28 يونيو 2004
السجن المركزي
يقع السجن المركزي بوسليم في حي بوسليم ( حي الأكواخ سابقا ) و هو داخل معسكر الشرطة العسكرية و يعتبر السجن الرئيسي للسجناء السياسيين وعادة ما ينتهي مصير السجين السياسي إلى هذا المعتقل’وكان عدد المعتقلين فيه يصل إلى الآلاف.
وهو عبارة عن سجنين متماثلين و هما السجن المدني و العسكري و لقد سميا بالعسكري حيث استخدما في فترة كسجن للعسكريين ولكن مع زيادة أعداد السجناء المعتقلين لم يعد يستقبل إلا سجناء الرأي أو السجناء السياسيين. تم الانتهاء من بناء السجن عام 1984 ليحل محل السجن القديم ( الحصان الأسود)و كان أول نزلاء السجن هم الذين اعتقلوا في أحداث مايو 1984 م
تفصيلات السجن
يتكون السجن من ثمانية عنابر (قاطع ) مرقمة 1- 8 يحوي كل عنبر أربعة عشرة زنزانة باستثناء العنبرين 7- 8 فيحوي كل واحد منهما علي عشرين زنزانة. يفصل بين كل عنبرين ساحة مغلقة يخرج إليها السجناء لساعات محددة كل يوم في الحالات الاعتيادية للتعرض للشمس و مزاولة الرياضة في السابق’ وقد قضى عدد كبير من سجناء الرأي فترات طويلة في العنابر لم يسمح لهم خلالها بهذا الحق’ و لذا فلقد تعرض الكثير منهم للأمراض الجلدية و الأمراض المزمنة مثل الالتهابات الرئوية و غيرها من الأمراض.
سجناء الرأي
كان عدد سجناء الرأي قبل يوم 2 مارس 1988 ما يقارب 520 سجينا تم الإفراج عن 404 سجينا يوم 3 مارس 1988 تحت ما عرف ب( أصبح الصبح ) وهو العفو العام , هذا العفو لم يشمل 100 سجين حيث بقوا إلا أن أفرج عنهم خلال عامي 2001 -2002 وكان من ضمن هؤلاء أقدم سجين ليبي السيد أحمد الزبير السنوسي _ أمضى في السجن ما يناهز ثلاثين عاما _ , و كان أيضا من ضمنهم المتهمون في قضية حزب التحرير’ و قد أجاب أحدهم عندما سئل عن المدة التي قضاها قال ” تسعة وعشرون سنة وأربعة أشهر” ‘و لم ينته عام 1988 حتى عادت حملات الاعتقال من جديد و مع ديسمبر من تلك السنة شنت الأجهزة الأمنية حملات اعتقال واسعة شملت معظم أرجاء البلد و استمرت هذه الاعتقالات حتى نهاية شهر مارس 1989 م وبعد الانتهاء من التحقيقات تم تقسيم السجن إلى ثلاث فئات
فئة أ :
هذه الفئة تم عزلهم بصورة تامة و لم ترد عنهم أي أخبار سوى ما تسرب عن أنباء انتشار الأمراض المعدية و ذكر منها بالتحديد مرض السل
فئة ب:
عملت هذه الفئة مثل فئة أ باستثناء بعض منهم حيث سمح لهم بالزيارة
فئة ج :
تعرضت هذه الفئة لحصار أقل من الفئات الأخرى حيث سمح لهم بالزيارة مرة كل ثلاثة أشهر و كان ذلك بعد اعتصام أهاليهم أمام مبني إدارة هيئة الأمن الداخلي و أمام سجن أبو سليم.
ما بين 90 -94 تم اعتقال عدد آخر في خلال أحداث بن وليد و التي عرفت بأحداث أكتوبر 93 و أحداث إجدابيا و التي عرفت باختفاء السلاح.
