14/9/2009

تتابع جمعية التضامن لحقوق الإنسان باهتمام إشارات التطور التي طرأت على ملف قضية القتل الجماعي في سجن بوسليم، وتمثل هذا التطور في تكليف قاضي تحقيق، المستشار محمد بشير الخضار، لرئاسة لجنة تحقيق في الحادثة، وكذلك تعيين ستة مستشارين لمساندة القاضي المكلف.

إن المراحل التي مرت بها هذه القضية المتعلقة بحادثة القتل الجماعي تنبئ بتراكم الفشل في التعاطي معها، وتشير إلى ملازمة التعامل الأمني و غياب تام للشفافية. فبالرغم أن الحادثة وقعت بتاريخ 29 يونيو 1996م، فقد ظلت الدولة الليبية تلتزم التعتيم و الإنكار لهذه المذبحة حتى شهر فبراير 2004م حيث صرح العقيد القذافي أثناء لقائه بوفد منظة العفو الدولية عن “حدوث تمرد و محاولة هرب لسجناء” وصفهم “بالإرهابيين” و أن للأهالي الحق في معرفة مصير أبنائهم. و رغم حصول أهالي الضحايا على حكم قضائي بتاريخ 27/6/2008 يدعم حق الأهالي في معرفة مصير أبنائهم و يطالب الجهات الأمنية بالكشف عن ملابسات الحادثة إلا أن هذا الحكم لم ينفذ بسبب تعنت الأجهزة الأمنية و رفضها للإنصياع للأحكام القضائية، و بتاريخ 24 يوليو 2008م، و بعد تظاهرات متكررة لأهالي الضحايا، صرح سيف الإسلام القذافي في مؤتمر بعنوان “الحقيقة” “أن تحقيقات ما يعرف بتمرد سجن بوسليم قد تمت و أنه سيتم نشر نتائج التحقيقات قريبا” و اصفا المذبحة بأنها “إستعمال مفرط للقوة”.

إن التضامن لحقوق الإنسان تنتقد ما تتخذه الحكومية الليبية من إجراءات يغلب عليها المماطلة و التضارب. فمن خلال إفادات كثيرة لسجناء سياسيين، كانوا في سجن بوسليم وقت حدوث المذبحة و من مصادر أخرى، خلصت التضامن إلى أن الإعتصام الذي قام به بعض المعتقلين في “السجن المركزي” في معسكر بوسليم، و الذي ترتب عليه وفاة حارس واحد و إتخاذ آخر رهينة، هذا الإعتصام تم إنهائه بطريقة سلمية و من خلال المفاوضات التي قادها وفد أمني يرأسه العقيد عبدالله السنوسي رئيس الإستخبارات العسكرية، و أن المعتقلين عادوا إلى زنزاناتهم بعد أن تم تقديم الوعود و التطمينات بتحقيق مطالبهم المشروعة، و أن أعمال القتل وقعت بعد إنتهاء الإعتصام سلميا بأكثر من تسعة ساعات. مذبحة بوسليم، و التي راح ضحيتها أكثر من 1200 معتقل، هي حادثة قتل جماعي خارج نطاق القضاء، و ليست قضية إفراط في إستخدام القوة، فلا يمكن القبول بوصف “عملية إنهاء تمرد في سجن سياسي تترتب عليها سقوط أكثر من 1200 قتيل” بأنها عملية “تم فيها إفراط في إستخدام القوة”.

إن تكليف لجنة قضائية للتحقيق في الحادثة، و هو ما طالبت به التضامن، يعتبر تطور إيجابي في القضية، و لكن إن لم تلتزم اللجنة بالحيادية و الشفافية و تضمن لها السلطات الليبية الإستقلالية و الصلاحيات الكاملة لإجراء تحقيقاتها و الحماية لأعضائها و لكل الشهود الذين سيمثلوا أمامها، فإن نتائج هذه الخطوة لن تؤدي إلى تحقيق العدالة.

إن تحصيل الحقوق المدنية و الجنائية المتعلقة بهذه القضية بات أمرا ملحا، و واجبا إنسانيا بالدرجة الأولى، و تطالب التضامن السلطات الليبية بالأتي:

  • إجراء تحقيق نزيه، و شفاف، و شامل للوصول إلى تحديد المسؤولية، و الإحاطة بجميع ملابسات عملية القتل الجماعي في سجن بوسليم و التي صاحبها الغموض فترة طويلة من الزمن، و يجب أن يشتمل التحقيق على الأقل على:
    • كشف كامل بكل أسماء المعتقلين في سجني بوسليم، السجن المركزي و السجن العسكري، يوم الجمعة 28 يونيو 1996م
    • كشف كامل بكل أسماء المعتقلين الذين تم نقلهم من و إلى السجن المركزي صبيحة يوم السبت 29 يونيو 1996م
    • كشف كامل بكل أسماء المعتقلين الذين لقوا حتفهم في حادثة القتل الجماعي في السجن المركزي يوم السبت 29 يونيو 1996م
    • التحقيق في ظروف السجن المركزي و السجن العسكري و تحديد المسؤولين عن تدهور الأوضاع في السجن، من تعذيب و معاملة مهينة و حاطة للكرامة الإنسانية و حرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم الأساسية، و التي أدت إلى إعتصام المعتقلين مساء الجمعة 28 يونيو 1996م، و تقديم المسؤولين للعدالة
    • التحقيق في الأسباب وراء القتل الجماعي الغير مبرر للمعتقلين بعد أن تم إنتهاء الإعتصام سلميا و عبر التفاوض، و تحديد المسؤولين عن هذه الجريمة و تقديمهم للعدالة
    • التحقيق في المسؤولية الجنائية وراء التكتم على الحادثة لأكثر من ثلاثة عشر عاما و محاسبة المسؤولين
  • تحديد مصير جثامين الضحايا و تمكين أهاليهم من دفنهم في قبور معروفة ما أمكن
  • نشر كافة نتائج التحقيقات و قوائم أسماء الضحايا
  • تشكيل هيئة مستقلة تتولى تحديد و تقديم التعويضات المادية و المعنوية المناسبة لأسر ضحايا الحادثة
  • التوقف عن تهديد أهالي ضحايا الإختفاء القسري و الإقتصار على تعويضهم ماديا و محاولة إجبارهم على التنازل عن بقية الحقوق بغية التستر على الجناة

كما تدعو التضامن الحكومة الليبية إلى نشر أسماء جميع ضحايا حالات الإختفاء القسري، و ضحايا الإعدامات الصورية، و ضحايا الإغتيالات، و ضحايا القتل خارج نطاق القانون في السجون و مراكز الإعتقال أثناء القبض أو أتناء جلسات التحقيق، التي تمت بواسطة رجال الأجهزة الأمنية و أعضاء اللجان الثورية خلال العقود الأربعة الماضية.

التضامن لحقوق الإنسان