19/2/2008
السيد مصطفى عبدالجليل المحترم،
تحية وبعد،
نود بهذا الخطاب ضم صوت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان للأصوات داخل وخارج ليبيا المطالبة بإجلاء الغموض عن المصير الذي آل إليه السيد جمعة بوفايد والسيد عبد الرحمن القطيوى اللذين انقطعت أخبارهما منذ اعتقالهما يوم 15 فبراير 2007 ب “تهمة” محاولتهما ” ممارسة الحق في التعبير السلمي عن رأيهما” وهي “الجريمة” الوحيدة التى يمكن ان تكون قد وجهت إليهما. وتخشى الرابطة من ان يكونا قد “صفيا جسديا” وقتلا خارج نطاق القانون وباشتراك من جهات رسمية أو شبه رسمية أو ممن يعملون باسمها أو بدعم منهم أو بقبولهم أو برضاهم.
ويؤسف الرابطة يا سيد الوزير ان يصل الإستهتار بقضية حقوق الإنسان فى ليبيا وانتهاك مبادئها الأساسية، وتحت مرأى ومسمع وزارة العدل، الى حد اعتبار ممارسة الحق فى الرأي والتعبيروالمطالبة بعدم انتهاكه “جريمة” تؤدى بأصاحبها الى التهلكة وفقدان حقهم فى الحياة مثل ما يبدو قد وقع للسيدين جمعة وعبد الرحمن اللذين لم يعرف عنهما شيئا منذ سنة كاملة. وتأمل الرابطة ان لا يكونا قد ذهبا ضحية تطبيق سيناريوالصحفى السيد ضيف الغزال الذى اختفى، فى مايو 2006، لمدة اسبوع قبل العثور عليه مقتولا وممثلا بجسده وذلك بسبب ممارسته لحقه فى حرية الراي والتعبير وهو نفس الحق الذي حاول السيدان بوفايد والقطيوى ممارسته والتمتع به.
السيد الوزير:
تود الرابطة، فى هذه المناسبة الأليمة، التنبيه مرة أخرى بأن الحق فى حرية الرأي والتعبير هوحق غير قابل للتصرف معترف به من طرف الدولة الليبية، التي تعهدت أمام العالم، باحترامه وصيانته حين انضمت، بإرادتها الحرة، كطرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية فى مايو1970 . وتود فى هذا المقام التذكير بالمادة التاسعة عشر(19) التى لم تعترض عليها ليبيا وقبلتها دون أي تحفظ. والمادة تقول : ” لكل فرد الحق فى حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها الى آخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في أي قالب فني أو لأية وسيلة أخرى”.
والسؤال سيد الوزير ما هي جريمة السيدين المختفيين ومجموعة الدكتور بوفايد وأيضا السيد فتحى الجهمى وبقية سجناء الرأي اللذين أودعوا السجن منذ شهوروسنوات بسبب محاولتهم التمتع بالحقوق المنصوص عليها فى المادة 19 المذكورة أعلاه، والمصادق عليها من طرف الدولة والتى لا تلزم الدولة الليبية باحترامها فقط، بل تتعداها وتجبرها قانونا على ملائمة التشريعات الليبية لنصها وروحها، واعتبارها جزءا لا يتجزأ من التشريعات الليبية النافذة والتى يجب احترامها والتقيد بها في جميع الظروف، ومن طرف جميع الليبيين، مؤسسات ووزراءً وأفرادا. ومن هذا المنطلق القانونى فإنه من حق الجميع التساؤل من هو حقيقة الطرف المنتهك للتشريعات والقوانين الليبية؟ هل هم السجناء والمختفون المذكورون أعلاه، الذين فقط حاولوا ممارسة حق معترف به رسميا من الدولة، أم هو جهاز الدولة المسؤول على سلامة ونزاهة تنفيذ القانون واحترام نصوصه؟ أي وزارة العدل. والجواب لا يحتاج الى عناء كبير فكل شيء واضح وتتحمل الدولة ووزارة العدل فيها مسؤولية وتبعة انتهاك القانون الليبي، والقانون الدولي الإنساني والزج بمواطنين بطريقة غير شرعية في السجون وإخفاء، آخرين قسرا وربما قتلهم خارج نطاق القانون. هذه هي انتهاكات القانون الحقيقية المسجلة ضد الدولة والتى سوف تحاسب عليها وتطالب بتقديم كشوفات عنها.