مع شهر مايو 1995 تم الإفراج عن 306 سجينا من فئة ج ولكن في نفس الشهر بدأت أحداث مايو 95 الشهيرة شنت علي إثرها الأجهزة الأمنية حملات اعتقال علي نطاق واسع و بهذا ارتفع عدد السجناء و اكتظت الزنزانات و تدهورت الأوضاع في السجن أكثر من ذي قبل’ وو صل عدد السجناء في الزنزانة الواحدة إلى أضعاف ما كان عليه وعاش المعتقلون فترة عصيبة حرموا من أبسط حقوقهم التي تكفلها لهم مدونة الحدود المدنية للتعامل مع السجين . و تعرضوا للتعذيب الجسدي و النفسي و لم يقدموا إلى المحاكم و لم توجه إليهم أي تهمه و أصبح مصيرهم مجهول , و تعاملت معهم إدارة السجن بوحشية و أسلوب العقاب الجماعي’ وعلى أثر هذه الأحداث قسم السجن كالآتي:
السجن المدني
العنبران 1 – 2 خصصا للباقين من فئة ج والذين أفرج عنهم فيما بعد
العنبران 7 – 8 خصصا في تلك الفترة لمجموعة أكتوبر 1993م
العنابر 3 – 6 خصصت لسجناء الفئتين ا, ب
تم نقل من ثبت عنه انضمامه إلى تنظيم
السجن العسكري
عنبر 1 خصص لمجموعة المائة ( 100 )
العنابر 3 – 8 خصصت للمعتقلين الذين لم ينته معهم التحقيقات بعد
هذه الصورة التي كان عليها السجن قبل يوم الجمعة 28 يونيو 1996 ‘و نتيجة للأوضاع المؤسفة التي يعيشها السجناء بالسجن قام مجموعة من السجناء من عنبر 4 بالهجوم علي الحراس أثناء فترة توزيع و جبة العشاء -وكانت الطريقة المتبعة في توزيع الوجبات – كان أحد الحراس يقف عند باب العنبر و يدخل الاثنين الآخرين أحدهم يجر العربة لتوزيع الأكل و الأخر يفتح باب الزنزانة وينادي علي أحد السجناء لجلب صحون السجناء , الحارس الوحيد المسلح هو الذي يقف عند باب العنبر .
تقول إحدى الروايات بأن أحد هؤلاء الحراس لقي حتفه و بعضها تقول احتجزه السجناء و لكن الروايات جميعها تؤكد هروب الحارس المسلح.
حضر و فد أمني يترأسه العقيد عبد الله السنوسى – عديل العقيد معمر القذافي والمدان في طائرة U T الفرنسية – حيث بدأت المفاوضات مع وفد من السجناء.
تمثلت مطالب السجناء في التالي :
- توفير الرعاية الطبية لعدد من السجناء المرضي
- تحسين أوضاع السجن ( من رعاية طبية – تحسين نوعية الطعام – الخ )
- النظر في الوضع القانوني للسجناء
- السماح لأهلهم بزيارتهم
استمرت المفاوضات حتى فجر السبت 29 يونيو 1996 و انتهت بقبول السجناء العودة إلى زنزانتهم بعد أن وعدهم الوفد الأمني بتحقيق مطالبهم.
صباح السبت أحضرت الحافلات لنقل ما يقارب 150 سجينا للمستشفيات لتلقي العلاج و في نفس الوقت شهد السجن نقل سجناء.
مع الساعة الحادية عشر و عشرون دقيقة سمعت أصوات إطلاق رصاص مكثف استمر لمدة ساعتين , بعدها سمعت طلقات رصاص منفردة و متقطعة مساء وسمعت أصوات تدل علي عمليات تنظيف للسجن المدني استمرت حتى صباح الأحد. طالبت منظمة العفو الدولية عام 1996بالتحقيق في ما ورد من معلومات عن هذه الحادثة في سجن أبو سليم
كما هو معلوم خلال تلك الفترة عزل السجن عزلة تامة عن العالم الخارجي منذ 1995 حتى مطلع عام 1997 حيث تم الإفراج عن بعض سجناء من السجن العسكري ؛ تحدثوا عن الوضع الخطير الذي يمر به السجن و عن حدوث احتجاج في السجن المدني.
