17/1/2008
يحاول النظام السعودي الموصوف بهزالة سجله القاتم لحقوق الإنسان أن يبرز أمام العالم المتمدن وأمام المحافل الدولية بأنه من المناصرين والمدافعين عن حقوق الإنسان،
إلا أن فشله في تبني سياسة دعم وتعزيز التسامح الديني تجاه الطوائف الدينية الموجودة في البلاد والتي لا تتبع المذهب الرسمي المصرح به رسمياً يكشف زيف إدعاءه. ويبدو أنه واقع تحت ضغط ما يعرف بالمؤسسة الدينية الرسمية التي هي خليط من موظفي دولة ومنظرين للفكر الوهابي الذين يحاولون في كل مناسبة أن يجروا النظام الى معركة عقائدية طائفية لا تخدم البلاد سوى إرضاء طموحات هذه النخبة السلفية المقيتة.
ففي هذه الأيام الحزينة التي يعيشها اتباع مدرسة أهل البيت في المنطقة الشرقية وغيرها من المناطق بمناسبة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وكما هو متوقع فقد قام النظام وبتحريض من المؤسسة الوهابية المذكورة بمضايقة المواطنين الشيعة في عموم البلاد والمنطقة الشرقية بالخصوص وعدم السماح لهم بإقامة مجالس العزاء في هذه الأيام التي لا تقتصر على شيعة شبه الجزيرة العربية وإنما على عموم العالم.
ففي 15 يناير/كانون الثاني قامت سلطات النظام الأمنية المتمثلة بأفراد المباحث العامة وأعضاء ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمضايقة المواكب
الحسينية في قرية الرميلة بالأحساء من خلال قيامهم بتمزيق اللافتات والأعلام التي ترفع هذه الأيام للدلالة على أيام عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وإغلاق بعض مجالس العزاء بحجة عدم أخذ رخصة من السلطات , كما قامت ما تسمى بإدارة البحث الجنائي بمدينة سيهات التابعة لمحافظة القطيف في نفس التاريخ اعلاه بمنع محلات بيع الكتب والتسجيلات الصوتية التي توفر أشرطة صوتية اسلامية والتي يروج تداولها في هذه الأيام الحزينة.
وعلى صعيد آخر، فقد إستمر النظام السعودي باللعب على نفس وتر الطائفية وبشدة وذلك من خلال تركيزه على الجانب ذي الأهمية الكبيرة ألا وهو الجانب (التربوي) , فإنه لا زال يغض الطرف عن سلوك وتصرفات (الأساتذة التربويين) ذوي التوجهات الطائفية في مدارسه العامة وخاصة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية.
ففي 14 يناير/كانون الثاني قامت إحدى المعلمات في مدرسة العوامية الثانوية في القطيف باتهام إحدى الطالبات الشيعيات بالشعوذة عندما اكتشفت بأنها تحمل تربة حسينية وحرز ديني. وعلى أثرها قامت تلك المعلمة مع زميلتها بحملة تفتيش لصفوف المدرسة بحثاً عن مقتنيات دينية شيعية.
واجرت تحقيقاً مطولاً مع الطالبات التي وجدت بحوزتهن تلك المواد.
وفي وقت آخر من هذا الأسبوع، جرى توزيع منشورات وكتيبات تسيء للشيعة ومذهبهم قامت بتوزيعها بعض المعلمات الطائفيات في مدرسة (دارين) في القطيف.
وفي مدرسة الخويلدية المتوسطة في القطيف قام أحد المعلمين السلفيين ممن يتبع الفكر الوهابي البغيض بالتهجم على طلاب المدرسة الذين هم أغلبهم من الشيعة بالسب والشتم وكذلك بالضرب لأسباب طائفية، مما حدى بأهالي الطلاب الى رفع شكوى ضد هذا المعلم لدى مديرية التعليم.
إن ما يعانيه أفراد الطائفة الشيعة في شبه الجزيرة العربية لا يمكن تصوره حيث يؤدي التمييز والاضطهاد الى سلبهم قوتهم وكرامتهم وعزلهم عن باقي شعوب الأرض، كما يؤدي فقدانهم حقوقهم الأساسية التي هي منحة من الله سبحانه وتعالى الى البشر.
إنّ ما يقصر عنه النظام السعودي في حفظ كرامة المواطنين وبالخصوص الشيعة في شبه الجزيرة العربية هي علامة سوداء بارزة في صفحة حكمه المليئة بالمساوئ وانتهاك حقوق الإنسان، ونضعها بإطار بارز أمام المنظمات الإقليمية والدولية وأمام الدول الكبرى التي يتعامل معها النظام السعودي على أساس المصالح المشتركة لعلها تكون بادرة إنسانية من قبل المعنيين بشؤون حقوق الإنسان للضغط على النظام للكف عن مساوءه.