5/11/2006

تناقلت وكالات الأنباء حيثيات الحكم الذى اصدرته محكمة حسن داي بالجزائرالعاصمة فى ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء 31 أكتوبر 2006 فى الدعوى التى رفعتها السلطات الليبية ضد جريدة “الشروق اليومى” لنشرها تقرير حول العلاقات الليبية الجزائرية. وقد نص الحكم على حبس الأستاذ على فضيل مدير الجريدة والسيدة الصحفية نائلة برحال مسؤولة التقرير المطعون فى صحة محتواه لمدة ستة أشهر نافذة وتعويض مالى للسلطات الليبية قدره 500 ألف دينار(6000 دولارا) وكذلك منع الجريدة من الصدور لمدة شهرين.

وتأتى هذه المتابعة القضائية على خلفية نشرجريدة “الشروق اليومى” يومي3 و12 اغسطس 2006 لتقرير (ريبورتاج) عن خطة افتراضية “أعدها العقيد القذافى لزعزعة استقرار الجزائر باستخدام جماعات من الطوارق ذات النزعة الإنفصالية”. وقد أكدت “الشروق اليومى” اثناء المحاكمة بأنها “لم تقم فى الحقيقة سوى بنقل الوقائع من عين المكان ومن المعنيين الذين كشفوا المؤامرة ومحاولة شراء ذمم بعض الطوارق”. ومن جهتهه أكد الطرف الليبى للمحكمة أن “ادعاءات الشروق هي كاذبة ولا ترتكز على اي اساس من الصحة كما أنها لا تستند الى اية أدلة متعارف عليها”. هذه باختصار شديد خلفية الحكم.

وتأسف الرابطة أشد الأسف على هذا التطور الذى لم يكن ضروريا وكان بالإمكان حله بالطرق التقليدية للنشرالمتعارف عليها مثل نشر الجريدة لوجهة نظر الطرف الليبى فى نفس العمود والصفحة الذى نشر فيه التقرير المطعون فى صحته. إن الرابطة تخشى ان يعتبرهذا الحكم، برغم صفته القضائية، محاولة سياسية غير مباشرة من طرف السلطات الليبية لتغليب التيار المناهض لحرية الراي والتعبيرفى الجزائرعلى التيار الديموقراطى المدافع على الحق فى حرية الرأي والتعبير وحق النشر والإختلاف خاصة وأن السلطات الليبية قد اصبحت، بعد مايقارب من اربعين سنة من ممارسة الرأي الواحد وتجريم الصحافة الحرة ، معروفة بمناهضتها لفلسفة الصحافة المستقلة والحق فى حرية الرأي والتعبير والحق فى الإختلاف.

كذلك فلم يسبق أن نظر القضاء الليبى فى جرائم النشر التى ارتكبتها وسائل الإعلام الليبية وخاصة تلك المقالات التى حرضت فيها اللجان الثورية على قتل الليبين فى الداخل والخارج والذى كان آخرها تلك التهديدات وذلك التحريض بقتل المعارضين الليبيين الذى رددته جميع وسائل الإعلام الليبية بما فيها الإذاعة المرئية والمسموعة عقب عقد “المؤتمر الوطنى للمعارضة الليبية” فى يونيو 2005 . وتنتهز الرابطة هذه المناسبة لتوجه نداءا الى السلطات العليا فى ليبيا بإفساح المجال لحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير ووضع حد لاحتكارالسلطة لوسائل الإعلام . كذلك توجه الرابطة نداءا الى القضاة للإقتداء بالدعوى ضد “الشروق اليومى” الجزائرية وتقديم كل من اساء الى الصحافة الليبية ووسائل الإعلام الأخري والتى يمكن اتهامها جميعا بالتورط فى التحريض على القتل وفى عدم احترام القانون وعدم نشر الحقيقة.

تناشد الرابطة اللليبة لحقوق الإنسان جميع من لهم علاقة بهذا الحكم فى الجزائر إعادة النظر فيه ومراجعته على ضوء الإعتبارات القانونية لحق النشر والتعبير التى تضمنتها صكوك حقوق الإنسان الدولية المصادقة عليها الدولة الجزائرية والتى تعتبر ما نشرته “الشروق اليومى” حق وواجب مهنى للصحافيين يندرج ضمن حق المواطن فى المعرفة المعترف به دوليا. نحن على علم بأن “الشروق اليومى” ليست بالمقربة من دوائر السلطة لمواقفها المتشددة من الفساد وسوء استعمال السلطة إلا أن هذا لايبرربأي شكل من الأشكال منطوق الحكم الصادر ضدها. وتود الرابطة فى هذا السياق أن تعرب عن تضامها مع الصحافيين والجريدة متمنين لجميع الجزائريين دوام التمتع بنعمة حرية الرأي والتعبير وحق النشروالإختلاف والتعدد. وفى مايلى اقتباس بسيط (تضامنى) من مقال نشرته “الشروق اليومى” فى عددها المؤرخ فى 18 أكتوبر 2006 تحت عنوان: لصوص محترفون

“لاشك أن الثراء الفاحش الذي يتم بواسطة الطرق غير القانونية وغير المشروعة، يعبر في حقيقة الأمر عن الفساد السياسي الذي ماانفك ينخر الدولة والمجتمع معا، من القمة إلى القاعدة وحين لا يرتدع المسؤولون الكبار، من الطبيعي أن يصبح المسؤولون الصغار على دينهم! حين يختفي القانون وتصبح العدالة على الحياد وكأن الأمر لا يعنيها أو لا يعني الدولة التي يفترض فيها أن تسهر على تنفيذ قوانينها” .