28/5/2007

بعثت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان بالرسلة المرفقة الى السيد مصطفى عبد الجليل، أمين (وزير) العدل الليبى بمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال الصحفى الليبى السيد ضيف الغزال. وقد حثت الرسالة السيد الوزير بنشر تقريرا مفصلا حول الخطوات الإجرائية والقانونية التى اتخذتها الدولة لمعالجة ملف هذه الجريمة وتقديم المتهمين بها والمشاركين فيها الى محاكمة علنية عادلة. ويكتسى هذا الطلب أهمية عاجلة فى ضوء المؤشرات الكثيرة التى طفحت، خلال السنة المنصرمة، على السطح والتى تشيرالى كون جريمة إغتيال السيد الغزال تحتوى على أغلب صفات جريمة القتل خارج نطاق القانون وباشتراك من جهات رسمية أو شبه رسمية أو ممن يعملون باسمها أو بدعم منهم أو بقبولهم أو برضاهم.

نص الرسالة كاملة :
السيد مصطفى عبد الجليل المحترم
تحية وبعد،

تمر هذه الأيام الذكرى الأليمة الثانية لجريمة اغتيال الصحفى الشاب السيد ضيف الغزال الذى قضى كل عمره المهنى مع جريدة “الزحف الأخضر” (صوت اللجان الثورية) قبل أن يستقيل منها فى سنة 2003 واغتياله فى مايو 2005. وقد تابعت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان ملف الإغتيال والتصريحات التى صدرت عن مؤسسات الدولة بما فيها “اللجنة الشعبية العامة للعدل” والإجراءات التى اتخذتها من أجل كشف حقيقة هذه الجريمة التى تجمعت فيها كل صفات جريمة القتل خارج نطاق القانون وباشتراك من جهات رسمية أو شبه رسمية أو ممن يعملون باسمها أو بدعم منهم أو بقبولهم أو برضاهم.

وقد عزز من هذا الإعتقاد البطء الشديد الذى لا زالت مؤسسة العدل التى ترأسونها تتناول به ملف هذه الجريمة والتعتيم على حيثياته فى وقت كان يجب فيه إعطائه أولوية قسوى بغية تكذيب الأنباء، صائبة او غير صائبة، التى تؤكد بان أجهزة الدولة هي من أمر بتصفية الصحفى الشاب. وقد عززمن مصداقية هذه الأنباء التقصير الواضح لوزارتكم فى إخطار المهتمين بهذه القضية بالتطورات التى شهدها ملفها بما فيها اجراءات التحقيق مع المتهمين وعددهم وهل أبلغوا رسميا بتفاصيل التهم الموجهه اليهم وإذا ما كان الأمر كذلك فلماذا لم يقدموا سريعا الى المحاكمة كما ينص على ذلك القانون؟. لقد كان من الواجب إعداد ونشر، خلال فترة معقولة، تقرير كتابى عن القضية والأساليب التى اتبعت فى التحقيقات وما اسفرت عنه من نتائج مبينا بالتفصيل الأحداث المحددة التى ثبت وقوعها والأدلة التى استندت عليها هذه الإستنتاجات و عدد الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم وأسماء الذين لم يمانعوا فى نشر أسمائهم.

تمثل حماية حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون الركن الأساسى للعدل والمهام الأولية لمؤسسات العدل مثل “اللجنة الشعبية العامة للعدل” التى ترأسونها أو “وزارات العدل” فى الدول الأخرى. وتلعب مؤسسات العدل دورا حاسما فى ضمان السلم المدنى والحيلولة دون وقوع العنف والعنف المضاد وبذلك فإن مسؤولية اساسية وجسيمة تقع على عاتقكم شخصيا فى إحقاق الحقوق والسهرعلى تطبيق القانون بحياد ونزاهة. إن أي إخفاق لنظام العدالة الذى ترأسونه فى حماية حقوق الأفراد ، مثل حقوق السيد ضيف الغزال، ومقاضاة مرتكبي الإنتهاكات مقاضاة عادلة سوف يكون، عاجلا أم آجلا، عاملا من العوامل الأساسية التى يمكن ان تتسبب فى اندلاع عنف ليس للمجتمع الليبى أي مصلحة فيه.

لقد سطر نظام العدالة المتعطلة فى بلدنا تاريخا حافلا بالفساد والتمييز وإساءة استعمال السلطة حتى داخل مؤسسات العدالة الشئ الذى دمر الثقة فيها ونشر انعدام احترام القانون والفوضى وليست قضية السيد ضيف الغزال إلا شاهدأ على ذلك. و تود الرابطة أن تؤكد بأن استمرر هذا الوضع والتباطء والتلكأ فى قيام مؤسستكم بنشر تقرير كامل على جريمة اغتيال السيد الغزال وتقديم المشاركين فى هذه الجريمة، التى مضى على وقوعها سنتان كاملتان، الى محاكمة عادلة .. إن استمرار هذا الوضع لن يبرأ مسيري مرافق الدولة القضائية من مسؤولياتهم بقدر ما يؤكد الإتهامات الكثيرة وذو المصادر المتعددة والحاطة من نزاهة القضاء الليبى فى تناوله لقضية اغتيال السيد الغزال و المشككة فى استقلاليته والتى تصف دوره بالتابع “للجان الثورية” التى تستعمله للتغطية القانونية على تجاوزاتها وانشطتها غير القانونية بما فيها تسوية مشاكلها مع خصومها وأصدقائها على السواء مثل ما جرى مع السيد الغزال.