تم تغيير إدارة السجن و صاحب ذلك تحسن تدريجي و بدء الإفراج عن مجموعة أخرى من المعتقلين من السجن العسكري كان ذلك يحدث عندما يتم نقل السجناء المراد إطلاق سراحهم إلى سجن عين زارة ‘و مع هذا سجلت حالات و فاة بسبب مرض السل لسجناء كانوا علي وشك إطلاق سراحهم. مع مطلع عام 2002 وردت أولى المعلومات تفيد ببدء السلطات الليبية الإبلاغ عن حالات وفاة رهن الاعتقال , اتسم أسلوب الإبلاغ بالعبثية و عدم الاكتراث؛ حيث منع الأهالي القيام بواجبات العزاء , و لم يتم تسليم الجثمان، ولم يتم إصدار شهادة وفاة’ و لم تذكر أسباب الوفاة ورغم التعتيم عن هذه القضية استطاعت التضامن و بالتعاون مع جهات وطنية الإبلاغ عن 108 ضحية قتلوا داخل السجن .
عدد الضحايا
كما هو معلوم لم تصدر من قبل السلطات الليبية أي معلومة عن هذه القضية مما يجعلنا نضع سيناريوهات لمعرفة عدد ضحايا هذه الحادثة
- السيناريو الأول هو تعرض سجناء 3-4-5-6 للقتل و هذا يضع رقم الضحايا تقريبا 1120 سجين’ و لقد تم تقدير هذا الرقم كالتالي ( 4 عنابر * 14 زنزانة * 20 سجين في الزنزانة الواحدة ) يفضل العملية الحسابية تكتب بشكل أوضح
- السيناريو الثاني هو تعرض سجناء العنابر 3- 4 فقط للقتل و هذا يضع عدد الضحايا حوالي 560 سجينا
- السيناريو الثالث و هو السيناريو الأقل سواء و هو أن يكون القتل استهدف سجناء عنبر رقم 4 فقط وهذا يضع عدد الضحايا حوالي 280 سجينا.
وللأسف الشديد فإن المعلومات التي وردت ألينا مؤخرا والتي كانت مع بداية هذا العام تؤكد تعرض العنابر 3-4-5-6 للهجوم ليضع العدد حوالي 1000 قتيل و نجاة حوالي 120 او 150 و هم الذين تم نقلهم إلى المستشفيات و في الحقيقة تم نقلهم إلى السجن العسكري ‘ و يبقوا في عداد المفقودين إلى أن تعلن السلطات الليبية عن أسماء جميع من لقوا حتفهم يومي 21 و 22 يونيو 1996 .
)من خلال المعلومات الاخيرة التي تحصلت عليها التضامن تأكد ان يومي الحادثة هما الجمعة و السبت الموافقق 28, 29 يونيو 1996 )
ما حدث يوم السبت 29 يونيو 1996م هو جريمة ضد الإنسانية :
السجناء لم يشكلوا أي خطر النظام القائم ، المصادر أفادت أنهم لم يحصلوا على سلاح, و في أبعد الأحوال كان يمكن أن يكون لديهم ثلاث قطع من السلاح الشخصي
المصادر أفادت أن حالة “الاحتجاج” انتهت و السجناء عادوا إلى الزنزانات قبل أن يبدأ إطلاق النار الكثيف بعدة ساعات ولم يكن هناك أي مبرر للاستخدام المفرط للقوة ضد سجناء عزل.
تكتم السلطات على الحادثة حتى تاريخ اليوم و لم تعترف أي جهة رسمية عن الحادثة
وبناء علي ما ذكر آنفا في أننا في التضامن نخلص للتالي :-
- السلطات الليبية ارتكبت انتهاكات جسيمة في حقوق المواطنين الذين اعتقلتهم:
- اعتقالات عشوائية بدون توجيه تهمة محددة.
- استخدمت ضدهم القوة والإرهاب في معظم حالات القبض.
