30 أكتوبر 2003
رغم كل المتغيرات الدولية والإقليمية ورغم الضغوط المتزايدة على النظام داخلياً ودولياً ورغم الضعف والخوار الذي بدأت تظهر علائمه على وجهه إلا أن النظام السعودي لا زالت تأخذه العزة بالإثم ولا زال متمسكاً بسياساته العدوانية الديكتاتورية الظالمة التي بنيت على أساس استعباد الشعب وإبعاده عن ساحة الحياة الإنسانية القويمة .
إن ما جرى على أرض الرياض من اعتقال وقمع ومطاردات للجماهير التي احتشدت معبرة عن احتجاجها على عقد مؤتمر لحقوق الإنسان في بلد تحكمه طغمة من البشر لا ترى للإنسان حرمة ولا كرامة ، ومطالبة باعطاءها ما سلب منها من حقوق .
إن ما جرى لهو صرخة شعب ما زالت تدوي في أصقاع العالم تستغيث وتندب من يرفع عنها الحيف والظلم والاضطهاد الذي حل بها منذ عقود مضت من الزمن ، إن ما جرى نتيجة ضغوط ومآس وجرائم إنسانية أُرتكبت بحق هذا الشعب على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية أودت بشعب كامل ـ يفترض فيه أن يكون بما يمتلك من ثروات مادية وطاقات ومواهب بشرية في مصاف الشعوب المتقدمة المستقلة ـ إلى مستنقعات من التخلف والفقر والظلم والاستعباد والتبعية للأجنبي .
إن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها المشاركون في هذه التظاهرات الذين قوبلوا من قبل ( قوات مكافحة الشغب) بالضرب والإهانة والاعتقال هي خروجهم بشكل سلمي للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم وهو في حد ذاته حق تقره الشريعة الإسلامية وجميع التشريعات الوضعية .
أي مصداقية تبقى للنظام وشعاراته التي يتشدق بها عن تطبيق الشريعة الإسلامية واحترام حقوق الإنسان ، وأي مصداقية تبقى لهذا المؤتمر الذي عقد في الرياض بعد ما جرى من ممارسات تجاه حرية الإنسان وكرامته وعزته يندى لها جبين الإنسانية .
لقد سخر النظام متمثلاً بوزيره قمعه نايف بن عبد العزيز من شعبنا الكريم وحط من قدر هذا الشعب وألغى قيمته الإنسانية عندما اعتبر التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق لا تعبران عن حقيقة ( المجتمع السعودي ) حسب تعبيره ، بل إنه افترى على الإسلام وتعاليمه السامية عندما اعتبر ذلك مخالفاً للقيم الإسلامية ، فأي إهانة للإسلام والقيم الإسلامية قدمها عندما اعتبر من لا يفقه آية من كتاب الله عز وجل أن الديكتاتورية ومصادرة الحريات والاضطهاد وتهميش دور الشعب وسلب الحقوق جزءاً من القيم الإسلامية.
أيتها العصابات المتسلطة بقوة النار والحديد على رقاب شعبنا الأبي أبعدوا كلابكم البوليسية وجمِّدوا أنشطة أجهزتكم القمعية ليوم واحد ودعوا الشعب يختار ما يريد عندها هل ستجدون فرداً واحداً من أبناء الشعب معكم ؟ ، وهل ستصبح لمقولة البيعة والولاء لأؤلي الأمر مصداقية على أرض الواقع ؟ .
إننا ندعوا أصحاب الضمائر الحية والمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم للتضامن مع شعبنا المظلوم في محنته والوقوف معه تجاه هذه الممارسات اللاإنسانية .
كما ندعوا شعبنا العزيز داخل الجزيرة لرفض حالة التهميش ومصادرة الحريات والحقوق ، كما ندعوهم لتكريس مظاهر الحضور الفاعل والحضاري والعادل في التعبير عن الرأي ورفض الظلم والفساد والمطالبة بالإصلاح والتغيير في ظل المتغيرات الكبيرة والتطورات السريعة التي تشهدها بلادنا والعالم أجمع