لقد آن الأوان أن تضطلع الدولة الليبية بمسؤولياتها والقيام بواجبها فى إدارة العدل المنصف والنزيه وإخراج القضاء من قبضة السياسة وإعلان حياده واستقلاليته.ولا يمكن تحقيق هذا إلا إذا أخذتم، بوصفكم المسؤول الأول على إدارة القضاء، المبادرة بفرض تنفيذ الإجراءات القانونية الفعالة لحماية المواطنين وخاصة المهددين منهم بالإعدام خارج نطاق القانون، لتفادى تكرار ماجرى مع السيد الغزال، وتفعيل التشريعات التى تحرم الأفعال التى تشمل إساءة استعمال السلطة السياسية أو الإقتصادية وتشجيع السياسات والآليات التى تحول دون تكرارمثل هذه الأفعال. لقد سبق للرابطة ان راسلتكم بتاريخ 12 فبراير2007 بشان ممارسة الحق فى حرية الرأي والتعبير من طرف مجموعة من المواطنين كانت تنوى القيام بوقفة سلمية بميدان الشهداء بطرابلس يوم السبت 17 فبراير 2007. وتأسف الرابطة لعدم أخذكم بما جاء فى رسالتها بالسماح لأفراد المجموعة بتنظيم “وقفتهم السلمية لإبلاغ السلطات آرائها بشأن قضايا فى الشأن العام” والتى اعتبرتها الرابطة عملا لا يتعارض مع القانون و”يمكن أن يساهم في تشييد أسس دولة الحق والقانون والديموقراطية والابتعاد بالبلاد عن مظاهرالتسلط والعنف”.

وقد قصدت الرابطة ب”مظاهرالعنف” التذكيربما جرى للسيد الغزال ( بغية اجتناب استعماله مع وقفة ميدان الشهداء) من جراء اهتمامه بالشان العام ومحاولته ممارسة حقه فى التعبير عنه بطريقته السلمية الخاصة اي بالكتابة. وتود الرابطة انتهاز هذه الفرصة لإبداء انزعاجها من الإجراءات القاسية التى اتخذتموها ضد هذه المجموعة التى تم اعتقال جميع أفرادها أياما قبل موعد الوقفة والذين لا زالوا رهن الإعتقال حتى الآن فى إطارمن التكتم التام حول المصيرالذى آلوا إليه والتهم الموجهة إليهم. وتخشى الرابطة ان يعالج ملف أفراد هذه المجموعة بنفس الطريقة اللامهنية التى عولج بها ملف السيد الغزال والمنافية لأبسط قواعد حقوق الإنسان والعدل والإنصاف والتى لا تتلائم مع أسس الديموقراطية ودولة القانون.

وتود الرابطة حث الجميع على العمل من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان والتقيد بمبادئها ونصوصها حتى نتمكن جميعا من إرساء قواعد دولة القانون التى تضمن للمواطن “الحق فى التمتع بحرية الرأي والتعبير والذى يشمل حريته فى اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين بأية وسيلة {كتابة بالنسبة للسيد الغزال ووقفة بالنسية لمجموعة فبراير} ودونما اعتبار للحدود”. والى ان تصبح المادة 19 هذه من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان حقيقة فى ليبيا أيضا، تأمل الرابطة ان تستجيبوا هذه المرة لطلبها الذى يمكن تلخيصه فى العمل من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية لنشر تقرير رسمى حول اغتيال السيد ضيف الغزال على التو وتقديم المتهمين باغتياله الى محاكمة علنية عادلة فى أقرب الآجال اخذين فى الإعتبار ان هذه القضية التى مضى عليها اكثر من سنتين لم تعد تحتمل أي تأخيردون المساس سلبا بجوهرها وبالجدية التى يجب ان تتناول بها قضائيا. كذلك تود الرابطة حثكم على الإسراع فى تسوية ملف “وقفة ميدان الشهداء” التى لم تقم أصلا وإصدارقرار بإطلاق سراح المتهمين بالإعلان عنها باعتبار انهم لم يقوموا بأية مخالفة قانونية تستوجب توقيفهم واستمرار احتجازهم.

مع تمنيات الرابطة الليبية لحقوق الإنسان لكم بموفور الصحة ولقضية حقوق الإنسان فى ليبيا التقدم والإزدهار.
د. سليمان إبراهيم أبوشويقير
الأميــــــــن العــــــــام
السيد مصطفى عبد الجليل
أمين”اللجنة الشعبية العامة” للعـــــدل
طرابلس/ ليبيا