السيد الوزير،
تعتقد الرابطة بان الأوان قد آن لبناء “دولة قانون” لتحل محل “دولة أشخاص” الحالية وتشييد وزارة عدل حقيقية تعنى بسلامة تطبيق القانون وصيانته دون مزاج ودون ازدواجية فى المعايير ودون الكيل بمكيالين. إنه ليس من النزاهة ولامن الأمانة والإخلاص أن تقولوا الى الليبيين أنكم طرفا فاعلا فى الإتفاقيات الدولية وأن الدولة تحترم تعهداتها وخاصة تلك المتعلقة ببنودالعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتزجون بمن يصدقكم ويحاول ممارسة الحقوق المنصوص عليها فيها، أي فى الإتفاقية، إما فى السجون أو “تصفيته جسديا”. إننا نعتقد بأن هذه السياسة تفتقد الى كثيرا من الأخلاقيات التى يجب أن يتحلى بها الموظفون العمومين، صغارا وكبارا، فى ممارستهم للعمل الإدارى و إنفاذ القانون. كذلك تحتوى هذه السياسة على جانب كبير من تضليل المواطنين والذى ربما سببت مآسى حقيقية للذين، مثل السيد بوفايد والسيد القطيوى والسيد الجهمى، صدقوا ما يردده الإعلام الليبى المراقب، حول احترام الدولة لتعهداتها الدولية، و”جربوا حظهم” فى ممارسة حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها فى تلك الإتفاقيات.
كذلك لا تخلو تلك السياسة، سياسة الإنضمام الى اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية بما فيها الإنضمام الى العهد الدولى، من محاولة إيهام الرأي العام العالمى بأن ليبيا من الدول الراعية لحقوق الإنسان وذلك باستعمال عضوتها الكاملة فى العهد كبرهان على الرعاية المزعومة او على الأقل برهان على حسن النية لاحترام حقوق الإنسان. لا بد لأي عمل جاد فى مجال العدل أن يتوخى الصدق والحياد والنزاهة مع الناس وفى هذا السياق فإن الرابطة تعتقد أن ألأوضاع السيئة لحقوق الإنسان فى ليبيا قد وصلت الى درجة انّ التكيف مع “القانون الظالم”، وليس “القانون العادل”، قد أصبح ممكنا إذا ما طبق بنزاهة وحياد وعلى الجميع وهي تحث الحكومة الليبية ووزارة العدل على الإنسحاب من إتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية إذا كانت غير مستعدة لتنفيذ بنودها وذلك بغية إرسال مؤشرات واضحة لليبيين من ان الحكومة لا تقبل ولا تسمح لليبيين بممارسة حقهم فى حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها فى تلك الإتفاقية. أما ان تستمر عضوية الحكومة فى اتفاقية دولية وتستمرالحكومة فى التغرير بالليبيين وسجنهم فى بعض الأحيان وقتلهم فى أحيان أخرى بسبب محاولاتهم التمتع بالحقوق والحماية التى تؤمنها تلك الإتفاقية لمواطني الدول الأعضاء فيها، ومن ضمنهم ليبيا، فهذا ما يجب تجنبه لتعارضه مع القانون من جهة ولكونه يمثل سياسة مضللة للمواطن تفتقد الى الحد الأدنى من الأخلاقيات التى يجب ان تدار بها الإدارة والسياسة من جهة أخرى. ولانرى حرجا للحكومة الليبية فى الإنسحاب من الإتفاقية سالفة الذكر خاصة وإن بعض الدول، مثل السعودية وكوريا الشمالية، لم تنضم الى هته الإتفاقية لكونها غير مستعدة لتطبيق جميع بنودها.
السيد الوزير
هذه المرة الثالثة التى تخاطبكم فيها الرابطة الليبية لحقوق الإنسان مباشرة وهي تأسف لعدم استلامها أي رد من طرفكم والذى تعتبره الرابطة تقصيرا فى أداء واجبات وظيفتكم التى تلزمكم بواجب الرد على استفسارات المواطنين ومن بينهم أعضاء الرابطة الليبية لحقوق الإنسان. وتنتهز هذه الفرصة لمطالبتكم مجددا ب:
- إجلاء وضع المختفين قسرا جمعة بوفايد وعبد الرحمن القطيرى
- إنهاء المحاكمة غير العادلة وإطلاق سراح سجناء الرأي: الدكتور إدريس بوفايد ورفاقه الذين اعتقلوا فى فبراير 2007
- إجلاء وضع سجين الرأي السيد فتحى الجهمى والسماح لوفد طبى من الرابطة الليبية لحقوق الإنسان بمعاينة السجين وأخذ الخطوات الضرورية للقيام بعلاجه فى مصحات متخصصة.
مع تمنيات الرابطة الليبية لحقوق الإنسان لكم بموفور الصحة ولقضية حقوق الإنسان فى ليبيا التقدم والإزدهار.
الأميــــــــن العــــــــام السيد مصطفى عبد الجليل
وزير للعـــــدل