المتحدة بالكشف عن أسماء لها علاقة بتنظيم القاعدة، واستمرارها في مخاطبة الانتربول الدولي وتزويده بقوائم بأسماء أشخاص مطلوبين أمنياً، وبتهم عارية من الصحة، وذلك كله في محاولة مفضوحة للنيل من بعض المعارضين السياسيين في الخارج.
مناشط الاتحاد

قام الاتحاد خلال هذه الفترة بعدد من المناشط والاتصالات، سعياً منه في تنشيط وتفعيل دور الاتحاد في سبيل التعريف بحقوق الإنسان، والعمل على المشاركة مع بقية التنظيمات والمؤسسات الليبية في الخارج في بعض هذه المناشط، وذلك على النحو التالي:

    • 1- الاتصال المستمر والدائم مع المنظمات العربية والإقليمية والدولية ذات العلاقة، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية بمقرها الرئيسي في لندن أو مقرها الإقليمي في ألمانيا، وذلك لوضع الجميع في الصورة حول كافة المجريات المتعلقة بوضع حقوق الكانسان في ليبيا.

 

    • 2- المشاركة في عدد من الاعتصامات التي دعا إليها الاتحاد من جهة، والمنظمات والمؤسسات الليبية من جهة أخرى ومن بينها:

 

      • أ- الاعتصام أمام سفارة النظام ومقر الأمم المتحدة- في جنيف- بتاريخ 1/9/2003.

 

      • ب – الاعتصام الذي تم أمام سفارة النظام- في لاهاي- بتاريخ 17/3/2003 وبتاريخ1/9/2003.

 

      • ج- الاعتصام الذي تم بمدينة بروكسل إثناء زيارة القذافي للمفوضية الأوربية بتاريخ27/4/2004، هذا ولقد قام رئيس الهيئة الإدارية بالمنظمة الليبية لحقوق الإنسان- ألمانيا- عضو الأمانة العامة للاتحاد، بمراسلة رئيس البرلمان الأوروبي بهذه المناسبة والتي كان لها رد فعل ايجابي.

 

    • 3- كذلك قامت المنظمة الليبية- ألمانيا- بمناشدة رئيس وزراء بريطانيا بمناسبة زيارته لليبيا بالعمل من أجل الضغط على النظام الحاكم بضرورة تحسين ملف حقوق الإنسان.

 

    • 4- المشاركة في بعض الندوات ذات العلاقة بأوضاع حقوق الإنسان, التي أقامتها مؤسسة الرقيب لحقوق الإنسان بمدينة مانشستر، والتضامن لحقوق الإنسان بمدينة جنيف، ومنتدى ليبيا للتنمية البشرية والسياسية بمدينة لندن.

 

    • 5-هذا بالإضافة إلى عدة مشاركات في ندوات وحلقات لها شأن بالواقع الليبي سياسياً واجتماعياً وثقافياً، وذلك عبر قنوات البالتوك.

 

    6- المساهمة في حل بعض مشاكل اللجوء لبعض الليبيين في عدد من الدول الأوربية.
وفى الختام

فإن الاتحاد الليبي للمدافعين عن حقوق الإنسان، وهو ينظر إلى واقع حقوق الإنسان في ليبيا بقلق شديد، فإنه يتطلع إلى اليوم الذي تنتهي فيه كافة مظاهر الانتهاكات للحريات وحقوق الإنسان في ليبيا وعودة الحياة الدستورية التي يعيش فيها المواطن تحت مظلّة القانون بحرية وكرامة وعزة، وإلى أن يتحقق ذلك، فإننا نؤكد على مطالبنا الثابتة التالية:

    • 1- العمل على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي.

 

    • 2- الكشف عن مصير الذين اختفوا قسراً.

 

    • 3- إطلاق الحريات العامة وعدم تقييدها إلا في حدود القيم والأخلاق، وعلى رأسها حرية الصحافة والإعلام، وتحقيق كل ما من شأنه الرفع من معنويات الشعب الليبي، في الحياة بعزة وكرامة.

 

    • 4- التحقيق الفعلي والجاد في كافة الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في حق أبناء ليبيا، الذين قتلوا ظلماً فوق أعواد المشانق أو في المعسكرات أو داخل المعتقلات أو الذين تمت تصفيتهم جسدياً خارج ليبيا ،والعمل على تعويض ذويهم.

 

    • 5- التحقيق في جريمة العصر بالنسبة للشعب الليبي المتمثلة في مجزرة أبو سليم، للكشف عن مرتكبيها وتقديمهم للعدالة ، والكشف التام عن أسماء ضحاياها والابتعاد عن سياسة الإعلان التدريجي عن أسماء الذين قتلوا في هذه المجزرة الرهيبة.

 

    • 6- العمل على إلغاء كافة القوانين والتشريعات المقيدة للحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

    7- إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية وعلى رأسها محكمة الشعب وبالتالي إلغاء كافة الأحكام الصادرة عنها.

 

وفق الله الجميع لما فيه خير شعبنا المناضل،
ودام الجميع حماة للحرية ودعاة للحق
ورعاية حقوق الإنسان في ليبيا
الأمانة العامة
صدر في 30/7/2004 هـ