27/9/2007

التصعيد الاسرائيلي الحالي ضد قطاع غزة المتمثل بتزايد جرائم القتل خارج القانون والغارات الجوية المكثفة التي تستهدف الأهداف الفلسطينية المختلفة والاجتياحات المتكررة والمتصاعدة التي يرافقها اعمال التدمير والتخريب للممتلكات الفلسطينية، تأتي تتويجا وتنفيذا عمليا لقرارات ما يسمى بالحكومة الأمنية المصغرة للاحتلال الاسرائيلي المتخذة في 19/9/2007 والتي اعتبرت قطاع غزة كيانا معاديا، مما يترتب عليه بحسب الرؤية الاحتلالية اتخاذ اجراءات عقابية اقتصادية وعسكرية تتمثل في قطاع امدادات الغذاء والوقود والكهرباء اضافة الى تقييد حركة المواطنين من وإلى القطاع، وتصعيد العمليات العسكرية العدوانية ضد ما يربو على مليون ونصف فلسطيني هم سكان القطاع الأغر.

ويتعين التحذير من خطورة تلك القرارات الاحتلالية لما لها من أضرار وعواقب وخيمة على ابناء الشعب العربي الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة. فالاحتلال ومن خلال إعتباره القطاع كيانا معاديا، يسعى الى إضفاء صفة قانونية للتصعيد العدواني الذي ينوي القيام به، ويحاول اقناع الرأي العام الدولي ان ما يقوم به من عدوان صارخ ضد ابناء الشعب الفلسطيني هناك، ما هو الا أحد أشكال الدفاع عن النفس ويأتي في اطار التصدي لخطر الصواريخ الفلسطينية التي تطلق من هناك. ويجدر التذكير هنا الى ان البروتوكول الأول الإضافي لمواثيق جنيف، لسنة 1977، ينص على أنه “لا يجب أن يتعرض السكان المدنيون بحد ذاتهم، ولا المدنيون الأفرد، لهجوم. إن أفعال العنف أو التهديدات بها والتي غرضها الأساسي نشر الرعب بين السكان المدنيين محظورة.” وعلى رغم من عدم مصادقة اسرائيل على هذا البروتوكول الا ان حظر الهجمات على المدنيين معترف به بعامة كقانون عرفي ويطبق بغض النظر عن المصادقة.

هذا وتنص المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة، على أن “للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم. ويجب معاملتهم في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحمايتهم بشكل خاص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير..” كما تعتبر الأعمال العدوانية التي تقوم بها قوات الاحتلال عقابا جماعيا للشعب الفلسطيني وذلك في تعارض مع المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. كما أنه وبحسب النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الجديدة الذي أقر سنة 1998، يعتبر القائد العسكري مسؤولاً عن الجرائم التي “عرفها أو كان يجب أن يعرفها”، في تلك الظروف، وفقط عن تلك الجرائم التي ارتكبتها قوات تعمل تحت “إمرته ورقابته الفعالة”. ويكون مسؤولاً “إذا أخفق باتخاذ كل التدابير الضرورية والمعقولة” لمنع وكبح مثل تلك الجرائم التي كان المرؤوسون “يرتكبونها أو على وشك ارتكابها” أو لإخفاقه في إعلام السلطات المعنية بتلك الجرائم.

وعليه، فانه يلقى على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية التدخل الفعلي للتصدي للاحتلال ومنعه من اقتراف المزيد من جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم. كما أنه يلقى على عاتق الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، – اسرائيل طرف فيها – التعهد باحترام الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال. والالتزام بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية. هذا مع العلم ان تلك المخالفات تعتبر جرائم حرب بحسب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة.

ورغم كل ذلك، فلا يتوقع من الاحتلال ان يرتدع ويتراجع عن نواياه العدوانية المبيتة ضد قطاع غزة، وذلك نظرا للحماية والتأييد الدبلوماسي اللا محدود والذي يتلقاه من الولايات المتحدة الأميركية في المحافل الدولية، إضافة الى ردود الفعل العربية والدولية الباهتة ازاء جرائم الاحتلال، الأمر الذي يفسره الساسة الاسرائيليون على انه ضوء أخضر لمواصلة العدوان. وعليه فلا مناص من تركيز الجهود على المنظمات الأهلية الدولية حتى تحرك الشارع للضغط على الحكومات حتى تشجع على اتخاذ اجراء عملي ضد مجرمي الحرب الاسرائيليين.