21/5/2009

1. تتابع الرابطة الليبية لحقوق الإنسان بقلق شديد ملف السجين فتحى الجهمى الذى نقل أخيرا من سجنه فى طرابلس ـ وهو فى حالة غيبوبة ـ الى عمان، الاردن، للعلاج . وتأسف الرابطة شديد الاسف على كون قرارالحكومة الليبية بعرض السيد الجهمى على اطباء اخصائيين قدجاء متأخرا ـ بعدما استفحل المرض وأضعف جهاز مناعته ـ الأمر الذى يجعل من تغلب السيد الجهمى على المرض الذى اصبح بسببه معاقا شبه مستحيل من وجهة النظر الطبية على الاقل.

ولنتذكر ان صحة السيد الجهمى كانت، عند اعتقاله غير القانونى، على أحسن مايرام كما تشهد على ذلك نشاطاته الفكرية واهتماماته بالشأن العام ونقده طريقة إدارته والتى جاهر بها الجميع بمن فيهم العقيد القذافى عن طريق مراسلات خاصة معه وداخل “المؤتمر الشعبى الأساسى” للمنشية الذى كان السيد الجهمى ينتمى إليه. و”المؤتمر الشعبى الأساسى” لا يختلف كثيرا فى صلاحياته ومهامه عن تلك التى تتمتع بها الفروع الأساسية / الجهوية للأحزاب السياسية فى الأنظمة الديموقراطية مع ثلاث استثناءات مهمة، والتى نقدها السيد الجهمى بشدة، والمتمثلة فى (1) أن إقرار القرارات يتم فى ليبيا بدون تصويت ، (2) عدم اللجوء لنظام الإنتخاب فى اختيار قيادات “المؤتمر”؛ هذا الخلل الذى ينعكس على هيكل الدولة بكامله (غير المنتخب) والذى يضع سؤالا مهما حول قانونية الدولة ذاتها ومدى شرعيتها فى التصرف فى الشأن العام. أما الإستثناء الثالث (3) فهو وجود مليشية مسلحة من “اللجان الثورية” داخل كل”مؤتمر اساسى” لممارسة التخويف والإرهاب وإعاقة أية محاولة من طرف الأعضاء من مناقشة المسائل المهمة باعتبارها مواضيع داخل “الخطوط الحمر” الممنوع على الليبيين مناقشتها واخذ قرارات بشانها.

2. لا تنظر الرابطة الى نقل السيد الجهمى معاقا وفي غيبوبة من فراش مرض فى طرابلس الى فراش مرض فى عمان على كونه اطلاق سراح بقدر ماتعتبره اعتراف من الحكومة الليبية بأن السيد الجهمى قد لحق بركب شهداء بوسليم حتى ولو انه مازال يتنفس. لقد أدخل السيد الجهمى الى سجون طرابلس كسجين سياسى ونقل السيد الجهمى الى عمان كأي إنسان مريض بعدما تأكدت الحكومة الليبية من قتلها، بطرقها اللاقانونية المعروفة والخاصة بها، للسيد الجهمى السّياسى الذى تجرأ على الحديث فى “صلب الموضوع” أي فى موضوع الديمقراطية وحق الليبيين غير القابل للتصرّف فى حرية اختيارمن يدير شأنهم العام (الحكومة), وحقهم فى حرية الرأي والتعبير وحقهم فى بناء دولة مؤسسات عصرية وكل هذه المواضيع، يبدو من اعتقال وقتل السيد الجهمى السّياسى بسبب تناولها، أنها مواضيع فى داخل “الخطوط الحمراء” التى لا يسمح لليبيين الحديث فيها أو النقاش حولها برغم اهميتها الحياتية بالنسبة لهم. إن العلاج الوحيد للسيد الجهمى يكمن فى انتصار قضية الديموقراطية واحترم حقوق الإنسان فى ليبيا. إن العلاج الحقيقى للسيد الجهمى يكمن فى عودته الى وطنه وقد تحرر القضاء من قبضة السلطة … ان العلاج الحقيقى للسيد الجهمى يكمن فى عودته الى وطنه وقد ازيلت كل القوانين التى تتعارض نصوصها أو روحها مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التى انبثقت عنه. ليس لدينا أي شك فى أن السيد الجهمى سوف يسترد عافيته حين ترسى قواعد التعددية السياسية فى ليبيا وحين تزدهر الأحزاب السياسية وحين تنظم انتخابات عامة حرة ونزيهة وحين تنكسر القيود المكبلة لحرية الصحافة وحين يسن دستور ديموقراطى يضمن للمواطن مشاركة فعالة فى إدارة الشان العام وجعله أداة وهدفا لتنمية مستدامة تميزها الشفافية والمحاسبة.

حينها فقط سوف تكتشف السلطة انها أخطات فى معاملتها ليس فقط للسيد الجهمى بل أيضا لمئات الشهداء الذين فقدوا حياتهم فى داخل سجن بوسليم وبقية سجون ليبيا وخارج اسوارها مثل حمى ودغيس ودبوب وحفاف وغيرهم ولمئات المناضلين من أمثال ادريس بوفايد وجمال الحاجى وفتحى الجهمى الذين ذووا وتلاشت ابدانهم في غياهب السجون .

3. لم يقتل السيد الجهمى سياسيا بسبب مصالح خاصة به أو بأسرته أو بسبب عطاءات مربحة أو تجارة أو فساد مالى أو إدارى.. لقد قتل السيد الجهمى سياسيا لأنه تبنى مطالب تعتقد الرابطة أن جميع الليبيين، باستثناء الأقلية (1% من الليبيين ـ مجموعة حاميها حراميها) المستفيدة ماديا وسياسيا من الفساد الإدارى والسياسى الذى ينخر فى جسم الوطن، يوافقون السيد الجهمى فى مطالبته بإرساء قواعد دولة قانون تحمى الوطن والمواطن وتوفر له سبل العيش الكريم فى مناخ ديموقراطى يحترم حقوق الإنسان السياسية والإقتصادية والإجتماعية. لا يوجد ليبي واحد، إذا ما استثنينا فئة المستفدين المتطرفة، يقف ضد مطالبة السيد الجهمى بالشفافية وبالتوزيع العادل للدخل وبسياسة تعليمية عصرية (تعليم اللغات الحية مثل الإنجليزية) وبنظام تأمين اجتماعى متطور. ليس لكل هذه المطالب أي جانب شخصى بل هو اجتهاد صائب من السيد الجهمى لرفعة ليبيا ورقي الليبيين الذين لم ياخذوا دورهم بعد فى التمتع بخيرات بلدهم وذلك باعتراف السلطة ذاتها والتى نعتبرها المسؤولة الوحيدة على الأذى الجسدى والمعنوى الذى لحق بالسيد الجهمى وبأسرته.

4. تنتهز الرابطة هذه الفرصة للاعلان مجددا عن تضامنها التام مع السيد الجهمى وأسرته وهي تثمن عاليا مواقفه الشجاعة المنددة بانتهاكات حقوق الإنسان فى ليبيا ومطالبته المستمرة باحترامها والتقيد بها. و هي تدعو كل الليبيين للتضامن الفعّال مع السيد الجهمي ودعم مطالبه الخاصة بإرساء قواعد الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان فى ليبيا والدفاع عنها بكل طرق النضال السلمية الحضارية التى تكفلها الإتفاقيات الدولية الى جميع البشر فى هذا العالم بما فيهم الإنسان الليبي الذى لا يزال معتبرا من أقل افراد العالم تمتعا بحقوق الإنسان.