17/4/2006
تحية وبعد،
يصادف اليوم 17 أبريل مرور شهرين كاملين على أحداث بنغازي الدامية وماصاحبها وماترتب عليها من تبعات خطيرة ونتائج مأساوية تمثلت فى إزهاق أرواح عشرات الليبيين والأجانب المقيمين فى ليبيا واعتقال العديد من الناس الذين تخشى الرابطة أن يكون قد تعرضوا الى التعذيب الجسدى أو النفسى أو ألإثنين معا، خاصة وأن جميع تقارير حقوق الإنسان المستقلة تصنف ليبيا من ضمن الدول التى يمارس فيها التعذيب على نطاق واسع.
وقد تابعت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان منذ اليوم الأول هذه الأحداث وتداعياتها بقلق شديد واستياء عميق وطالبت السلطات المختصة فى البيان الذى أصدرته يوم 18 فبرايرحول الأحداث “بتشكيل لجنة تحقيق مهنية محايدة، من شخصيات حقوقية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة للقيام بالتحقيق فيما جرى فى بنغازى وتحديد المسؤوليات فى هذه الأحداث المؤلمة ونشر نتائج التحقيق فى وسائل الإعلام الليبية بما فيها الإذاعة والتلفزيون”. ويؤسف الرابطة بأنها وحتى بعد مضي كل هذه المدة على الأحداث لم تسمع ولم تقرأ شيئا عن تكوين لجنة مهنية ولا عن تحقيق ولا حتىعن تقريررسمىحول ماجرى فى بنغازى. إننا حتى اليوم لا نعرف من اعطى أمر فتح النار على المتظاهرين أو من هوالمسؤول عن القتل الجماعى ولاحتى عن عدد القتلى الذى حددته معلومات، غير رسمية وصلت الرابطة من مصادر شعبية، ب 17 الى 26 قتيلا وعشرات الجرحى.
إننا لا نعرف من مصادر الدولة الرسمية عدد الموقوفين، خاصة بعد ان توسعت الأ حداث الى كل من المرج ودرنة وطبرق ومناطق أخرى، والتى تقدر المعلومات الشعبية عددهم بالمئات. كذلك لم تصدرالدولة أية بيانات بعدد الذين تم توقيفهم أثناء الأحداث او بالذين حقق معهم أو قدموا الى المحاكمة او بنوع التهم الموجهة اليهم أو بالمحامين الذين حضروا التحقيق او قاموا بالدفاع عنهم. إن الدولة مسؤولة عن كل هذا التعتيم وعليه نهيب بالقائمين عليها بالبدء فورا فى نشر المعلومات الرسمية بشان الأحداث حتى لا تلام منظمات المجتمع المدنى باستعمال معلومات ربما لا تكون دقيقة ومضرة بأي من الأطراف. إن الرابطة سوف تستمر فى متابعة ملف أحداث بنغازى وملفات حقوق الإنسان الأخرى مع جميع الجهات الى ان تنصاع الدولة لمطالب الناس فى معرفة الحقيقة.
السيد العقيد معمر القذافى،
تتوجه الرابطة الليبية لحقوق الإنسان إليكم شخصيا بهذا الخطاب المفتوح راجية منكم التدخل المباشر فى هذا الملف وإصدار توجيهاتكم لفتح تحقيق مهني مستقل وأخذ الخطوات الضرورية لمنع تكراره. إننا نخشى أن تكون استراتيجية الدولة هو إهمال هذا الملف وعدم إعطائه أية أولوية وتركه لينسى بالتقادم مثل ما جرى لملفات انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان. ونود أن نلفت انتباهكم فى هذا الخصوص الى أن القراءة القانونية الوحيدة ل”وثيقة الشرعية الثورية” هي قراءة تعطيكم ميزات وصلاحيات وسلطات غير محدودة وتمكنكم من إيجاد الحلول المناسبة، إذا ما توفرت الإرادة السياسية، ليس لملف أحداث بنغازى فقط وإنما لجميع الملفات العالقة فى ليبيا. إن “وثيقة الشرعية الثورية” التى جعلت من “توجيهاتكم” أوامر” ملزمة وواجبة التنفيذ” كفيلة بتحقيق هذا المطلب العام وإننا نناشدكم باستعمال سلطاتكم وإصدار أمرا:
ـ بتشكيل لجنة مهنية مستقلة فورا للتحقيق فى أحداث بنغازى
ـ بإطلاق سراح جميع المعتقلين والموقوفين
ـ بتقديم كل من تحدد اللجنة مسؤوليته فى الأحداث الى محاكمة عادلة
ـ بجبر ضرر الضحايا وتعويضهم تعويضا مجزيا
ـ بنشر تقرير اللجنة على أوسع نطاق
ان الصلاحيات التى منحتكم إياها ” وثيقة الشرعية الثورية” والسلطات التى ترتبت عليها والتى تمارسونها عمليا وقانونيا (وثيقة الشرعية) هي التى جعلت الجميع، ليبيين وغير ليبيين، يعتبرشخصكم المسؤول الأول فى الدولة، برغم اعتراضكم الأيديولوجى على ذلك، والمراقب الأعلى لحسن او لسوء سير مؤسساتها على السوى وهي التى أيضا جعلتنا اليوم نتوجه اليكم بهذا الخطاب المفتوح مباشرة. إن مستوى المسؤولية هو انعكاس لحجم الصلاحيات والسلطة الموازية لها والتى بدورها تحدد مستوى المسؤولية وكلما اتسع حجم السلطة ارتفع مستوى المسؤولية.
ومن هذا المنطلق فيمكن القول بأن مسؤوليتكم فى فتح ملف احداث بنغازى وأيضا حيال مايحدث فى ليبيا بصفة عامة لن تكون إلا مسؤولية تعكس السلطات غير المحدودة التى تتمعون بها بفضل “وثيقة الشرعية الثورية”. إن استمرارتقاعص الدولة من القيام بواجباتها حيال ملف أحداث بنغازى هي مسألة تضع على عاتقكم مسؤولية ملحة لممارسة السلطات التى منحتها لكم” وثيقة الشرعية الثورية” وذلك بإصدار “أمر” بتكوين لجنة التحقيق المهنية المستقلة والقيام بالتحقيق فى الأحداث التى عرفتها بنغازى ومناطق أخرى يوم الجمعة 17 فبراير والأيام التى تلتها بغية كشف الحقيقة والإستفادة من دروسها لتفادى تكرارها مستقبلا.