2/3/2006

1. ترحب الرابطة الليبية لحقوق الإنسان بقرار الحكومة الليبية اطلاق سراح 130 سجين رأي ليبيا بعد ما أمضوا فترات سجن متفاوتة تراوحت ما بين 6 و15 سنة. ويقدر عدد المساجين السياسيين الذين لم يشملهم العفو بحوالى 500 سجين، من بينهم السيد فتحى الجهمى،
إضافة للذين اعتقلوا عقب أحداث بنغازى، يوم الجمعة 17 فبراير 2006، والذين تقدرالمصادر الشعبية ( نظرا للتعتيم الحكومى التام علىهذه الإعتقالات) عددهم بما بين 300 الى 500 معتقل. و تأسف الرابطة كون الإفراج لم يتم إلا بعد توقيع المفرج عنهم عن تعهد بعدم مزاولة أية نشاطات، مستقبلا، لها علاقة بالشأن العام والذى يعتبر فى حد ذاته انتهاكا صارخا لحقوقهم المدنية والساسية.

2. ليس للرابطة شك فى أن خروج فوج من المعتقلين يعد عمل إنسانى مهم بالنسبة للمفرج عنهم وذويهم والمجتمع ككل إلا أن انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها السجن التعسفى والإحتجاز والإعتقال والمحاكمات غير العادلة والإنتهاكات الأخرى، لن تتوقف بمجرد العفوعن مساجين سياسيين، كانوا فى الأساس ضحية اعتقال عشوائى تعسفى ومحاكمة جائرة، إذا لم تتخذ خطوات جدية لمعالجة الأسباب التى أدت لتلك الإنتهاكات والمرتبطة ارتباطا وثيقا بهيكل الدولة الليبية الحالى. إن السبب الأساسى لانتهاكات حقوق الإنسان عامة والإعتقال العشوائى والسجن التعسفى،
بصفة خاصة، يكمن فى عدم وجود دستورللبلاد يؤكد على المساواة بين جميع الليبيين أمام القانون، وعلى فصل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية،
ويوضح هيكل الدولة واختصاصات مؤسساتها ويحدد مهام حكامها ومسؤولياتهم والكيفية الديموقراطية التى يختارون بها. أن هكذا دستورلهو الكفيل الوحيد والضامن الأساس للحد من انتهاكات حقوق الإنسان فى ليبيا، وصيانة الحريات العامة وعدم الزج بالناس فى السجون عند ممارساتهم لأبسط حقوقهم الإنسانية مثل الحق فى التعبير والتجمع السلمى وتكوين الجمعيات .. إنّ المطلوب هو توسيع هامش الحريات القانونيّة بشكل يضمن لكل الليبيين تعاطي الشأن العام في أجواء تصون حرية النقد والمساءلة والنشر والتنظيم والترشح والانتخاب وغيرها من الحقوق الأساسيّة الشرعية التي يجب أن تكفل لكل مواطن.
إن ضيق هامش الحريات فى ليبيا يشكل تهديدا مستمرا لحرية المواطن وهو السبب الرئيس وراء حملات الإعتقال المتكررة من طرف هيئات أمنيّة ولجان ثوريّة لا زالت تعتقد في أن ممارسة المواطن لأي من حقوقه جريمة يستحق بسببها السجن والإعتقال وأيضا الحرمان من الحق فى الحياة كما وقع فى بنغازى.

3. لقد آن الأوان للشروع فى طرح برامج للإصلاح وفتح باب حق التمتع الكامل بجميع الحريات. ولن يتآتى أي إصلاح قبل الإقرار بأن مصلحة الوطن ليست بالضرورة مطابقة لمصلحة حزب اللجان الثورية الحاكم وبأنه يمكن للمواطن ان يعمل لصالح الوطن بكل إخلاص دون الإنخراط فى دفاترأو صفوف ذلك الحزب او فى احدى هيئاته. إن الأولوية لا بد ان تكون الى الوطن الذى يفترض أن تستمد منه النظم شرعيتها عن طريق قدرتها على خدمة مصالحه والتعبير عنها.
ليس لأي حزب أو تيار أو نظام حق الإدعاء بدور تاريخى استثنائي وليس لأحد الحق فى نبذ الآخر واضطهاده وسلبه حقه فى الوجود والتعبير الحر والمشاركة فى الوطن. إن اسلم الطرق لتفادى المزيد من الآلام وانتهاك حقوق الإنسان هوالمبادرة الى الحوار والإعتراف بالآخر وهما شرطان أساسيان لأي مشروع للإصلاح والتغيير. وتنتهز الرابطة هذه المناسبة لتهيب بكافة الأطراف الليبية فى الداخل والخارج لبدء حوار وطنى جاد لا يستثنى منه أحد لإشاعة مناخ جديد من الثقة والإحترام تمكن الليبيين، جميع الليبيين،
من التفرغ لقضايا الوطن الجوهرية. إن الإفراج عن مساجين رأي هي خطوة على الطريق الصحيح إلا أنها ليست بالكافية ويجب اتبعها بخطوات انفراجية شجاعة أخرى تمكن الليبين، جميع الليبين، من المشاركة فى بناء دولة حديثة يقوم نظامها السياسي على عقد اجتماعى مبنى على التعددية وتداول السلطة سلميا وسيادة القانون.