- عرضتهم للتعذيب و الاعتقال في ظروف قاسية و في عزلة عن العالم.
- أبقتهم في المعتقل بدون محاكمة لفترات طويلة (بعضهم أكثر من 13 عاما)
وبعد مضي ما يقرب من ثمان سنوات عن هذا الحدث اللإنساني المؤسف لازالت السلطات في ليبيا مصرة على :
- حرمان أهالي الضحايا من معرفة ظروف و ملابسات وفاتهم رهن الاعتقال.
- حرمان ذويهم من استلام جثمان الضحايا لدفنهم في قبور معروفة.
- لم تقم بإجراء تحقيق في الحادثة و محاسبة الجناة وفقا للقانون.
بالتالي نطالب السلطات الليبية بالتالي
- السلطات مطالبة بإجراء تحقيق مستقل، برئاسة لجنة قضائية مستقلة، و عدم تدخل الأجهزة الأمنية في التحقيق فهي طرف متهم و مسئول مسئولية مباشرة عن الظروف التي قادت إلى تلك الحادثة المروعة و عن الحادثة نفسها، إدارة السجن المدني بوسليم و لجان التحقيق يقعا تحت مسئولية جهاز الأمن الداخلي مباشرة.، و ذلك لتوضيح التالي
- ظروف الاعتقال في سجن بو سليم التي قادت إلى تلك الحادثة المروعة
- ما الذي حدث يومي 28 و 29 يونيو 1996م
- أسماء الضحايا الذين لقوا حتفهم يومي 28 و 29 يونيو 1996م
- تحديد المسئولين و تقديمهم للمحاكمة.
- إبلاغ أقارب المعتقلين بمصير ذويهم المعتقلين و تقديم كافة التعويضات المادية و المعنوية لهم’ وقد قامت السلطات الليبية بتقديم تعويضات سخية لضحايا حادثة تفجير طائرة شركة بان آم بالرغم من عدم توفر أدلة قطعية تثبت تورط السلطات الأمنية الليبية في الحادثة، فمن باب أولى أن تبادر السلطات الليبية بتعويض أسر ضحايا الوفاة رهن الاعتقال، فهم مواطنون ليبيون كانوا في معتقل تديره الأجهزة الأمنية الليبية بصورة مباشرة و لذا فمسئولية الوفاة تقع على السلطات الأمنية الليبية بدون أي شك.
و أهم من التعويض المادي هو التعويض المعنوي و الذي لا يمكن أن يكون إلا باعتذار رسمي من أعلى سلم السلطة الليبية لذوي الضحايا، و نطالب بأن تباشر السلطات الليبية بتغيير سياساتها تجاه المواطنين و أن ترد إليهم حقوقهم.
- الإفراج الفوري عن كل سجناء الرأي و تقديم بقية السجناء السياسيين لمحاكمات عادلة أمام هيئات قضائية مستقلة مع ضمان كافة حقوقهم المنصوص عليها في المواثيق الدولية خاصة العهد الدولي للحقوق السياسية و المدنية.
- إلغاء القوانين الجائرة التي تتناقض مع التزامات النظام الليبي بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، مثل قانون تجريم الحزبية و قانون العقوبات الجماعية و إلغاء محكمة الشعب.
- الحد من نفوذ الأجهزة الأمنية.
- الشفافية و الوضوح في التعامل مع مثل هذه القضايا هو الوسيلة الوحيدة لضمان حقوق كافة الأطراف، فالغموض و التكتم يزيد الأمور تعقيدا و لا يؤدي إلى أي نتيجة.
انظر الي نداء العاجل الذي اصدرته منظمة العفو الدولية http://web.amnesty.org/ai.nsf/Index/MDE190041996?OpenDocument
قائمة ببعض المعتقلين الذين تم الإبلاغ عن وفاتهم رهن الاعتقال
قائمة ببعض المعتقلين الذين لم يتمكن ذووهم من الإتصال بهم منذ إعتقالهم