18/12/2006
شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة أحداثا مؤسفة تنذر باندلاع حرب أهلية طاحنة، سيكون المستفيد الوحيد منها الأعداء وستجر الوبال والدمار على القضية الوطنية الفلسطينية التي ستكون الخاسر الأوحد. ولن تكون الغلبة لأي فريق على حساب فريق آخر، إلا أن كل الفرقاء وأبناء الشعب الفلسطيني سيكونون جميعا الخاسرين من هكذا حرب.
هذا الاقتتال والانشغال بالهموم الداخلية جاء على حساب تغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وعلى حساب حقوقه التاريخية المشروعة وعلى حساب التصدي للحقائق التي يفرضها الاحتلال على الأرض الفلسطينية المحتلة سواء من خلال تعزيز الاستيطان ومواصلة نهب وسرقة الأراضي الفلسطينية المحتلة ومواصلة بناء جدار الضم والفصل العنصري والإيغال في عزل القدس والتنكر على الشعب ممارسة شعائره الدينية بحرية في عاصمته الأبدية. هذا ناهيكم عن مواصلة سياسة الهدم والقتل الذي أخذت المحكمة العليا الاسرائيلية تصدر الفتاوي المبررة له، رغم إدانته من قبل القانون الدولي الذي يعتبره جريمة حرب.
كل هذا يحدث والفصيلين الفلسطينيين الكبيرين في الساحة الفلسطينية منهمكين في الصراع على الصلاحيات والوزارات والتحريض ضد بعضهما البعض وبالمناكفات التي عمقت من حالة الانقسام في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني، وساهمت في تراجع الاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية التي تعتبر من أعدل القضايا التي عرفتها الانسانية.
وفي اجتهاد منه للخروج من الضائقة الراهنة، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) لاجراء انتخابات مبكرة، اعتبرتها الحكومة انقلابا عليها ورفضتها بالمطلق. ومما فاقم الأمور اندلاع بعد الاشتباكات المسلحة بين الطرفين مما عنى أنهما فقدا أي أمل بالحوار الديمقراطي البناء لحل الخلافات، وإلا بما يفسر الاحتكام للسلاح لحسم الأمور!؟
على أي حال، إن الاحداث الأخيرة وما واكبها من تطورات تؤكد وبما لا يدعو للشك أن أي طرف من أطراف الصراع الداخلي الراهن لا يمكن له الغاء الطرف الآخر او اقصائه، مما يستدعي من الطرفين الادراك أن لا خيار له سوى التعاون مع الطرف الآخر لما فيه الخير والمصلحة للمواطن والبلد.
ولهذا، فلا بديل عن العودة لطاولة الحوار الصادق والمخلص الذي لا يختصر فقط على الفصيلين الكبيرين، وانما يتعين أن يضم الجميع بما فيهم مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص الفلسطيني، على أن يضع المتحاورين نصب أعينهم قضايا الوطن والمواطن والبحث عن السبل الكفيلة لاخراج الشعب والقضية من المأزق الراهن.
ويتعين بهذا الحوار أن يستكمل بحوارات أخرى تجري في كافة تجمعات الشعب الفلسطيني تهدف للتوصل لرؤية استراتيجية وطنية واضحة وواحدة يجمع عليها الجميع لتشكل الهادي والبوصلة في العمل الوطني، يمكن من خلالها مخاطبة العالم بصوت واحد. فلقد مضى، والى غير رجعة، الزمن الذي يفرض فيه فصيل او جماعة مسلحة اجندتها على عموم ابناء الشعب الفلسطيني. وأزف زمن توسيع رقعة المشاركة السياسية في القرار الوطني.