29 يونيو 2004
بحلول يوم الثلاثاء 29 يونيو 2004م يكون قد انقضى على حادثة القتل الجماعي ثمان سنوات و لا تزال القضية يكتنفها الغموض و تستمر معاناة الأسر و خاصة النساء، و لم تقم السلطات الليبية بأي إجراءات عملية إيفاءً بواجبها تجاه مواطنيها و إلتزاماتها تجاه المواثيق الدولية التي صادقت عليها. فإستئناف السلطات الليبية للإبلاغ عن حالات الوفاة رهن الإعتقال (و الذي كان متوقعا بعد أن قام النظام بالإعتراف رسميا و لأول مرة بالحادثة في كلمة العقيد معمر القذافي أمام “المجلس الأعلى للهيئات القضائية في ليبيا” بتاريخ 18 أبريل 2004م و التي دعى فيها السلطات إلى بلاغ الأسر عن مصير ذويهم المعتقلين) غير كاف بل نعتبره في التضامن بأنه إستمرارا لانتهاك حقوق ضحايا الحادثة، فالبلاغات تتم بصورة شفهية، حسب الحالات التي تمكنا في التضامن من رصدها، أي غير موثقة في وثائق رسمية و دون إبداء أسباب الوفاة أو تاريخها أو مصير الجثمان.
لقد انتهكت السلطات الليبية حقوق مواطنيها، الذين لقوا حتفهم يوم السبت الموافق 29 يونيو 1996م، بإعتقالهم بصور عشوائية (Arbitrary Arrest)، دون تخويل من سلطات قضائية، و انتهكت حقوقهم بإعتقالهم في عزلة عن العالم (Incommunicado Detention) في ظروف سيئة و عدم تمكينهم من الإتصال بذويهم، و انتهكت حقوقهم بعدم توجيه تهم لهم أو تقديمهم لمحاكمة عادلة للنظر في قضاياهم، و انتهكت حقوقهم بقتلهم في عملية قتل خارج نطاق القانون.
EXTRAJUDICIAL, SUMMARY, OR ARBITRARY EXECUTIONS) (في عملية قتل جماعي ترتقي إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية (Crime against Humanity)
و استمرت الإنتهاكات لحقوق ذوي الضحايا طيلة الثماني سنوات، التي حاول النظام فيها التستر على الحادثة. لقد رصدت التضامن العديد من الحالات التي أستمرت سلطات معتقل أبو سليم في إستلام رسائل و أمانات (من ملابس و أطعمة و أدوية و رسائل) لمعتقلين لقوا حتفهم في الحادثة، لعدة سنوات. إن تأخر السلطات الليبية في الإبلاغ عن حالات الوفاة رهن الإعتقال يعد في الواقع إنتهاكا لحقوق الأسر و يرتقي إلى مرتبة العقوبة الجماعية المحرمة دوليا. لقد رصدنا في التضامن العديد من الحالات التي عانت فيها أسر الضحايا، و خاصة زوجات المعتقلين، مشاق جسيمة في سعيهم لمعرفة مصير ذويهم المغيبين خلف أسوار أبو سليم.
نحن في التضامن نستنكر أسلوب السلطات الليبية في التعامل مع هذه القضية الخطيرة و نطالبها بضرورة تصحيح الأوضاع بصورة عاجلة. لقد قامت السلطات الليبية بإتخاذ خطوات عملية في تسوية ملفات ضحايا الطائرة الفرنسية و ضحايا لوكربي، و التضامن هنا ليست معنية بتقييم تلك القضايا و لكن نطالب السلطات الليبية بأن تتعامل مع ضحايا حادثة ابو سليم بالمستوى المتوقع من دولة مسئولة عن حماية حقوق مواطنيها، فضحايا الحوادث الثلاثة مشتروكون في خاصية واحدة و هي أنهم بشر.
التضامن تطالب السلطات الليبية بتحقيق قضائي مستقل لتحديد ملابسات وفاة كل حالة من حالات الوفاة رهن الإعتقال و تمكين ذويهم من معرفة مصير الجثامين و تعويضهم التعويض المادي و المعنوي المناسب، كذلك ضرورة تحديد المسئولين و تقديمهم للمحاسبة و اتخاذ كل الأسباب و الإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الإنتهاكات.